٨٠ - (١)
بكر بن النطاح
بكر بن النطاح الحنفي، قيل هو عجلي، كان شاعرًا حسن الشعر كثير التصرف فيه، وكان صعلوكًا يقطع الطريق ثم اقصر عن ذلك، وكان كثيرًا ما يصف نفسه بالشجاعة والإقدام، وهو القائل:
هنيئًا لإخواني ببغداد عيدهم ... وعيدي بحلوانٍ قراع الكتائب وأنشدها أبا دلف، فقال له: إنك لتصف نفسك بالشجاعة، ما رأيت عندك لذلك أثرًا (٢)، فقال أيها الأمير، وما ترى عند رجل حاسر أعزل؟ فقال: أعطوه سيفًا ورمحًا ودرعًا وفرسًا، فأعطوه ذلك أجمع، فأخذه وركب الفرس وخرج على وجهه، فلقيه مال لأبي دلف يحمل إليه من بعض ضياعه فأخذه وجرح جماعة من غلمانه فهربوا وسار بالمال، فلم ينزل إلا على عشرين فرسخًا، فلما اتصل خبره بأبي دلف قال: نحن جنينا على أنفسنا وكنا أغنياء عن إهاجته، وكتب إليه بالأمان (٣) وسوغه المال وأمره بالقدوم عليه، فرجع ولم يزل معه يمدحه حتى مات.
وكان قد لحق أبو دلف إنسانًا قد أردف آخر خلفه، فطعنهما فشكهما بالرمح، فتحدث الناس في ذلك، فلما عاد دخل عليه بكر بن النطاح فأنشده:
قالوا أينظم فارسين بطعنةٍ ... يوم اللقاء ولا يراه جليلا