الفوائد البهية في تراجم الحنفية
تأليف
العلامة أبي الحسَنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي
عنى بتصحيحه وتعليق بعض الزوائد عليه
السيد محمد بدر الدين أبو فراس النعساني
دار الكتاب الإسلامي
Shafi da ba'a sani ba
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي اختار في الأنبياء نبينا محمدًا ﷺ * وشرفه على سائر المخلوقات وعظم وكرم * وجعل أمته أشرف الأمم * ودينه من بين سائر الأديان دينًا أقوم * فسبحانه من إله أحمده حمدًا مطيبًا على أن أجرى أنهار الشرع من حضرة الرسالة إلى أكناف العالم * وجعل لحفرها وأجرائها أئمة سادة وفقهاء قادة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين هداة الأمة إلى الطريق الأمم * ما أعظم شأنه أشكره شكرًا طيبًا على أنه جعل اختلاف المذاهب رحمة وافتراق المشارب نعمة بأيها اقتدى الإنسان اهتدى إلى طريق الجنان ونال بحظ أعظم * أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله ومشى طريقه ما تقارن السفر والقلم * وتواصل الناعم بالنعَم (وبعد) فيقول الراجي عفو ربه القوي أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي أن في علم التاريخ عبرة لمن اعتبر وموعظة لمن افتكر وإعلام أن من دخل دار الدنيا فهو على سفر وإحضار حالات من مضى وغبر ونداءً على أن كل ما في هذه الدار فهو مقهور تحت القضاء والقدر لا يتأخر ساعة ولا يتقدم لمحة عن وقته المقدر فهو أجل ما يطالعه أرباب العقول وأعز ما ينفع به الجهول وأفضل ما يعاينه نقاد الفحول وأعلى ما تبصر به الغَفول وله شعب متفرقة وصنوف متشتتة وأجلها فن تراجم الكبار وأخبار الأخيار ففيه غير ما مضى فوائد جمة ومنافع مهمة منها الاطلاع على مناقبهم وأوصافهم ونباهتهم وجلالتهم ليحصل التأدب بآدابهم والتخلق بأخلاقهم فيحشر في زمرتهم ويدخل فيهم وإن لم يكن منهم ومنها الاطلاع على مراتبهم ومدارجهم فيؤمن به من تنزيل أعلى الرتبة إلى الأدنى وتعريج أدنى المرتبة إلى الأعلى واختيار قول أدناهم على أعلاهم عند تعارض أقوالهم وإفاداتهم ومنها الاطلاع على مواليدهم وأعصارهم ووفياتهم وأزمانهم فيحصل الأمن من جعل القديم حديثًا والحديث قديمًا والمتقدم متأخرًا والمتأخر متقدمًا ومنها الاطلاع على آثارهم وحكاياتهم وفيوضهم وتصنيفاتهم فيتحرك عرق الشوق إلى الاهتداء بهديهم والاقتداء بسيرهم ولم أزل من حين ترعرعت من الصبا إلى الشباب متشوقًا إلى استدراك أخبار العلماء الأنجاب كم طالعت فيه من كتب الطبقات وأسفار حوادث السنين والأوقات إلى أن حصل عندي من ذلك الحظ الأَوفر واختزن منه القدر الأكثر فأردت أن أجمع ذلك في مجموع يكون هو منتهى الجموع لما أني رأيت علماء زماننا بل كثيرًا ممن سبقنا في بلادنا قد ظنوه شيئًا فريًّا واتخذوه ظهريًّا فصار ذلك عليهم كنزًا مخفيًّا بل نسيًا
1 / 2
منسيا فوقعوا بذلك في الورطة الظلماء وركبوا متن عمياء تراهم لا يعلمون أعلام الاعلام المذكورين في دفاتر الكرام فضلا عن أحوالهم وصفاتهم وفضلا عن مواليدهم ووفياتهم إذا سئلوا عن فقيه مذكور في الكتب بلقبه أو بنسبته أو مشهور بنسبه أو بوصفه ما اسمه وكيف رسمه وأي السنة عصره وأي البلد مقره ترددوا في ذلك تردد البهائم وتفكروا تفكر البهائم تراهم ينسبون في رسائلهم تصنيف فقيه إلى غيره ولا يميزون بينه وبين غيره لاسيما إذا اتحدت الأعلام والألقاب أو الأعصار والأنساب تراهم إذا وقع التعارض بين أقوال العلماء يقدمون الأدنى على الأعلى وينزلون الأعلى إلى الأدنى لا يميزون بين المعروف والمجهول والمردود والمقبول ولا يفرقون بين الغيث والثمين والشمال واليمين ثم بدا لى أن الهمم قاصرة والخواطر فاترة والعزائم مقتصرة والقلوب منكسرة إذا رأوا كتابًا كبيرًا تقاعدوا عن مطالعته وحرموا من بركته فالأهم إفراد الأهم فالأهم فصرفت عنان العزيمة إلى جمع تراجم الحنفية خصهم الله بألطافه الجلية والخفية فإن الحاجة إليها لأصحابنا أكثر والاحتياج إليها في بلادنا أظهر والأكابر وإن صنفوا في أحوالهم الدفاتر فمنهم من أفردهم كعبد القادر القرشي والمجد الشيرازي وقاسم بن قطلوبغا والقطب المكي وعلي القارى وغيرهم ومنهم من خلطهم بغيرهم كالجلال السيوطي والحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني والشمس السخاوى والقطب اليافعي ومحمد بن فضل الله المحبي وغيرهم لكنها في أكثر بلادنا مفقودة وتحت حجب الاختفاء مقهورة ورأيت أني لو جمعتهم في كتاب واحد حسب ما وصل إليه علمى من زمان الإمام إلى هذا العصر واحدًا بعد واحد يصير المجموع أكبر لا ينتفع به إلا الأندر. فأحببت أن أفرقهم في كتب متعددة ورسائل منفردة ليتيسر الانتفاع بها ولا يتعسر الاستفادة منها فأفردت لمن له ذكر في الهداية وهو من الكتب المعتبرة عند أرباب الهداية رسالة سميتها بمقدمة الهداية ثم جعلت له ذيلا مسمى بمذيلة الدراية وأفردت لتراجم شراح الجامع الصغير وأرباب المتون المشهورة وأصحاب الكتب المعروفة رسالة سميتها بالنافع الكبير لمن يطلع الجامع الصغير وذكرت من له أو لكتابه ذكر في شرح الوقاية مع ذكر شراح الوقاية ومحشي شرح الوقاية وشراح النقاية في مقدمة شرحي لشرح الوقاية المسمى بالسعاية في كشف ما في شرح الوقاية * وهذه الرسائل قد اشتملت على تراجم كثير من العلماء الشافعية وغيرهم بل وكثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ثم ظفرت بطبقات الكفوي المسماة بكتائب أعلام الأخيار (١) لمحمود بن سليمان الكفوي فوجدته أحسن كتاب
_________
(١) كانت وفاته على ما في كشف الظنون سنة ٩٩٠ وذكر هو بنفسه في كتاب أعلام الأخيار في بدء الكتيبة الأولى أنه اخذ العلم عن السيد محمد عبد القادر وعن عبد الرحمن بن على وعن محمد بن عبد الوهاب ولهم أساتذة كثيرة فابن عبد القادر تلميذ نور الدين القره صوى تلميذ سنان باشا يوسف بن خضر بيك تلميذ أبيه وعبد الرحمن أخذ عن سعد الله بن عيسى بن أمير خان وهو عن محمد بن حسن السامسوني عن أبيه عن إلياس بن يحيى بن حمزة عن محمد بن محمد بن محمود الحافظي الشهير بخواجه =
1 / 3
صنف في هذا الباب فيه فوائد كثيرة نافعة لأولى الألباب قد ذكر فيه مشاهير الحنفية من عصر الإمام إلى عصره مع ذكر سلاسل تلامذتهم ووفياتهم ومواليدهم وتصنيفاتهم وآثارهم وحكاياتهم وأورد في ترجمة كل فقيه فوائد من تصانيفهم وفرائد من تآليفهم ورتبه على كتائب عديدة وأورد في كل كتيبة تراجم جماعة غفيرة وختم كل كتيبة بذكر جماعة من الأولياء والصلحاء الذين بذكرهم تنزل الرحمة وتندفع القسمة فلخصت من كتابه تراجم الفقهاء من دون حذف ما يتعلق بها حاذفا الفوائد التي لا تتعلق بها وتركت ذكر الأولياء والصلحاء لما أن التصانيف في أحوالهم قد كثرت والدفاتر في أخبارهم قد اشتهرت * ثم زدت معلمًا بقولى قال الجامع بعد الفراغ من التلخيص من كتب أخر صنفت في هذا الباب من الفوائد التي يستحسنها أولو الألباب فالترجمة التي ليس فيها قال الجامع فهي من الأصل وما هو فيها فقبله من الأصل وبعده من هذا الجامع ورتبت التراجم على حروف المعجم ليكون الانتفاع أسهل والتحصيل أكمل وبدأت بمقدمة فيها ما يفيد البصيرة وختمت بخاتمة فيها فوائد جليلة وسميت هذا المجموع (بالفوائد البهية في تراجم الحنفية). وكان الفراغ من تلخيص الأصل في مدة شهر واحد وهو شهر جمادي الآخرة من شهور السنة الحادية والتسعين بعد الألف والمائتين حين إقامتي بالوطن حفظ عن شرور الزمن والفراغ من تهذيبه وترتيبه في مدة أربعة أشهر من شهور السنة الحادية والثانية بعد التسعين
_________
= بارسا عن محمد الطاهرى عن صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود وابن عبد الوهاب أخذ عن أحمد بن سليمان الشهير بابن كمال باشا تلميذ مصلح الدين القسطلاني تلميذ خضر بيك تلميذ محمد بن ادمغان تلميذ شمس الدين محمد الفنارى تلميذ أكمل الدين محمد البابرتي انتهى ملخصًا. وقال في ترجمة محمد بن عبد القادر كان الفقير من أصحاب درس الهداية وكان المرحوم بدر الدين محمود السيرافي من شركاء درسنا ويحضر درسنا أيضًا أكبر أولاده مصطفى مات شابا مدرسًا ببرسا سنة ٩٦٢ ثم كان يحضر أصلح أولاده محي الدين محمد جلبي بن الشيخ محمد جوي زاده وقد وصلت إلى خدمته من خدمة الفاضل عبد الرحمن جلبي فقرأت عليه نبذًا من الهداية ثم التلويح ثم في سنة ٩٥٩ دخلت في سلك الملازمين انتهى * وقال في ترجمة ابن الهمام اعتنى ابن الهمام بشرح الهداية لكنه لم يوفق للتكميل ثم اعتنى بتكميله أستاذنا مرجع الأعلام منبع الفضائل والمفاخر المفتى يومئذ في الممالك العثمانية شمس الدين أحمد بن القاضي بدر الدين ولقد كنت في سالف الزمان في مدرسة مراد خان ببروسا قرأت عليه وكان مدرسًا فيها شرح المفتاح وكتب هو حاشية على شرح المفتاح انتهى وذكر في ترجمة أبي بكر بن الحاج خير الدين الكفوى أن أول سفره من بلدة كفو إلى قسطنطينية في عنفوان الشباب سنة ٩٤٩ وذكر في ترجمة الكورانى أنه كان مدرسًا في سنة ٩٦١ بمدرسة الكوراني في قسطنطينية بعشرين درهما كل يوم وذكر في ترجمة طاهر بن قاسم أن من تصنيفه كتاب الجواهر طالعه ببلدة سينوب حين ابتلائه بقضائها وذكر في آخر الطبقات أن عمره حين صنفه ستون سنة
1 / 4
حين إقامتي بحيدر آباد الدكن نقاها الله البدع والفتن * وقد بذلت فيه جهدى وصرفت فيه وسعي * أوردت الاختلاف الواقع في المواليد والوفيات ووضحت مازل فيه قدم الكفوي وغيره من العلماء في نسبة التصنيفات. وأوضحت توثيق قدماء فقهائنا أو تضعيفهم في الرواية من كتب أصحاب الدراية * وضبطت نسب الفقهاء من كتب الأنساب وبينت ما وقع فيه من الأصحاب. وحققت ما وقع في البين من ذكر المسائل ووقعت الدلائل كم سهرت لهذا الجمع في ظلم الدياجر واحتملت المشقة في ظمأ الهواجر * وليس غرضي من ذلك أن يدرج اسمي في المؤلفين ويشتهر ذكرى في العالمين بل مقصودي به وبسائر تصانيفي أن يحصل العلم لمن لا يعلم ويكون وسيلة لي إلى دار النعم ولئن أمهلني الله في العمر لأجمع ذكر من لم يذكر في هذا المجموع في مجموع آخر يكون للعلماء نافعًا وللفضلاء كافيًا أن شاء الله تعالى والله أسأل أن يجعله وسائر تصنيفاتي خالصة لوجهه الكريم أنه ذو الفضل العظيم * والمرجو ممن ينتفع بهذا المجموع أن يدعو لي بحسن الخاتمة في الدنيا والآخرة
* * *
[المقدمة]
اعلم أن ذات نبينا محمد ﷺ كمنبع العيون جرت منه أنهار الفنون وأول من أجراها وحفرها هم الصحابة المهديون لاسيما الخلفاء الراشدون وهم في العلوم كالنجوم بأيهم اقتديت اهتديت وهم ورثة النبي ﷺ حقًا ونوابه في إشاعة الدين صدقا ثم جرت منهم إلي مستفيديهم وتابعيهم ومنهم إمامنا الأعظم ومقلّدُنا المقدم أبو حنيفة النعمان بن ثابت على ما هو الأصح الثابت ومنهم إلى اتباع التابعين ثم إلى اتباعهم من الأئمة المجتهدين ثم إلى مقلديهم من الفقهاء والمحدثين ولا يزال هذا الانتظام إلى قيام يوم الدين وكلهم قد أولعوا في إشاعة العلوم وإفاضتها على أرباب الفهوم تذكيرًا وتصنيفًا وترصيفًا وتحديثا فرحمهم الله رحمة واسعة وأفاض عليهم سحب النعم الكاملة فلولاهم لما اهتدينا ولبقينا على ما كنا (واعلم) أنه ليس الأمر كما يظنه الجاهل الفاسد ذو العقل الكاسدان اختلاف الصحابة ومجتهدى الأمة قد أشكل الأمر وجعل الأيسر أعسر بل الأمر أن اختلافهم صار رحمة لهذه الأمة قد جعل الدين يسرًا وأزال عنه عسرًا أو لا يعلم أنه لو تبع من منبع نهر واحد هل يكون الأمر فيه أسهل أم فيما إذا نبع من المتعدد * فهذه المذاهب المختلفة للأئمة ومجتهدى الأمة كلها تتصل بأنهار الصحابة وهي متصلة بمنبعها وهو حضرة الرسالة فكلها على هدى من اقتدى بأيها اهتدى ومن توهم أن واحدًا منها على هدى وسائرها في ضلالة وقع في حفرة الضلالة (واعلم) أنه قد كثر في هذه الأمة المجتهدون ولهم جماعة مقلدون كلهم قد صرفوا أوقاتهم في إجراء أنهار الشريعة وبذلو جهدهم في تحقيق الطريقة القويمة بل لا يخلو مائة من المئات من المجددين يهتدي بهم طائفة من المقلدين بل ولا عصر من الأعصار عن جماعة المجتهدين في أقطار الأرضين وإن كانوا في الظاهر
1 / 5
من المقلدين وهذا من كمال فضل الله سبحانه على العباد يجب شكره في كل وقت على العباد بهم يهتدون ويرزقون ويمطرون ويرشدون. إلا أن من اشتهرت مذاهبهم ودونت مشاربهم وحققت مسالكم ووضحت دلائلهم وحصل لهم القبول من أرباب العقول في أطراف الأرضين مع مرور الشهور وكرور السنين هم أربعة أبو حنيفة الكوفي ومالك وأحمد والشافعي. وأولهم الأول ويعاصره الثاني وقيل قد روى الأول شيئًا عن الثاني وقيل بل الثاني تلميذ الأول. والثالث تلميذ الرابع. والرابع تلميذ الثاني ولبعض تلامذة الأول. وأما باقي المجتهدين ممن تقدمهم أو تأخرهم فمنهم من لم توجد له الاتباع ولم يكمل به الانتفاع ومنهم من ظهرت له طوائف مقلدة وانتشر مذهبه في الأسفار المدونة لكن قد اندرس ذلك في مدة قليلة ولم يبق له أثر وخبر من أزمنة كثيرة. ومن هاهنا قال من قل لا سبيل إلى السلوك على غير هذه المسالك الأربعة لكنه منازع في ذلك منازعة مبرهنة. ثم إن الناس أكثرهم أخذوا بهذه المذاهب وقال من تبع غيرها من المشارب. فشاع مذهب أحمد في نواحي بغداد وشيوعه دون شيوع باقي المذاهب في البلاد. وشاع مذهب مالك في بلاد المغرب وبعض بلاد الحجاز. وشاع مذهب الشافعي في أكثر بلاد الحجاز واليمن وبعض بلاد الهند وبعض أطراف بلاد الدكن وبعض أطراف خراسان وتوران. وشاع مذهب أبي حنيفة إلى بلاد بعيدة ومدن عديدة كنواحي بغداد ومصر والروم وبلخ وبخارا وسمرقند وأصبهان وشيراز وأذربايجان وجرجان وزنجان وطوس وبسطام واستراباد ومرغينان وفرغانة ودامغان وخوارزم وغزنة وكرمان وأكثر بلاد الهند والسند والدكن وبعض بلاد اليمن وغيرها من الأطراف الشاسعة والأكناف الواسعة. وكلهم نشروا علوم أئمتهم إملاء وتدريسًا وتصنيفًا وتأليفًا. ولا يزال هذا الانتظام إلى أن يظهر المجتهد المطلق آخر أئمة الحق الإمام المهتدي محمد ابن عبد الله المهدى ويزل عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فيبطل في زمنهما الاتباع والتقليد ويظهر حكمهما بطريق الأخذ من الكتاب والسنة والاستنباط من مشكاة النبوة على الرأي السديد. نص عليه جماعة من المحققين ومؤيدى الدين المتين في دفاترهم وأسفارهم كان حجر العسقلاني والجلال السيوطي ومحمد بن عبد الرسول البرزنجي وعلى القارى والشيخ محيي الدين بن عربي. وأما قول بعض المجهولين والمتعصبين أن عيسى والمهدى يقلدان الإمام أبا حنيفة ولا يخالفانه في شيء من طريقه فهو من الأقوال السخيفة نص عليه أرباب الشريعة والحقيقة بل هو رجم بالغيب بلا شك ولا ريب (واعلم) أن مقلدة الأئمة الأربعة اشتهروا بالانتساب إلى حضرات مقلديهم العلية كالحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية ليحصل التمييز بينهم ويفترق أحدهم عن ثانيهم وفي الحقيقة كل طائفة منهم محمدية فإن تقليدهم أئمتهم والسلوك على مسلكهم سلوك على طريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واغتراف من ذلك المنبع الأعظم فمن استنكف عن هذه النسب الشهيرة وجعلها مخالفة للشريعة فقد خبط خبط عشواء وركب متن عمياء وجَهل وجهَّل وضل وأضل (واعلم) أنهم قسموا أصحابنا الحنفية على ست طبقات. الأولى طبقة المجتهدين في المذهب
1 / 6
كأبي يوسف ومحمد وغيرهما من أصحاب أبي حنيفة القادرين على استخراج الأحكام من القواعد التي قررها الإمام. والثانية طبقة المجتهدين في المسائل التى لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف والطحاوى والكرخي والسرخسي والحلواني والبزدوى وغيرهم وهم لا يقدرون على مخالفة إمامهم في الفروع والأصول لكنهم يستنبطون الأحكام التى لا رواية فيها على حسب الأصول. والثالثة طبقة أصحاب التخريج القادرون على تفصيل قول مجمل وتكميل قول محتمل من دون قدرة على الاجتهاد. والرابعة طبقة أصحاب الترجيح كالقدورى وصاحب الهداية القادرون على تفضيل بعض الروايات على بعض بحسن الدراية. والخامسة طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين القوى والضعيف والمرجح والسخيف كأصحاب المتون الأربعة المعتبرة. والسادسة من دونهم الذين لا يفرقون بين الغث والسمين والشمال واليمين. هذه قسمة شهيرة وفيها أنظار خفية قد ذكرتها مع أصناف القسمة في الفصل الأول من النافع الكبير. وهو بل كل ما ذكرته في ذلك الفصل يصلح أن يقدمه هاهنا لكن لما ذكرناها هناك أغنانا عن ذكرها هاهنا فليرجع إليه
* * *
(حرف الألف)
(إبراهيم بن إسماعيل) بن أحمد بن إسحاق بن شيث بن الحكم أبو إسحاق ركن الإسلام الزاهد المعروف بالصفَّار أبوه وجده وجد أبيه كلهم من أفاضل الحنفية. وهو تفقه على والده مات ببخاري في السادس والعشرين من ربيع الأول سنة ٥٣٤ أربع وثلاثين وخمس مائة وله تصانيف منها كتاب تلخيص الزاهدي وكتاب السنة والجماعة وأخذ عنه جماعة منهم فخر الدين قاضيخان الحسن بن منصور بن محمود الأوزجندي (قال الجامع) يأتي ذكر جده إسحاق بن شيث وجده أحمد بن إسحاق وأبيه إسماعيل وابنه حماد. وذكر السمعاني (١) وفي كتاب الأنساب عند ذكر الصفار أنه بفتح الصاد المهملة وتشديد الفاء
_________
(١) هو تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني المروزي الشافعي صاحب كتاب الذيل لتاريخ بغداد وتاريخ مرو وطراز المذهب في آداب الطلب وكتاب الأنساب وتحفة المسافر والمناسك والتحبير في المعجم الكبير والأمالى وغير ذلك توفي في غرة ربيع الأول سنة ٦٦٢ كذا في الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل لمجير الدين الحنبلى وكتاب الأنساب للسمعاني الذي نقلنا عنه في كتابنا كثيرًا كتاب نفيس جامع لذكر البلاد الواسعة والديار الشاسعة والقرى المعروفة والقبائل المشهورة مع ضبطها وتراجم من نسب إليها وقد طالعته بتمامه وانتفعت به ولعمري لم يصنف في الإسلام مثله ومع ذلك هو قابل لأن يزاد عليه ويضم ما فاته إليه وسيأتي ذكر نسبة السمعاني وتراجم والده وأعمامه وجده عند ترجمة والد جده محمد بن عبد الجبار السمعاني وفي مرآة الجنان لليافعي في حوادث سنة ٥٧٢ فيها توفي تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم السمعاني ذكره الشيخ عز =
1 / 7
في آخره راء مهملة يقال لمن يبيع الأوانى الصفرية. ثم قال من جملة المشتهرين به بعد ما ذكر إسماعيل وابنه أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الصفار المعروف بالزاهد الصفار كان إمامًا ورعًا زاهدًا مثل والده في قمع السلاطين وقهر الملوك حمله السلطان سنجر بن ملك شاه إلى مرو وأسكنه إياها وحدث عن أبيه وأبي حفص عمر بن منصور بن حبيب الحافظ وأبي محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن وطبقتهم. محدث عنه جماعة وكانت وفاته ببخارى انتهى كلامه. وقال على (١) القارى في كتابه الأثمار الجنية في طبقات
_________
= الدين أو الحسن على بن الأثير الجزري في مختصره فقال كان السمعاني واسطة عقد البيت السمعاني وعينهم الباصرة ويدهم الناصرة إليه انتهت رياستهم وبه كملت سيادتهم رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها وإلى ما وراء النهر وسائر بلاد خراسان وإلى قومس وأصبهان وهمدان وبلاد الجبال والعراق والحجاز والموصل والجزيرة والشام وغيرها ولقى العلماء وجالسهم وأخذ عنهم واقتدى بأفعالهم وروى عنهم وكانت عدة شيوخه تزيد على أربعة آلاف وكان حافظًا ثقة مكثرًا واسع العلم كثير الفضائل ظريفًا لطيفًا وصنف التصانيف الحسنة من ذلك تذييل تاريخ بغداد الذي صنفه أبو بكر الخطيب نحو خمسة عشر مجلدًا وتاريخ مرو يزيد على عشرين مجلدًا والأنساب نحو ثمان مجلدات وهو الذي اختصره عن الدين بن الأثير الجزرى واستدرك عليه في ثلاث مجلدات وكانت ولادته يوم الاثنين الحادي والعشرين من شعبان سنة ٥٠٦ انتهى.
(١) هو علي بن سلطان محمد الهروي نزيل مكة المعروف بالقاري الحنفي أحد صدور العلم فرد عصره الباهر السمت في التحقيق ولد بهراة ورحل إلى مكة وأخذ عن الأستاذ أبي الحسن البكرى وأحمد بن الحجر الملك وعبد الله السندى وقطب الدين المكي واشتهر ذكره وطار صيته وألف التآليف النافعة منها شرحه على المشكاة وشرح الشفا وشرح الشمائل وشرح النخبة وشرح الشاطبية وشرح الجزرية والأثمار الجنية في أسماء الحنفية ونزهة الخاطر الفاتر في مناقب الشيخ عبد القادر وكانت وفاته بمكة في شوال سنة ١٠١٤ كذا في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادى عشر لمحمد بن فضل الله الدمشقي وقد طلعت تصانيفه المذكورة كلها وشرح موطأ محمد وسند الأنام شرح مسند الإمام وتزيين العبارة لتحسين الإشارة والتدهين للتزيين كلاهما في مسألة الإشارة بالسبابة في التشهد والحظ الأوفر في الحج الأكبر ورسالة في الإمامة ورسالة في حب الهرة من الإيمان ورسالة في العصا ورسالة في أربعين حديثا في النكاح وأخرى في أربعين حديثًا في فضائل القرآن وأخرى في تركيب لا إله إلا الله وأخرى في قراءة البسملة أول سورة براءة وفرائد القلائد في تخريج أحاديث شرح العقائد والمصنوع في معرفة الموضوع وكشف الخدر عن أمر الخضر وضوء المعالى شرح بدء الأمالى والمعدن العدني في فضائل أويس القرني ورسالة في حكم ساب الشيخين وغيرها من الصحابة وشرح الفقه الأكبر وفتح باب العناية في شرح النقابة والاهتداء في الاقتداء وكلها نفيسة في بابها فريدة وله رسالة في أن حج أبي بكر كأن في ذي الحجة ورسالة فى والدى
1 / 8
الحنفية إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن إسحاق الأنصاري أو إسحاق الفقيه عرف بالصفار تفقه على والده وسمع الآثار للطحاوي على والده وكتاب العالم والمتعلم لأبي حنيفة على أبي يعقوب السيَّاري بتشديد التحتية بقراءة والده والسير الكبير لمحمد على أبي حفص وكتاب الكشف في مناقب أبي حنيفة تصنيف عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي على والده وكان من أهل بخاري موصوفا بالزهد والعلم وكان لا يخاف في الله لومة لائم.
(السيد إبراهيم) كان والده من سادات العجم وأولياء الله تعالى ارتحل إلى بلاد الروم وتوطن في قرية بنواحي أماسية ونشأ ولده هذا في حجره واشتغل بالعلم على سنان الدين ثم على حسن بن عبد الصمد السامسوني وصار مدرسًا بمدارس مرزيفون وحصار وقسطنطينية ثم فوض إليه السلطان بايزيدخان مدرسته بأمامية وفوض إليه أمر الفتوى وتوفى سنة خمس وثلاثين وتسعمائة وقد نيف على التسعين وكان ذا عفة وديانة لم يره أحمد إلا جاثيًا على ركبتيه ولم يضطجع أبدًا وكان لا ينام إلا جالسًا وكتب بخطه المليح كثيرًا من الكتب.
(إبراهيم بن سليمان) رضي الدين الرومي القونوي المنطقي كان عالمًا فاضلًا شيخًا قرأ على جماعة من الفضلاء ثم ورد دمشق وقرأ عليه جماعة كثيرة وحج سبع مرات وصنف شرح الجامع الكبير في ست مجلدات وشرح المنظومة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (قال الجامع) ذكره القاري في طبقاته وقال كان عالمًا فاضلًا نحويًا مفسرًا متدينًا متواضعًا انتهى. ونسبته إلى قونية بلدة معروفة هي كرسي بلاد قرمان وقرمان بلاد واسعة بأرض الروم ذات مدن وقرى منسوبة إلى أول من وليها من السلاجقة كذا ذكره أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي في كتابه (١) أخبار الدول وآثار الأول.
(إبراهيم بن رستم) أبو بكر المروزى تفقه على محمد وروى عن أبي عصمة نوح الجامع وسمع من مالك وغيره وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أئمة الحديث أبو عبد الله أحمد بن حنبل وغيره وعرض
_________
= المصطفى ﷺ ورسالة في صلاة الجنازة فى المسجد وبهجة الإنسان فى مهجة الحيوان وشرح عين العلم وغير ذلك من رسائل لا تعد ولا تحصى وكلها مفيدة بلغت إلى مرتبة المجددية على رأس الألف.
(١) هو كتاب لطيف مشتمل على مقدمة وخمسة وخمسين بابا فيه فوائد شريفة وفوائد لطيفة قد طالعته وانتفعت به فرغ منه مؤلفه كما ذكر في آخره في المحرم سنة ٨٠٨ وهو أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي الشهير بأحمد بن سنان القرماني قال صاحب خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر قدم أبو سنان إلى دمشق وولى نظارة البيمازستان ونظارة الجامع الأموي وانتقد عليه أنه باع بسط الجامع الأموي وأنه خرب مدرسة بقرب بيمارستان النوري فقتل بسبب هذه الأمور رابع عشر شوال سنة ٩٩٦ ونشأ ابنه أحمد بعد أبيه وصار كاتب وقف الحرمين ثم ناظره وكان حسن المحاضرة وله مخالطة مع الحكام خصوصًا للقضاة وجمع تاريخه الشائع وتعرض فيه لكثير من الموالى والأمراء وسماه أخبار الدول وكانت ولادته في سنة ٩٣٩ وتوفي تاسع عشر شهر شوال سنة ١٠١٩. انتهى كلامه.
1 / 9
المأمون عليه القضاء فامتنع وله النوادر كتبها عن محمد (قال الجامع) قال علي القاري روي عن أبي عصمة نوح المروزى وأسد البجلي وهما ممن تفقه على أبي حنيفة وسمع من مالك والثوري وحماد بن سلمة وغيرهم مات بنيسابور قدمها حاجًا سنة إحدى عشر ومائتين انتهى. ونسبته إلى مَرْو بفتح الميم وسكون الراء المهملة في آخرها واو بلدة معروفة يقال لها مرو الشاهجهان وكان فتحها سنة ثلاثين من الهجرة وإلحاق الزاى المعجمة بعد الواو في النسبة للفرق بينه وبين المروي وهي ثياب مشهورة بالعراق منسوبة إلى قرية بالكوفة كذا ذكره السمعاني.
(إبراهيم بن علي) بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم بن عبد الصمد قاضي القضاة نجم الدين الطرسوسي وُلي القضاء بدمشق بعد والده سنة ست وأربعين وسبعمائة وأفتى ودرس وصنف الفتاوي الطرسوسية وأنفع الوسائل ومات سنة ثمان وخمسين وسبعمائة كذا ذكره قاسم بن قطلوبغا في ترجمته وذكره عبد القادر في الجواهر المضية في باب أحمد بن عليّ والأول أصح (قال الجامع) سيأتى ذكر والده في حرف العين إن شاء الله تعالى. ونسبته إلى طرسوس بفتح الطاء والراء المهملتين بعدها سين مهملة مضمومة بعدها واو بعدها سين مهملة كذا ضبطه النووى في (١) تهذيب الأسماء واللغات وابن
_________
(١) هو كتاب مفيد مشهور أوله الحمد لله خالق المصنوعات إلخ جميع فيه الألفاظ الموجودة في مختصر المزني والمهذب والوسيط والتنبيه والموجز والروضة وشرحِها وضم إليها قدرًا كثيرًا من أسماء الرجال الذين يتداول أسماؤهم ويحتاج إلى معرفة أخبارهم ورتبه على قسمين. الأول في الأسماء (قد طبع فى ستة أجزاء صغار فى مدينة لبسيك). والثانى في اللغات وقد طالعته مرة بعد مرة ومؤلفه شيخ الإسلام يحيى بن شرف بن حسن بن حسين محيي الدين النووي الشافعي ولد سنة ٦١٦ وقدم به والده دمشق سنة ٦٤٩ وسكن المدرسة ولازم كمال الدين المغربي وحج مع والده سنة ٦٥٠ وبرع في العلوم وصار محققًا في فنونه مدققًا في عمله حافظًا للحديث عارفًا بأنواعه وكان لا يضيع وقتًا إلا في وظيفة من الاشتغال وكان لا يأكل إلا قدرًا بعد العشاء ولم تزوج قط وتوفى بعد ما زار القدس في رجب سنة ٦٧٧ ومن تصانيف الروضة والمنهاج وشرح المهذب وشرح صحيح مسلم وكتاب الأذكار ورياض الصالحين والمناسك والأربعون والتبيان في آداب حملة القرآن وكتاب المهمات والتحرير في ألفاظ التنبيه وكتاب التنبيه (قلت كتاب التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي وقد طبع في مدينة ليدن وليس النووي كتاب يسمى التنبيه) والخلاصة والإرشاد وتقريب التيسير ومختصر الإرشاد وتحفة الطالب والنبيه شرح التنبيه ونكت على الوسيط وشرح الوسيط وشرح قطعة من صحيح البخاري وطبقات الشافعية ودروس المسائل ورسالة في الاستسقاء ورسالة في استحباب القيام لأهل الفضل وأخرى في قسمة الغنائم والأصول والضوابط والإشارات على الروضة كذا في طبقات الشافعية لتقي الدين بن شهبة الدمشقي وقد طلعت من تصانيفه شرح صحيح مسلم واسمه المنهاج ورسالة مهمات الحديث واسمها الإشارات ورسالة القيام والتبيان وتهذيب الأسماء واللغات ورياض الصالحين والأذكار والأربعين =
1 / 10
خلكان في (١) وَفيات الأعيان وكذا ضبطه السمعاني وقال هي من بلاد الثغر بالشام وكان يضرب بعيدها المثل لأنها نفر وأهلها يتزينون ويخرجون الأسلحة الكثيرة المليحة والخيل الحسان ليصل الخوف إلى الكفار انتهى ملخصًا.
(إبراهيم بن محمد) بن حمدان أبو إسحاق الخطيب المهلبي أخذ عن الأستاذ عبد الله للسبذموني وكان في طبقة أبي بكر محمد بن الفضل الكماري (قال الجامع) المهلي بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام في آخره باء موحدة نسبته إلي أبي سعيد المهلب بن أبي صفرة الأزدي أمير خراسان أسبًا وولاء ذكره السمعاني
(إبراهيم بن محمد) بن إسحق الدهستاني نسبته إلى دهستان بكسر الدال المهملة والهاء وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة الفوقية بعدها ألف ثم نون مدينة عند مازندران بناها عبد الله بن طاهر قدم نيسابور سنة نيف وستين وأربعمائة ونفقته علي عليّ بن الحسين الصندلي عن الحسين الصيمري عن أبي بكر محمد الخوارزمي عن أبي بكر الجصاص الرازي عن الكرخي عن البردعي عن نصير بن موسي عن محمد عن أبي حنيفة وتفقه عليه صاحب طبقات الحنفية والشافعية عبد الملك بن إبراهيم الهمداني مات سنة ثلاث وخمسمائة
(إبراهيم بن يوسف) بن ميمون بن قدامة البلخي كان إمامًا كبيرًا وشيخ زمانه لزم أبا يوسف
_________
= والمنهاج والتقريب في أصول الحديث وكل تصانيفه مقبولة مشتملة علي درر منثورة.
(١) هو وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان قد طلعت أكثره أوله بعد حمد الله الذي تفرد بالبقاء وحكم على عباده بالموت والغناء الخ أورد فيه تراجم جماعة من العلماء وطوائف من الملوك والأمراء والشعراء وبسط الكلام خصوصًا في تراجم الأدباء والسلاطين العظام وقال في آخره أنه فرغ منه في اليوم الثاني والعشرين من جمادي الآخرة سنة ٦٧٢ بالقاهرة وأنه شرع فيه بالقاهرة فلما وصل إلى ترجمة يحيى البرمكي سافر إلي الشام السلطان ودخل دمشق سنة ٦٥٩ وقلد القضاء هناك فوقعت الطفرة عن إتمامه ثم حصل له الانفصال من الشام وخرج من دمشق سنة ٦٦٩ ووصل إلى القاهرة فأتم هذا الكتاب وذكر في ترجمة أم المؤيد النيسابورية أن له منها أجازة وإن مولده يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر سنة ٦٠٨ بمدينة اربل مدينة بالعراق بقرب الموصل وذكر في ترجمة أحمد بن كمال الدين أن والده كان متولي التدريس بمدرسة الملك المعظم وأنه توفي سنة ٦١٠ وذكر في ترجمة عيسي بن سنجر أنه خرج من مدينة اربل سنة ٦٢٦ ودخل حلب وأقام سنين وقال اليافعي في مرآة الجنان في حوادث سنة ٦٨١ فيها توفي قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد من محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الأربلي الشافعي ولد سنة ٦٠٨ وسمع البخاري من ابن مكرم وأجاز له المؤيد الطوسي وتفقه بالموصل على الكمال بن يونس وبالشام علي ابن شداد ولقي كبار العلماء وبرع في الفضائل وسكن بمصر مدة وولي قضاء الشام عشر سنين تم عزل بعز الدين ابن الصائغ وأقام معزولا بمصر ثم أعيد إلى قضاء الشام =
1 / 11
حتى برع وروى عن سفيان وغيره وعن مالك حديثًا واحدًا عن نافع عن ابن عمر كل مسكر خمر وكل مسكر حرام فإنه لما دخل على مالك ليسمع منه وقتيبة بن سعد حاضر فقال لمالك هذا يرى الإرجاء فأمر أن يقام من المجلس فقام ولم يسمع غير هذا الحديث مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. (قال الجامع) نقل علي القاري عن كتاب الرد على الجهمية لعبد الرحمن بن أبي حاتم حدثني عيسى بن بنت إبراهيم بن طهمان قال كان إبراهيم بن يوسف شيخًا جليلًا فقيهًا من أصحاب أبي حنيفة طلب الحديث بعد أن تفقه في مذهبهم فأدرك ابن عيينة ووكيعًا ثم ذكر القاري أن إبراهيم بن يوسف روى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه قال لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعرف من أين قلنا انتهى ملخصًا. وفي (١) ميزان الاعتدال إبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه عن حماد بن زيد وطبقته ولزم أبا يوسف حتى برع وثقه النسائي وقال أبو حاتم لا يشتغل به قلت هذا تحامل لأجل الإرجاء الذي فيه. وقد قال ابن حبان ظاهره الإرجاء واعتقاده في الباطن السنة انتهى. وسيأتي ذكر أخيه عصام بن يوسف في حرف العين وأن ابن حبان ذكرهما في كتاب الثقات. ونسبتهما إلى بلخ بفتح الباء الموحدة وسكون اللام آخره خاء معجمة بلدة من بلاد خراسان فتحت في زمن عثمان ﵁ ذكره السمعاني. وذكر الفقيه أبو الليث نصر الفقيه في آخر كتاب النوازل وفاة إبراهيم في جمادي الأولى سنة تسع وثلاثين ومئتين ووفاة أخيه عصام
_________
= وكان عالمًا بارعًا عارفًا بالمذهب جيد القريحة بصيرًا بالشعر له كتاب وفيات الأعيان من أحسن ما صنف في الفن انتهى كلامه ملخصًا واختلف في ضبط لفظ خلكان ووجه شهرته بابن خلكان فنقل عبد القادر العيدروس في النور السافر في أخبار القرن العاشر عن قطب الدين المكي أنه قال أن لفظ خلكان ضبط علي صورة الفعلين خل أمر من خلى أي ترك وكان ناقصة وسبب تسميته بذلك أنه كأن كثيرًا يقول كان والدي كذا كان والدي كذا فقيل خل كان ورأيت من ضبط يكون اللام والباقي على حاله انتهي وفي طبقات الشافعية لابن شهبة فقال الإسنوي خلكان قرية وهو وهم من الإسنوي وإنما هو اسم بعض أجداده انتهى.
(١) هو ميزان الاعتدال في أسماء الرجال أوله الحمد لله الحكم العدل العلي الكبير الخ قد طالعته مرات وهو كتاب جامع لنقد رواة الآثار حاو لتراجم أئمة الأخبار مع إيجاز العبارات وإيفاء الإشارات مؤلفه شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الدمشقي الذهبي ولد في ربيع الآخر سنة ٦٧٣ وسمع كثيرًا من الخلائق يزيدون على ألف وأخذ الفقه عن كل الدين بن الزملكاني وغيره وقرأ القراءات وأتقنها وأتقن علم الحديث وقد التاريخ والرجل: قال السبكي في حقه محدث العصر خاتم الحفاظ إمام العصر حفظًا وإتقانًا توفي سنة ٧٤٠ كذا في طبقات ابن شهبة وقد طلعت من تصانيفه ميزان الاعتدال وسير النبلاء تاريخ مبسوط والعبر في أخبار من غير والكاشف مختصر تهذيب الكمال وله تصانيف كثيرة منها المغني في أسماء الرجل ومختصر سنن البيهقي ومختصر أطراف المزني وطبقات الحفاظ وطبقات القراء وتجريد الصحابة ومختصر مستدرك الحاكم ومختصر تاريخ نيسابور للحاكم ومختصر المعجم الكبير والصغير للطبراني وغير ذلك كان شافعي المذهب حنبلي المعتقد ذكره صاحب مدينة العلوم.
1 / 12
سنة خمس عشرة ومائتين.
(أحمد بن إبراهيم) بن أيوب أبو العباس شهاب الدين العينتابي وُلي القضاء بعكر دمشق وأفتى ودرس وشرح مجمع البحرين في الفقه ويسمى المنبع وشرح المغني في الأصول مات سنة سبع وستين وسبعمائة. قال الجامع نسبته إلى عين ناب بالعين المهملة المفتوحة ثم ياء مثناة تحتية ثم نون ثم تاء مثناة فوقية ثم ألف ثم باء موحدة قلعة بين حلب وأنطاكية ذكره (١) عبد المولي الدمياطي في تعاليق الأنوار على الدر المختار
(أحمد بن إبراهيم) بن عبد الغني بين إسحاق قاضي القضاة أبو العباس السروجي نسبته إلى سروج بفتح السين المهملة ثم راء مهملة مضمومة ثم واو ثم جيم بلدة بنواحي حران من بلاد جزيرة ابن عمر كان إمامًا فاضلًا رأسًا في الفقه والأصول شيخًا في المعقول والمنقول تفقه علي قاضي القضاة أبي الربيع سليمان وعلي محمد بن عبد الخلاطي وهما أخذا عن جمال الدين الحميري عن قاضيخان عن إبراهيم بن إسماعيل الصفار عن أبيه عن أبي يعقوب السياري عن أبي إسحاق النوقدي عن الهندواني عن الإسكافي عن محمد ابن سلمة عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد تولي القضاء بمصر ودرس وأفتى وصنف التصانيف المقبولة منها شرح الهداية سماه الغاية الشهير بغاية السروجي انتهى فيه إلى كتاب الإيمان وكتاب أدب القضاء والفتاوى السروجية وغير ذلك مات في رجب ستة عشر وسبعمائة بالقاهرة وقته عليه الأمير علاء الدين عليّ ابن بلبان بن عبد الله الفارسي وعلاء الدين عليّ بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني وغيرها (قال الجامع) أرخ وفاته كذلك علي القاري وقال في وصفه كان أحد الفضلاء الأذكياء وتآليفه دالة علي ذلك وقال أيضًا قد وضع كتابًا على الهداية سماه الغاية ولم يكمله وبلغني أنه بلغ فيه إلى الأيمان في ست مجلدات أيد فيه بالدلائل النقلية والشواهد العقلية وله كتاب المناسك وكتاب نفحات النسمات في وصول الثواب إلى الأموات ومؤلف في حكم الخليل انتهى وأرخ السيوطي في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة (٢) وفاته سنة إحدى وسبعمائة وولادته سنة سبع وثلاثين وستمائة
_________
(١) هو عبد المولى بن عبد الله الدمياطي تلميذ السيد أحمد الطحطاوي الحنفي له حاشية نفيسة مسماة بتعاليق الأنوار على الدر المختار أوله الحمد لله رب العالمين مر بي الخلائق بإنعامه المبين الخ طالعتها وذكر في الديباجة أنه شرع فيها ليلة الأربعاء لخمس وعشرين مضت من ذي الحجة سنة ١٢٣٢ وذكر في الآخر أنه فرغ منه يوم الجمعة ثالث جمادي الآخرة سنة ١٢٢٨ ولم أطلع علي تاريخ ولادته ووفاته.
(٢) هو كتاب مشتمل على ما ورد في فضائل مصر وذكر دخل فيها من الأنبياء والصحابة ومن بعدهم وتراجم العلماء الذين كانوا في مصر أو وردوا إليها من الآفاق ذكر العجائب التي في بلاد مصر وكيفية سلطنة تلك البلاد وغير ذلك من الفوائد التي يستحسنها أولو الألباب ويطرب بمطالعتها الأنجاب طالعته بتمامه أوله الحمد الله الذي فاوت بين العباد الخ وهو لمجدد المائة التاسعة خاتم الحفاظ جلال الدين =
1 / 13
(أحمد بن أبي عمران) بن عيسى أبو جعفر البغدادي قاضي الديار المصرية من أكابر الحنفية تفقه علي محمد بن سَماعة عن أبي يوسف ومحمد وهو أستاذ الطحاوي مات سنة ثمانين ومائتين (قال الجامع) هذا موافق لما ذكره ابن (١) الأثير فإنه ذكر موته في حوادث سنة ٢٨٠ لكنه مخالف لما أرخ السيوطي في حسن المحاضرة حيث قال أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى البغدادي الإمام أبو جعفر قاضي الديار المصرية من أكابر الحنفية تفقه علي محمد بن سَماعة وحدث عن عاصم بن عليّ وطائفة وهو شيخ الطحاوي مات في المحرم سنة خمس وثمانين ومائتين بمصر وثقه ابن يونس في تاريخه انتهى. وذكر عليّ القاري أنه تفقه على محمد بن سماعة وبشر بن الوليد وحدث عن عليّ بن الجعد وابن الصباح وغيرها وصنف كتابًا يقال له الحجج والمشهور أن الحجج من تصنيف عيسى بن أبان لكن لا منع من الجمع انتهى.
(أحمد بن إسحاق) أبو بكر الجوزجاني أخذ عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد وكان عالمًا جامعًا بين الفروع والأصول وله كتاب الفرق والتمييز وكتاب التوبة (قال الجامع) ذكر علي القاري أنه أحمد ابن إسحاق بن صبيح الجوزجاني بضم الجيم الأول صاحب أبي سليمان الجوزجاني موسى بن سليمان. وذكر القاري في آخر طبقاته أن الجوزجاني نسبته إلى جوزجان بضم الجيم وسكون الواو وفتح الزاي المعجمة ثم جيم ثم ألف ثم نون. وذكر السمعاني أنها بلدة مما يلي بلخ
(أحمد بن إسحاق) بن شيث أبو نصر الصفار كان من أهل بخاري سكن بمكة وكثرت تصانيفه وانتشر علمه بها ومات بالطائف وروى أنه ما رؤي مثله في حفظ الفقه والأدب ببخاري (قال الجامع) هو
_________
= عبد الرحمن بن كمال الدين الأسيوطي الشافعي المتوفي سنة ٩١١ صاحب التصانيف التي سارت بها الركبان وانتفع به الإنس والجان وقد زادت علي خمسمائة وشهرة ذكره تغني عن وصفه.
(١) هو أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري نسبته إلى جزيرة ابن عمر الشافعي كان صدرًا معظمًا كثير الفضائل حافظًا التاريخ خبيرًا بأنساب العرب صنف في التاريخ كتابًا كبيرًا واختصر أنساب السمعاني وله كتاب أخبار الصحابة في ست مجلدات وكان قد سمع على الشيوخ في بلاد منها الموصل وبغداد والشام والقدس وغيرها وتوفي سنة ٦٢٠ كذا في مرآة الجنان لليافعي وفي طبقات ابن شهبة عليّ بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد عن الدين أبو الحسن الشيباني الجزري المؤرخ المعروف بابن الأثير وُلد بالجزيرة واشتغل وسمع في بلاد متعددة وكان إمامًا نسابة مؤرخًا صنف التاريخ المشهور بالكامل في عشر مجلدات وكتابًا حافلًا في معرفة الصحابة سماه أسد الغابة في معرفة الصحابة (قات كتاب أسد الغابة هو لأخيه لا له) توفي في شعبان وقيل في رمضان سنة ٦٤٠ انتهى ملخصًا وقد طالعت الكامل وهو كاسمه كامل أوله الحمد لله القديم فلا أول لوجوده الخ ابتدأ فيه من ابتداء الخلق إلى سنة ٦٢٨ وبسط القول مع إيجاز اللفظ في حوادث كل سنة وقد غلط صاحب كشف الظنون حيث قال أنه انتهى فيه إلى سنة ٦٢٢ وتوفي سنة ٦٢٨ وطلعت أيضًا أسد الغابة جمع فيه من كتب متعددة صنفت في معرفة الصحابة
1 / 14
جد إبراهيم بن إسماعيل أبو إسحاق الصفار الذي مر ذكره ورأيت في أنساب السمعاني في تسميته عكسًا فإنه قال عند ذكر المشهورين بالصفار وأبو نصر إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم الأديب الصفار البخاري من أهل بخارى له بيت في العلم إلى الساعة ببخارى ورأيت من أولاده جماعة ذكره الحاكم أو عبد الله الحفظ في تاريخ نيسابور. وقال أبو نصر الفقيه الأديب البخاري الصفار قدم علينا حاجًا وقد طلب الحديث في أنواع من العلم وسكن أبو نصر هذا مكة كثرت تصانيفه وانتشر علمه ومات بالطائف وقبره بها ثم قال السمعاني وابنه أبو إبراهيم إسماعيل بن أبي نصر الصفار كان إمامًا فاضلًا قوَّالا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم قتله الخاقان قصر بن إبراهيم المعروف بشمس الملك ببخارى لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وكان قتله في سنة إحدى وستين وأربعمائة. ثم قال السمعاني وابنه أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الصفار المعروف بالزاهد إلى آخر ما قلته عند ذكر إبراهيم ثم قال وابنه أبو المحامد حماد بن إبراهيم الصفار إمام جامع بخاري في صلاة الجمعة وكان يعرف الأدب والأصول على ما سمعت حدث عن أبيه وأبي عليّ إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي وغيرهما لم أسمع منه شيئًا ولقينه ببخارى انتهى.
(أحمد بن أسعد بن محمد) برهان الدين الخريفعني البخاري أخذ عن الشيخان حميد الدين عليّ الضرير وحافظ الدين محمد البخاري وهما عن شمس الأئمة محمد الكردري تلميذ صاحب الهداية وتفقه عليه أمير كاتب الإنفاقي صاحب غاية البيان.
(أحمد بن إسماعيل) ظهير الدين التمرتاشي الخوارزمي أبو العباس إمام جليل القدر عالي الإسناد مطلع علي حقائق الشريعة له شرح الجامع الصغير وكتاب التراويح وغيرها (قال الجامع) التمرتاشي نسبة إلى تمرتاش بضم التاء المثناة الفوقية وضم الميم وسكون الراء المهملة ثم تاء ثم ألف ثم شين معجمة قرية من قري خوارزم ذكره الطحطاوي (١) في حواشي الدر المختار وخوارزم بفتح الخاء المعجمة والواو ثم الألف ثم الراء المهملة المفتوحة ثم الزاي المعجمة الساكنة آخره بلدة كبيرة سمي به لأن الجماعة التي بنوها أول الأمر كان مأكولهم لحم الصيد وكان فيه حطب كثير وبلغة أهل خوارزم حوار اللحم ورزم الحطب وقيل خوار بالفارسية السهلة ورزم الحرب وكان الحرب يسهل على سكانها وقيل لما أقام بها هرمز بن أنوشيروان رآه أرضًا سهلة فقال خوارزمين فسمى به كذا في حواشي عبد (٢) العلي البرجندي على شرح ملخص الجعميني
_________
(١) هو السيد أحمد من فضلاء هذا القرن يظهر من مطالعة كتاب الإجارات من رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين بن عابدين.
(٢) هو عبد العلي بن محمد بن حسين البيرجندي وقد يقال البرجندي الحنفي فاضل جامع للعلوم له يد طولي في العلوم الرياضية من تصانيفه شرح المجسيطي فرغ منه سنة ٩٢١ وشرح رسالة الطوسي في الأسطرلاب وحواش على شرح ملخص الجغميني لقاضي زاده موسى الرومي وشرح الرسالة العضدية في المناظرة وشرح النقاية مختصر الوقاية في الفقه طالعتها كلها وله غير ذلك.
1 / 15
(أحمد بن الحسن) شهاب الدين المعروف بابن الزركشى درس بالمدرسة الحسامية وانتخب شرح السفناقي على الهداية مات في رجب سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة.
(أحمد بن الحسن) بن أحمد بن الحسن قاضي القضاة جلال الدين الرازي الانقروي كان مولده سنة إحدى وخمسين وستمائة بمدينة أنقره من بلاد الروم ونفقه علي والده حسام الدين الرازي وقرأ الجامع الكبير وشرح الزبادات للعتابي على فخر الدين عثمان بن مصطفى المارديني والفرائض على أبي العلاء شمس الدين محمود الفرضى وولى قضاء دمشق ومات يوم الجمعة التاسع عشر من رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة (قال الجامع) كذا أرخه عليّ القارى وغيره وأرخ الحافظ (١) ابن حجر العسقلاني وفاته سنة إحدى وتسعين حيث قال في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة أحمد بن الحسن بن أحمد أن الحسن بن أنوشيروان الرازي الأصل ثم الرومي الحنفي أبو المفاخر بن أبي الفضائل جلال الدين ابن حسام الدين بن تاج الدين وُلد سنة اثنين وخمسين وستمائة وقرأ القرآن واشتغل بالنحو والتفسير والفقه قال القطب في تاريخ مصر واشتغل كثيرًا وكان جامعًا للفضائل وبحب أهل العلم مع السخاء وحسن العشرة وقد ولى القضاء وهو ابن سبع عشرة سنة ودرس بدمشق وقدم مصر سنة ثلاثين وسبعمائة ومات سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وكان قد انحنى من الكبر وإذا مرض يقول أخبرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام أني أُعمر فكان كذلك وقال الشهاب بن فضل الله كان كثير المروءة حسن المعاشرة سخي النفس وحكى عنه أنه ذكر أعجوبة وقعت له مع امرأة من الجن قد ذكرها صاحب آكام المرجان انتهى كلامه. قلت هذه الأعجوبة التى أشار إليها ابن حجر ذكرها صاحب (٢)
_________
(١) هو إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن علىّ بن محمد بن محمد العسقلانى المصرى الشافعي وُلد سنة ٧٧٣ وتعلم الشعر فبلغ الغاية ثم طلب الحديث فسمع الكثير ورحل وتخرج بالحافظ العراقي وبرع وانتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها وتوفي في ذى الحجة سنة ٨٥٢ كذا ذكره السيوطى فى حسن المحاضرة وقد طالعت من تصانيفه الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة والمجمع المؤسس ذكر فيه شيوخه ومن عاصره وتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب ولسان الميزان كلها في أسماء الرجال والإصابة في أحوال الصحابة ونخبة الفكر في أصول الحديث وشرحه وتلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير وتخريج أحاديث الأذكار وتخريج أحاديث الكشاف اسمه الكاف الشاف وتخريج أحاديث الهداية اسمه الدراية وبذل الماعون في فضل الطاعون (قلت هو لابن حجر الهيتمي الفقيه وليس العسقلاني) والقول المسدد في الذب عن مسند أحمد وفتح الباري شرح صحيح البخاري ومقدمة الهدي الساري والخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة ورسالة في تعدد الجمعة ببلد واحد وله نكت على مقدمة ابن الصلاح ورجال الأربعة وتقريب المنهج بترتيب الدرج وغير ذلك وكل تصانيفه تشهد بأنه إمام الحفاظ محقق المحدثين زبدة الناقدين لم يخلف بعده مثله.
(٢) هو كتاب نفيس جامع لأحوال الجن وأخبارهم حاوٍ على كيفيات بدء خلقتهم وآثارهم لم يصنف =
1 / 16
آكام المرجان في أحكام الجان في الباب الثلاثين منه فقال حدثنا القاضى جلال الدين أحمد ابن القاضى حسام الدين الرازى الحنفي قال سفرني والدى لإحضار أهله من المشرق فألجأنا المطر إلى أن ثمنا في مغارة وكنت في جماعة فبينا أن نائم إذا بشيء يوقظنى فانتهت فإذا أنا بامرأة وسط من النساء لها عين واحدة مشقوقة في الطول فارتعدت فقالت ما عليك بأس إنما أتيتك لأزوجك بابنة لي مثل القمر فقلت لخوفي منها على خيرة الله ثم نظرت فإذا برجال قد أقبلوا فنظرتهم فإذا هم كهيأة المرأة التى أتتنى عيونهم مشقوقة بالطول في هيأة قاض وشهود فخطب القاضي وعقد قبلتُ ونهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء إلاّ أن عينها مثل عين أمها وتركتها عندي وانصرفت فزاد خوفي واستيحاشي وبقيت أرمي من كان عندى بالحجارة حتى يستيقظوا فما انتبه أحد منهم ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني فمرَّت على هذا ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أتتني المرأة وقالت كأن هذه الشابة ما أعجبتك وكأنك تحب فراقها فقلت أي والله فقالت طلقها فطلقّها فانصرفت ثم لم أرها بعد: وهذه الحكاية كانت تذكر عن
_________
= قبله مثله بل ولا بعده ولخصه مع بعض زيادات الحافظ جلال الدين السيوطي وسماه لقط المرجان في أخبار الجان وقد طالعتهما بتمامهما وانتفعت بهما ومؤلف آكام المرجان القاضي بدر الدين محمد بن عبد الله الشبلى الحنفي وهو من تلامذة الحافظ الذهبي والمزي كما يعلم من مطالعة آكام المرجان فإنه ذكرها في مواضع منه بلفظ شيخنا وذكر فيه أيضًا أن له رسالة مسماة بقلادة النحر في تفسير سورة الكوثر ورسالة أخرى مسماة بمحاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل ونقل محمد بن محمد الشهير بابن أمير حاج الحلبى في حلية المحلى شرح منية المصلى مسألة عن رسالته في الأوائل ووصفه بالفاضل حيث قال في بحث كراهة قيام الإمام وحده في الطاق قد رأي العبد الضعيف غفر الله له في مؤلف يسمى بمحاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل تأليف فاضل متأخر من أهل المذهب يدعى أبا عبد الله محمد بن عبد الله الشبلى الدمشقي ما لفظه: قال أبو عروبة أنبأنا أبو كريب أنبأنا أبو بكر قال هذا الطاق لم يكن في المسجد يعني مسجد خالد بن عبد الله وكان يكره القيام فيه قلت لهذا كره أبو حنيفة للإمام أن يقف في الطاق وعلل بأنه ليس من المسجد وأراد بذلك أبو حنيفة مسجد الكوفة فأما المساجد التي بنيت وفيها الطاق ابتداء فهو من جملة المسجد فلا يكره للإمام الوقوف فيه والطاق هو المحراب انتهى فهذا يؤيد ما بحثه شيخنا ويفيد أن كرامة قيام الإمام في الطاق إنما هو في طاق مخصوص وهو طاق مسجد الكوفة الذي أحدثه خالد لكونه مغصوبًا انتهى كلام ابن أمير حاج وقد ترجه شيخه أبو عبد الله الذهبي في كتابه المعجم المختص فقال محمد بن عبد الله الفقيه العالم المحدث بدر الدين أبو البقاء الشبلى الدمشقي الحنفي من رؤساء الطلبة وفضلاء الشباب سمع الكثير عني بالرواية وقرأ على الشيوخ ألف كتابًا في الأوائل ومولده سنة ٧١٠ انتهى وذكر صاحب كشف الظنون أن وفاته سنة ٧٦٩.
1 / 17
جلال الدين فحكيتها للقاضى الإمام العلامة شهاب الدين أبي العباس (١) أحمد بن فضل الله العمرى تغمده الله برحمته فقال أنت سمعتها من جلال الدين فقلت لا فقال أريد أن أسمعها منه فمضينا إليه وكنت أن السائل عنها فحكاها كما ذكرتها فسأله القاضى شهاب الدين هل أفضى إليها فزعم أن لا وقد ألحق القاضى شهاب الدين هذه الحكاية في ترجمة القاضى جلال الدين في كتابه مسالك الأبصار بخطه على حاشية الكتاب انتهى. وسيأتي ذكر والده في حرف الحاء المهملة. وله ابن آخر قد ذكره ابن حجر في المجمع المؤسس للمعجم المفهرس بقوله أبو بكر بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنوشروان الرازي فخر الدين ابن القاضى حسام الدين الحنفي مات سنة سبع وسبعين وسبعمائة انتهى ملخصًا.
(أحمد بن الحسن) بن على أبو حامد الفقيه المروزي عن الحاكم والخطيب أنه كان فقيهًا عارفًا بالأصول والفروع أخذ ببغداد عن أبي الحسن الكرخى وببلخ عن أبي القاسم الصفار عن نصير بن يحيى عن محمد ابن سَماعة عن أبي يوسف وكان حافظًا للحديث بصيرًا بالتفسير صنف الكثير وله تاريخ بديع ورد بغداد وتفقه ثم عاد إلى خراسان فتولى قضاء القضاة (قال الجامع) أرخ ابن الأثير في الكامل وفاته سنة ست وسبعين وثلاثمائة حيث قال في حوادثها فيها توفي أحمد بن الحسن بن علي أبو حامد المروزي ويعرف بابن الطبرى الفقيه الحنقي تفقه ببغداد على أبي الحسن الكرخي وولى قضاء القضاة بخراسان ومات في صفر وكان عابدًا محدثا ثقة انتهى.
(أحمد بن حفص) أبو حفص الكبير البخارى أخذ الفقه عن محمد بن الحسن وعن شمس الأئمة قدم محمد بن إسماعيل البخارى صاحب الصحيح بخارى في زمان أبي حفص الكبير وجعل يفتي فنهاه أبو حفص وقال لست بأهل له فلم ينته حتى سئل عن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة فأفتى بالحرمة فاجتمع الناس عليه وأخرجوه من بخارى (قال الجامع) توصيفه بالكبير بالنسبة إلى ابنه فإنه يكنى بأبي حفص الصغير كما قال علي القاري أحمد بن حفص المعروف بأبي حفص الكبير الإمام المشهور أخذ عن محمد وابنه أبو حفص الصغير تفقه عليه ولأبي حفص هذا اختيارات يخالف فيها جمهور الأصحاب منها أن نية الإمامة للإمام شرط للاقتداء وهذا اختيار الكرخي والثوري وإسحق وأحمد في المشهور نقله السروجي في الغاية في مسألة المحاذاة انتهى ملخصًا ثم ذكر حكاية إخراج البخاري وهي حكاية مشهورة في كتب أصحابنا ذكرها أيضًا صاحب العناية وغيره من شراح الهداية لكنى أستبعد وقوعها بالنسبة إلى جلالة قدر البخاري ودقة فهمه وسعة نظره وغور فكره مما لا يخفى على من انتفع بصحيحه وعلى تقدير صحتها فالبشر
_________
(١) هو أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري سمع بالقاهرة ودمشق من جماعة وأخذ عن أبي حيان والأصفهاني وبرع في العلوم وصنف مسالك الأبصار في الممالك والأمصار في سبعة وعشرين مجلدًا ما صنف مثله وكتابًا في فضائل عمر في أربعة مجلدات وله ديوان فى المدائح النبوبة وكان حسن المحاضرة جيد الحفظ فصيح اللسان توفى شهيدًا بالطاعون يوم عرفة سنة ٧٤٩ كذا فى طبقات الشافعية لابن شهبة.
1 / 18
يخطئ. وقد ترجم أبو عبد الله الذهبى في كتابه سير أعلام النبلاء أبا حفص الصغير في الطبقة الرابعة عشر بقوله محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان مولى بني عجل عالم ما وراء النهر شيخ الحنفية أبو عبد الله البخارى تفقه بوالده العلامة أبي حفص قال أبو عبد الله بن مندة كان عالم أهل بخارى أو شيخهم وقال أحمد ابن سلمة سئل محمد بن إسماعيل البخارى صاحب الجامع الصحيح عن القرآن فقال كلام الله فقالوا كيف يتصرف فقال والقرآن يتصرف بالألسنة فأخبر محمد بن يحيى الذهلى فقال من أتى مجلسه فلا يأتني فخرج محمد بن إسماعيل إلى بخارى وكتب الذهلى إلى خالد أمير بخارى وإلى شيوخها بأمره فهمَّ خالد حتى أخرجه محمد بن أحمد بن حفص إلى بعض رباطات بخارى وكان محمد بن أحمد صاحب الترجمة رحل وسمع من أبي الوليد الطيالسي والحميدي ويحيى ابن معين وغيرهم ورافق البخاري في الطلب مدة وله كتاب الأهواء والاختلاف والرد على اللفظية وكان ثقة إمامًا ورعًا زاهدًا ربانيًّا صاحب سنة واتباع وكان أبوه من كبار تلامذة محمد بن الحسن انتهت إليه رياسة الأصحاب ببخارى وإلى أبي عبد الله هذا وتفقه عليه أئمة .. قال ابن مندة توفي في رمضان سنة أربع وستين ومائتين انتهى كلامه. ومن هنا ظهر أن لابن أبي حفص الكبير كنيتين أبو حفص الصغير وأبو عبد الله. فما وقع في كشف الظنون (١) عن أسامي الكتب والفنون الكاتب جلبى في حرف الراءِ الرد على أهل الأهواءِ لأبي عبد الله المعروف بأبي حفص الكبير زلة من القلم والصواب المعروف بأبي حفص الصغير.
(أحمد بن الحسين) (٢) القاضي أبو سعيد البردعى أخذ عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة عن أبيه عن جاده وأخذ عن أبي على الدقاق عن موسى بن نصير الرازي عن محمد عن أبي حنيفة وتفقه عليه أبو
_________
(١) هو كتاب جامع لأخبار الكتب المصنفة فى الإسلام وقبله وأحوال مصنفها ووفياتهم لم يصنف فى بابه مثله طلعته أوله زواهر نطق يلوح أنوار ألطافه من مطالع الكتب والصحائف وبواهر كلام يفوح أزهار أعطافه على صفحات العلوم والمعارف حمد الله الخ مؤلفه مشهور بكاتب جلبي واسمه مصطفى كما ذكره وهو في حرف التاء تقويم التواريخ تركي لجامع هذا الكتاب مصطفى بن عبد الله القسطنطيني مولدًا ومنشأً الشهير بحاجي خليفة وهو مشتمل على نتيجة كتب التواريخ سودته في شهرين من شهور سنة ثمان وخمسين وألف انتهى وذكر السيد غلام على البلكرامي في سبحة المرجان في آثار هندوستان أن صاحب كشف الظنون هو الفاضل الحاج المعروف بكاتب جلبي الاستنبولي المتوفى سنة سبع وستين وألف انتهى وهذا كله يدلك على أنه من رجال القرن الحادى عشر لكن نسخ كشف الظنون مختلفة في ما بينها متخالفة وأكثرها مشتملة على ذكر مصنفات أهل القرن الثاني عشر ولعله من زيادات من جاء بعده (قلت لكشف الظنون ثلاثة ذيول مزجت به).
(٢) قد ذكره المحدث تقى الدين محمد بن أحمد بن عليّ أبو الطيب الفاسي ثم المكي المالك قاضي مكة ومؤرخها المتوفى سنة ٨٣٢ في كتابه العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين في حرف الحاء فقال حسن بن أحمد البردعي الفقيه أبو سعيد الحنفي انتهت إليه مشيخة للحنفية بغداد تفقه على أبي علىّ الدقاق والإمام =
1 / 19
الحسن الكرخى وأبو طاهر الدباس وأبو عمرو الطبرى وقتل في وقعة القرامطة (١) مع الحجاج سنة سبع عشرة وثلثمائة وبردع بكسر الباء وسكون الراءِ المهملة وفتح الدال المهملة في آخره عين مهملة بلدة من أقصى بلاد أذربيجان كذا ضبطه عبد القادر في الجواهر المضية (قال الجامع) ذكر الزيلعى في شرح الكنز أن أبا سعيد البردعي دخل بغداد حاجًا فوقف عال داود الظاهري وكأن بناظر رجلا من أصحاب أبي حنيفة وقد ضعف في جوابه الحنفي فجلس البردعى وسأله عن بيع أمهات الاولاد فقال داود يجوز لأنا أجمعنا على جواز بيعهن قبل العلوق فلا يزول الإجماع إلا بمثله فقال له البردعي وأجمعنا على أن بعد العلوق قبل وضع الحمل لا يجوز البيع فلا يزول الإجماع إلا بمثله فانقطع داود وقام أبو سعيد فأقام ببغداد يدرس فرأى في المنام ليلة كأن قائلا يقول ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ فانتبه فإذا رجل يدق الباب ويقول مات داود الظاهرى فإن أردت أن تصلى فاحضر انتهى
.. وذكر حافظ الدين النسفي في الكافي في باب اليمين في الطلاق والعتاق عند ذكر المسألة البردعية أن أبا سعيد البردعي قال أشكلت علىَّ هذه المسألة فلم أجد ببردعة من أسأله فقدمت بغداد فسألت عن القاضي أبى خازم فكشف علي ومكثت عنده أربع سنين وقرأت الجامع الكبير قبل أن آتي بغداد
_________
= أبي الحسن علىّ بن موسى بن نصر وعليه تفقه أبو الحسن الكرخي وأبو طاهر الرياشي وأبو عمرو الطبرى وقطع داود بن عليّ الظاهري لما ناظره ببغداد وكان أقام بها سنين كثيرة ثم خرج إلى الحج فقتل بمكة في وقعة القرامطة فى العشر الأول من ذى الحجة سنة ٣١٧ والبردعى بناء موحدة وراء ساكنة ودال مهملة مفتوحة بعدها عين هذه النسبة إلى بردعة بلد فى أقصى بلاد أذربيجان ذكره الذهبي أنه توفي بمكة فى وقعة القرامطة انتهى كلامه بحروفه ولا يخفى ما فى هذا الكلام من الخطأ فى تسميته وتسمية أبيه ولا عجب فإن لكل جواد كبوة ولكل عالم زلة.
(١) هم جماعة من هجر والبحرين انتسبوا إلى رجل من سواد الكوفة يقال له قرمط بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم في آخره طاء وكان ممن قبل دعوتهم ثم صار رأسًا في الدعوة وأنفقوا على أن يفسدوا في الإسلام ويفرقوا دعوتهم فقالوا أن ملوكهم قتلوا أولاد رسول الله ﷺ فقسموا الدنيا على أربعة أرباع واختاروا أربعة من الرجال وأنفذوهم إليها وتبعهم عالَم لا يحصون كذا ذكره السمعاني وذكر اليافعى في المرآة وابن الأثير في الكامل وغيرها أن فتنة القرامطة قد عمت كثيرًا من الآفاق لا سيما في بلاد اليمن والشام والعراق وكان من دعاتهم في اليمن الزنديق علىّ بن فضل كان يظهر مذهب الرفض وفي قلبه الكفر المحض وكان من عادتهم أنهم كلما وصلوا بلدة أغاروا وقتلوا وفي سنة ٣١٧ دخل مكة أبو طاهر القرمطي ومعه تسعمائة نفس فقتلوا الحجاج قتلًا ذريعًا وقتلوا في المسجد ألفًا وسبعمائة رجلًا وقيل بل ثلاثة عشر ألفًا وصعد على باب البيت وصاح أبا الله أنا أخلق الخلق وأنا أغنيهم واقتلعوا الحجر الأسود وكسروه وذهبوا به إلى هجر فبقي هناك نحوًا من عشرين سنة إلى أن منّ الله بعوده.
1 / 20