ومنها قولهم: اللهُمَّ إلاّ أَنْ يكونَ كذا، ونحوه أقول: أصله: يا الله، حُذِفَ حرف النداء وعُوِّضَ عنه الميم للتعظيم والتفخيم، ولا تدخل عليها (يا)، فلا يُقالُ: (يا اللهُمَّ) إلاّ شذوذًا في الشعر، كما قالَ ابن مالك (٤٤): والأكثرُ اللهُمَّ بالتعويضِ وشَذَّ يا اللهُمَّ في قريضِ ثُمّ الشائعُ استعمالها (٤٥) في الدعاء، ولذا قال السلف (٤٦): اللهُمَّ مجمعُ الدعاء. وقال بعضهم: الميم في قول (اللهم) فيه تسعة وتسعون اسمًا من أسماءِ الله تعالى. وأوضحه بعضهم بأنّ الميم تكون علامة للجمع، لأنّك تقول: (عليه) للواحد، و(عليهم) للجمع، فصارت الميم في هذا الموضع بمنزلة الواو الدالة على الجمع في قولك: (ضربوا) و(قاموا) فلمّا كانت كذلك زيدت في آخر اسم الله تعالى لتشعر (٤٧) وتؤذن بأنّ هذا الاسم قد جُمعت (٤٨) فيه أسماء الله تعالى كلّها. فإذا قالَ الداعي: اللهُمّ، فكأَنّه (٤٩) قال: يا الله الذي له الأسماءُ الحُسنى. قال: ولاستغراقه أيضًا لجميع أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته لا يجوز أنْ يوصف لأنها قد اجتمعت فيه، وهو حجّةٌ لما قالَ سيبويه (٥٠) في منعِهِ وَصْفَهُ. انتهى.
_________
(٤٤) شرح ابن عقيل على الألفية ٣ / ١٢. وابن مالك جمال الدين محمد، ت ٦٧٢ هـ. (تذكرة الحفاظ ١٤٩١، فوات الوفيات ٣ / ٤٠٧) .
(٤٥) (: استعمالها. وينظر في (اللهم): معاني القرآن ١ / ٢٠٣، الزاهر ١ / ١٤٦، الإنصاف ٣٤١.
(٤٦) م: بعض السلف. وبعدها في: ﵏.
(٤٧) من (، م. وفي الأصل: تشعر.
(٤٨) (، م: اجتمعت.
(٤٩) من (، م. وفي الأصل: فكأّن.
(٥٠) الكتاب ١ / ٣١٠. وسيبويه أبو بشر عمرو بن قنبر، ت ١٨٠ هـ. (طبقات النحويين واللغويين ٦٦، نور القبس ٩٥) .
1 / 29