إذ النفس فعلها في المادة، فلا تكون المادة فعلا لها ولا هي تسبقها، وكذا
~~المادة، إذ لا يتأتى منها أصلا، والصورة إنما وجودها بالمادة، فكيف تكون
~~فاعلة لها؟! والجسم متأخر عن المادة والصورة، فلا يكون شيء منها بأول صادر
~~عن المبدأ، فبقي أن يكون العقل هو الصادر الأول، فلو لم يكن العقل كل
~~الأشياء يلزم من صدوره عنه تعالى أن يكون له سبحانه جهة خصوصية بالنسبة
~~إليه دون ما سواه، وقد استحال ذلك كما قلنا فوجب من ذلك بالضرورة أن يكون
~~هو كل الأشياء.
وهذا برهان شريف على وحدة العقل مع تكثره بوجه ما، وقد تفردت بفهمه عن
~~الله تعالى، إلا أني بعد ذلك وجدت في كلام المعلم الأول ما يمكن أن يرجع
~~إلى هذا، وهو قوله في اثولوجيا بعد سؤال وكلام: فلما كان - أي المبدأ الأول
~~- واحدا محضا انبجست منه الأشياء (1) انتهى.
وبالجملة: ليس الكثرة التي نقولها في العقل كالكثرة التي هناك، حاشاه من
~~ذلك، بل هو في كمال البساطة وأجمع الجمعية وأشد الوحدانية، وإنما الكثرة
~~ليست في ذات العقل، بل كثرة بعد الذات، وأما البارئ القيوم فلا كثرة عنده
~~أصلا لا في الذات ولا مع الذات ولا بعد الذات وذلك من
Shafi 102