فحينما تتفرق أجزاء البدن تبطل الصور والكيفيات ويتصل جوهره إلى كلية
~~الأجرام.
وأما الثالثة: فلما كانت مجردة غير مقدرة، فليس لها فساد ولا امتزاج،
~~فيجب أن تعود حين المفارقة إلى الأصل الذي بدأت منه بطريق المجاورة، لأن
~~المجردات والأنوار القدسية لها مقام معلوم لا تتخطاه إلى غيره كما قال
~~تعالى عنهم: * (وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون) * (1) وإن
~~شئت زيادة الاستبصار في هذا المنهاج فاعتبر بحكاية المعراج وعدم تجاوز
~~جبرئيل مقامه في سلوك السبيل (2).
وأما الرابعة: فلما لم يكن لها ولادة ولا يعتريها فساد فلا عود لها إلا
~~بالكمال إلى العقل الذي بدأت هي منه، بأن تصير عقلا محضا في اليوم الذي
~~برزت فيه البواطن، ورجعت الفروع إلى الأصول الكوامن، وحشرت وحوش الجزئيات
~~المتفرقة في بوادي الأمكنة وقوافل الأزمنة إلى أرض الكليات، وعادت
~~المعلولات إلى عللها الثابتات.
وبالجملة: هذه النفس الرابعة هي التي نحن بصدد شرحها في هذا الخبر.
قوله: " منه بدأت " بالهمزة في النسخ بمعنى ابتدأت ونشأت، والظاهر أن
~~يكون بغير همزة بمعنى ظهرت.
قوله: " وعنه دعت " أي تلك النفس الملكوتية عن جانب العقل دعت الأنفس إلى
~~رضوان الله الأكبر حيث بعثها رسولا إلى أمم النفوس والأشباح، يتلو عليهم
~~آيات الله في المساء والصباح، من إحداث بديع وإظهار شؤون في كل صنيع،
~~وتزكيتهم بالتنقلات في الأحوال ليتحدسوا
Shafi 114