من حيث هو سائل مقام الخضوع للتعلم، فاللائق به التدرج من المقام الأدنى
~~إلى الأعلى، ولأن الشائع في السؤال الابتداء بالأسهل إلى أن ينتهى إلى
~~الأعضل، وللمجيب من حيث إنه مجيب مقام الاستعلاء للتعليم، فكأنه يجئ من
~~العلو فيخبر عن مقام العقل والعالم العلوي إلى المرتبة النفسية والعالم
~~السفلي، فلهذا أجاب الإمام عليه السلام أولا عن الحقائق البدوية، ثم أجاب
~~عن الكفر والإيمان اللذين هما من الأعراض والصفات النفسانية، وأيضا الأنسب
~~في التعاليم تقديم الموجز على المفصل كما لا يخفى.
كفر بالله: اعلم أن هذا الكفر وقسيمه هو للخواص، وليس من كفر العوام، بل
~~المتوسطين في شيء، فللكفر دركات لا تحصى كما أن للإيمان درجات لا تتناهى،
~~وقد عبر عن تلك المراتب بالأجزاء في الأخبار (1) فافهم.
ثم بعد ما تعرفت من معنى الكفر اللغوي اعلم أن الكفر بالله هو اعتقاد أن
~~الله عز برهانه غيب ما ظهر قط، وهذا هو القدر المشترك بين طبقات الكفر،
~~لأنه يشتمل على كونه سبحانه منفيا مطلقا أو غيره:
فمنها: القول بالنفي والتعطيل (2).
ومنها: القول بالوجود، وأنه الظاهر بمعنى كون مصنوعاته ظاهرة تدل عليه
~~(3) فهو الظاهر بواسطة الدلالات والعلامات، وهذا من قبيل قول بعضهم: إن
~~الكلي موجود بمعنى كون أفراده موجودات (4).
والقائل به وإن كان في زمرة المسلمين لكنه كفر خفي عند العارفين،
Shafi 64