٩٧ - (١)
شعر الزنج
أبو الجعد المعروف بشعر الزنج؛ وكان وقادًا ببغداد، قصته طويلة وأمره عجيب، اقتضت (٢) به الحال في تصرفاته إلى أن صار وقادًا في أتون حمام:
عشق غلامًا من أبناء بغداد، وقال الشعر فجوده، واشتد كلفه بالغلام، وكان الغلام ظريفًا مغرمًا بالتفاح لا يكاد يفارقه في أوانه، فجاء يومًا شعر الزنج فقعد بإزاء الغلام، وبيد الغلام تفاحة وهو يقلبها تارة ويشمها تارة، ويدنيها من خده تارة ومن فيه تارة، فقال شعر الزنج:
تفاحة أكرمها ربها ... يا ليتني لو كنت تفاحه
تقبل الحب ولا تستحي ... من مسكه بالكف نفاحه
تجري على خديه جوّالةً ... نفسي إلى شمك مرتاحه فلما سمع الغلام ذلك رمى بها في الطريق، فأخذها شعر الزنج، واشتد كلفه بالغلام واشتد إعراض الغلام عنه، فعمد شعر الزنج إلى تفاحة حمراء عجيبة فكتب عليها بالذهب:
أني لأعذركم في طول صدكم ... من راقب الله أبدى بعض ما كتما
لكن صدودكم يؤذي لمن علقت (٣) ... به الصبابة حتى ترجع الكلما ورمى بالتفاحة إلى الغلام، فقرأ ما فيها ثم قام ودخل بيته فأبطأ وعاد
(١) الوافي والزركشي: ٨٢.
(٢) كذا في ص، والأصوب: أفضت.
(٣) ص: عقلت.