Fatwas on Medicine and Patients
فتاوى الطب والمرضى
Nau'ikan
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن الله سبحانه أرسل إلينا رسوله ﷺ، وأنزل عليه كتابه العزيز؛ لينير للأمة الطريق، وتكون في سيرها إلى الله والدار الآخرة على هدى وبصيرة، وقد بلغ النبي ﷺ رسالة ربه، ونصح لأمته أعظم النصح، حتى وافاه اليقين، وكان العلماء من بعده هم ورثة الأنبياء، ورثوا عنهم العلم ونور النبوة، يبلغه سلفهم لخلفهم، وكل منهم يقوم في قومه مقام التعليم والإرشاد والهداية إلى طريق الهدى والسداد، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكانوا بهذا حقيقين برفع الله لشأنهم، وإشادته سبحانه بهم، حيث قال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (١) .
وجعل المرجع إليهم عند كل ما يعرض لنا مما لا نعلمه، فقال سبحانه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (٢) .
ولما كانت حاجة الناس إلى العلم بهذا الدين - لتصحيح اعتقادهم
_________
(١) سورة المجادلة الآية ١١
(٢) سورة النحل الآية ٤٣
1 / 5
وأعمالهم - فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛ أمر الله سبحانه عباده أن يتعلموا هذا العلم، والله سبحانه رءوف بعباده، لطيف خبير بأحوالهم.
ومن كمال علمه سبحانه وحكمته علم أن طلب العلم غير ممكن لكافة الأمة على اختلاف قدراتهم وإمكاناتهم، وما قد يسببه ذلك من تعطيل لأسباب الرزق وانشغال عنها، فكان من عظيم حكمة الله أن جعل طلب العلم واجبا كفائيا على الأمة، فقال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (١) .
فكانت الطائفة النافرة لطلب العلم والفقه في الدين هم أهل العلم، وكان الواجب عليهم إذ علموا العلم أن ينذروا قومهم: يعلموهم، ويفقهوهم في أمور دينهم، فكان جميع شرائح المجتمع المسلم بحاجة، بل بضرورة لأهل العلم حتى يتمكنوا من عبادة الله على بصيرة.
فالرجل والمرأة، والحر والعبد، والحاضر والمسافر، التاجر في تجارته، والجندي في جيشه، والمهندس في فنه، والطبيب في طبه، والصانع في صناعته، والفلاح في زراعته - كل هؤلاء وغيرهم بحاجة إلى علم العالم وإلى سؤاله عما يشكل عليهم من أمر دينهم.
وقد أوجب الله على أهل العلم البيان وحرم عليهم الكتمان، فقال سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ (٢) .
_________
(١) سورة التوبة الآية ١٢٢
(٢) سورة آل عمران الآية ١٨٧
1 / 6
وقد أبلى علماء الإسلام في هذا الباب أحسن البلاء، وبذلوا في سبيل نشر العلم النفس والنفيس، حتى وصلنا هذا الدين بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا من بعثة النبي ﷺ، وكان من هؤلاء الأعلام أئمة علم عاصرناهم وعلمنا حرصهم واجتهادهم في تحري الحق ونشر العلم، فمنهم من قضى نحبه، فنسأل الله لنا وله المغفرة والرحمة، ومنهم من هو على قيد الحياة يمد المسلمين بالعلم النافع، نسأل الله لنا ولهم التوفيق والسداد، ومنهم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀، وسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ﵀، وأصحاب المعالي مشايخ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وأعضاء هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
وقد تم اختيار مجموعة من فتاوى هؤلاء الأئمة الأعلام فيما يتعلق بالطب وأحكام المرضى أشرف عليها أخونا فضيلة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - جزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء - فكان ثمرة هذا الجهد الكتاب الذي بين أيدينا الآن، وهو [الفتاوى المتعلقة بالطب وأحكام المرضى] الذي رأت رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء طبعه ونشره بين المسلمين، يستفيد منه الطبيب والمريض على وجه الخصوص؛ لمسيس حاجتهم للعلم الذي حواه، وكذلك أيضا طلاب العلم والباحثون، وكل من احتاج إليه من المسلمين.
نسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذا الجهد إخواننا المسلمين، وأن يجزي من أشرف عليه، ومن قام على طباعته ومراجعته ونشره بين
1 / 7
المسلمين خير الجزاء، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم.
كما أسأله سبحانه أن يوفق الجميع للفقه في الدين والتزام سنة سيد المرسلين ﷺ، وأن يوفق ولاة أمرنا ويصلح لهم البطانة، وينصر بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، ويجعلهم هداة مهتدين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
1 / 8
تقديم المشرف
الحمد لله رب العالمين، بين الأحكام وأوضح الحلال والحرام. والصلاة والسلام على نبينا محمد خير الأنام، وعلى آله وصحبه البررة الكرام.
أما بعد:
فإن دين الإسلام - ولله الحمد - دين كامل شامل، شرع الله فيه أحسن الشرائع وأيسرها ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (١) .
ومن ذلك ما شرعه للمرضى من أحكام تتناسب مع حالتهم المرضية بحيث يؤدون ما أوجب الله عليهم بيسر وسهولة، كما أنه سبحانه أوجد من الأدوية النافعة ما يتعالجون به من مرضهم ما يكون سببا لشفائهم بإذن الله. وقد قال النبي ﷺ: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء (٢)» .
ولحاجة هؤلاء المرضى إلى بيان الأحكام الشرعية الخاصة بهم، والإجابة عن تساؤلاتهم؛ لذا فإن اللجنة الدائمة للإفتاء رأت أنه من المستحسن جمع الفتاوى الصادرة فيما يختص بالأدوية وأحكام المرضى في كتاب واحد؛ تيسيرا للاطلاع عليه عند الحاجة، ولتوزيعه على المستشفيات لتوجيه المرضى لديها بموجبه، حتى يكون الناس على بصيرة من دينهم، وتعاونا على البر والتقوى.
_________
(١) سورة الحج الآية ٧٨
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم ٨، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم ٨.
1 / 9
نرجو الله أن ينفع بهذا العمل، ويشفي مرضى المسلمين. إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه: صالح بن فوزان الفوزان
المشرف على المجموع
1 / 10
أحكام تتعلق بطهارة المريض
(فائدة)
لا تيمم للنجاسة على البدن: إذا نوى بتيممه نجاسة على بدنه تضره إزالتها أجزأ على المذهب، والجمهور يرون: أنه لا يجزئ؛ لعدم ورود شيء من الأدلة، إنما جاءت نصوص التيمم في الأحداث ولم تجئ في النجاسات، ولأن عين النجاسة باقية. وقوى هذا الشيخ، وقال: قول الجمهور هو الصحيح.
[من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
التيمم بالتراب في المستشفيات من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة الشيخ: حمد بن راشد؛ سلمه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بالإشارة إلى خطابكم لنا رقم (٣٢) وتاريخ ١٨ / ٣ / ١٣٨٨ هـ بخصوص وجود مرضى لا يتمكنون من استعمال الماء وهم في المستشفيات الحكومية، والممرضون يمنعونهم من إدخال التراب في حجرهم، وتطلبون منا عمل ما يلزم حوله.
التيمم بالتراب في المستشفيات من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة الشيخ: حمد بن راشد؛ سلمه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بالإشارة إلى خطابكم لنا رقم (٣٢) وتاريخ ١٨ / ٣ / ١٣٨٨ هـ بخصوص وجود مرضى لا يتمكنون من استعمال الماء وهم في المستشفيات الحكومية، والممرضون يمنعونهم من إدخال التراب في حجرهم، وتطلبون منا عمل ما يلزم حوله.
1 / 15
ونحيطكم علما بأننا كتبنا لوزير الصحة بالنيابة بعدم منعهم من استعمال التراب وإدخاله في غرفهم في حدود مقتضى الحاجة. بارك الله فيكم. والسلام عليكم.
[من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
هل يضرب المتيمم بيديه الأرض ولو لم يكن فيها تراب؟ س: هل يضرب بيديه الأرض ولو لم يكن فيها تراب؟ ج: ما سمعته، مع أنهم ذكروا أشياء شبه هذا من إمرار الموسى على رأس من لا شعر له، وعلى من ولد مختونا، فالظاهر أنهم لو قالوه لانتقد كغيره. والضرب على الأرض مقصود به أن يأخذ التراب فيمره على الأعضاء كما يمر الماء. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) قوله: (إذا عدم الماء والتراب صلى الفرض فقط) لأنه محدث ولا يصلي نوافل. هذا مرادهم، والظاهر أن هذا مرجوح، اختيار الشيخ خلاف هذا. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) (المقدار الذي يتضرر بغسله والاكتفاء بمسح الجرح) الذي يتضرر
هل يضرب المتيمم بيديه الأرض ولو لم يكن فيها تراب؟ س: هل يضرب بيديه الأرض ولو لم يكن فيها تراب؟ ج: ما سمعته، مع أنهم ذكروا أشياء شبه هذا من إمرار الموسى على رأس من لا شعر له، وعلى من ولد مختونا، فالظاهر أنهم لو قالوه لانتقد كغيره. والضرب على الأرض مقصود به أن يأخذ التراب فيمره على الأعضاء كما يمر الماء. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) قوله: (إذا عدم الماء والتراب صلى الفرض فقط) لأنه محدث ولا يصلي نوافل. هذا مرادهم، والظاهر أن هذا مرجوح، اختيار الشيخ خلاف هذا. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) (المقدار الذي يتضرر بغسله والاكتفاء بمسح الجرح) الذي يتضرر
1 / 16
بغسله حول الجرح ولا يقدر، فيرجع فيه إلى العرف. إذا كان إذا غسل هذا سال إليه الماء فيجتنب.
والاكتفاء بالمسح وحده: وجهه أنه يكفي في بعض أعضاء الوضوء، كالرأس والخفين، فهو قائم مقام الغسل في الجملة، بدليل أنه يمسح على الجبيرة والحائل. أما إذا كان يخشى منهما جميعا فيتيمم للآية الكريمة والأحاديث.
وكثير من الناس يعدل إلى التيمم وهو قادر على الغسل أو المسح بلا ضرر، فصلاته باطلة.
[من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) (إذا كان الجرح يتضرر بالتيمم أيضا) صورة أخرى، وهي ما إذا كان يتضرر بالتيمم، بأن كان الجرح في وجهه أو كفيه أو إذا استعمل التيمم - تضرر من الغبار، فإنه يسقط التيمم؛ لقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١) . [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀] _________ (١) سورة التغابن الآية ١٦
(فائدة) (لا يجب الترتيب ولا الموالاة في التيمم للجرح) الرواية الأولى عن أحمد: أنه إذا كان جرحه ببعض أعضاء وضوئه لزمه إذا توضأ مراعاة الترتيب. والرواية الأخرى عنه: أنه لا يجب الترتيب ولا الموالاة حينئذ، وهذا هو الذي نصره المجد في [شرحه]، واختاره كثير من الأصحاب،
(فائدة) (إذا كان الجرح يتضرر بالتيمم أيضا) صورة أخرى، وهي ما إذا كان يتضرر بالتيمم، بأن كان الجرح في وجهه أو كفيه أو إذا استعمل التيمم - تضرر من الغبار، فإنه يسقط التيمم؛ لقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١) . [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀] _________ (١) سورة التغابن الآية ١٦
(فائدة) (لا يجب الترتيب ولا الموالاة في التيمم للجرح) الرواية الأولى عن أحمد: أنه إذا كان جرحه ببعض أعضاء وضوئه لزمه إذا توضأ مراعاة الترتيب. والرواية الأخرى عنه: أنه لا يجب الترتيب ولا الموالاة حينئذ، وهذا هو الذي نصره المجد في [شرحه]، واختاره كثير من الأصحاب،
1 / 17
وقال الشيخ: لا أصل له (١) في كلام أحمد، وقال: إن إدخال التيمم بين أعضاء الوضوء في الغسل بدعة. يعني: لم يرد به دليل لا من كتاب ولا سنة، بل ولا من كلام صحابي، وقد يقال: ما صدر شيء عن صدر هذه الأمة. فالحاصل: أنه لا يجب الترتيب، ثم هو أيضا فيه من الصعوبة ما فيه.
وهنا مسألة نظرية، وهي أن هذا الذراع لا يناله شيء من التيمم بالتراب إنما ينال الوجه والكفين. فيتركه حتى يفرغ وتنشف يديه ووجهه ثم يتيمم. والتيمم طهارة مستقلة ليست بعضا من أبعاض الغسل.
كذلك الموالاة لا تجب، سواء عن حدث أصغر أو أكبر، فلو أخر التيمم مدة تفيت الموالاة لم يضر.
لو توضأ ضحى وأخر التيمم إلى أن تزول الشمس صح ذلك على الراجح ولو عمدا.
_________
(١) الترتيب
كيف يتيمم من على وجهه اللصوق؟ س: إذا كان على وجهه اللصوق فكيف يصنع إذا تيمم؟ ج: يمسح على هذا اللصوق كما يمسحه في الغسل. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
كيف يتيمم من على وجهه اللصوق؟ س: إذا كان على وجهه اللصوق فكيف يصنع إذا تيمم؟ ج: يمسح على هذا اللصوق كما يمسحه في الغسل. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
1 / 18
صفة تيمم المريض
س: ما صفة تيمم المريض؟
ج: تضرب بيديك الصعيد، وتمسح وجهه ويديه. ولو ضربت بيديه هو الأرض ومسحت كما ذكر كفى ذلك.
[من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
(فائدة) إذا تمت المدة وليس عنده ماء؛ إذا كان عليه الخفاف وهو يتيمم، لعدم الماء، فقد صرح بعضهم بأنه يخلع إذا تمت المدة. والقول الآخر: إنه لا يجب عليه الخلع، بل يتيمم وهما عليه، وهذا هو الأقوى إن شاء الله؛ لأن الأمر معلل بالغسل، ولا دليل جاء بالخلع. ثم خلعه لا يبطل تيممه؛ لأن طهارتهما بعمل يعمل في غيرهما وهو الوجه واليدان، فوجود الممسوح على الرجل وعدمه واحد. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
طريقة التيمم الصحيحة س: أرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا طريقة التيمم الصحيحة. ج: التيمم الصحيح مثل ما قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١)، المشروع ضربة واحدة للوجه والكفين. _________ (١) سورة المائدة الآية ٦
(فائدة) إذا تمت المدة وليس عنده ماء؛ إذا كان عليه الخفاف وهو يتيمم، لعدم الماء، فقد صرح بعضهم بأنه يخلع إذا تمت المدة. والقول الآخر: إنه لا يجب عليه الخلع، بل يتيمم وهما عليه، وهذا هو الأقوى إن شاء الله؛ لأن الأمر معلل بالغسل، ولا دليل جاء بالخلع. ثم خلعه لا يبطل تيممه؛ لأن طهارتهما بعمل يعمل في غيرهما وهو الوجه واليدان، فوجود الممسوح على الرجل وعدمه واحد. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
طريقة التيمم الصحيحة س: أرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا طريقة التيمم الصحيحة. ج: التيمم الصحيح مثل ما قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١)، المشروع ضربة واحدة للوجه والكفين. _________ (١) سورة المائدة الآية ٦
1 / 19
وصفة ذلك: أنه يضرب التراب بيديه ضربة واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، كما في الصحيحين: أن النبي ﷺ قال لعمار بن ياسر ﵁: «إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ومسح بهما وجهه وكفيه (١)» .
ويشترط أن يكون التراب طاهرا. ولا يشرع مسح الذراعين بل يكفي مسح الوجه والكفين للحديث المذكور.
ويقوم التيمم مقام الماء في رفع الحدث على الصحيح، فإذا تيمم صلى بهذا التيمم النافلة والفريضة الحاضرة والمستقبلة، ما دام على طهارة حتى يحدث أو يجد الماء إن كان عادما له، أو حتى يستطيع استعماله إذا كان عاجزا عن استعماله، فالتيمم طهور، يقوم مقام الماء، كما سماه النبي ﷺ طهورا.
[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ﵀]
_________
(١) صحيح البخاري التيمم (٣٤٧)، صحيح مسلم الحيض (٣٦٨)، سنن الترمذي الطهارة (١٤٤)، سنن النسائي الطهارة (٣٢٠)، سنن أبي داود الطهارة (٣٢٢)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٧١)، مسند أحمد (٤/٢٦٥)، سنن الدارمي الطهارة (٧٤٥) .
كيف يتيمم المريض؟ س: أنا مريض ولا أستطيع الوضوء بنفسي وليس عندي من يساعدني، فهل أتيمم؟ علما بأن المستشفى ينظف الجدران والأرض والفرش يوميا، فكيف أتيمم والحال ما ذكرت؟ ج: إذا كان المريض ليس عنده من يوضئه، ولا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فإنه يتيمم؛ لقوله سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١) الآية. _________ (١) سورة المائدة الآية ٦
كيف يتيمم المريض؟ س: أنا مريض ولا أستطيع الوضوء بنفسي وليس عندي من يساعدني، فهل أتيمم؟ علما بأن المستشفى ينظف الجدران والأرض والفرش يوميا، فكيف أتيمم والحال ما ذكرت؟ ج: إذا كان المريض ليس عنده من يوضئه، ولا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فإنه يتيمم؛ لقوله سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١) الآية. _________ (١) سورة المائدة الآية ٦
1 / 20
والعاجز عن الماء والتيمم معذور، وعليه أن يصلي في الوقت بغير وضوء ولا تيمم؛ لقوله سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١) ولقول النبي ﷺ: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم (٢)» .
وقد صلى بعض الصحابة ﵃ في بعض أسفار النبي ﷺ بغير وضوء ولا تيمم، ولم ينكر عليهم النبي ﵊ ذلك، وذلك في السفر الذي ضاع فيه عقد عائشة ﵂، وذهب بعض الصحابة ﵃ يلتمسه بأمر النبي ﷺ فلم يجدوه، وحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء ولا تيمم، وكان التيمم لم يشرع ذلك الوقت، وليس عندهم ماء ثم شرع بسبب هذه الحادثة.
وهذا هو الواجب، فإن المريض إذا لم يكن عنده قدرة على استعمال الماء، وليس عنده من يوضئه فإنه يجب عليه التيمم إذا وجد ترابا نظيفا في الأرض أو في إناء أو وعاء يتيمم منه، ويكفي ذلك عن الوضوء.
ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، بل يجب على جميع المستشفيات أن يهتموا بذلك.
ويجب على المريض قبل الوضوء أو التيمم أن يستنجي من الغائط والبول بالماء أو الاستجمار، ولا يتعين الماء، بل يجزئه أن يستنجي بمناديل طاهرة ونحوها، كالحجر والتراب واللبن، ونحو ذلك، حتى يزيل الأذى.
والواجب ألا ينقص ذلك عن ثلاث مسحات، فإن لم يحصل النقاء بذلك وجبت الزيادة حتى يحصل النقاء؛ لقول النبي ﷺ: «من استجمر
(٣)
_________
(١) سورة التغابن الآية ١٦
(٢) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٨)، صحيح مسلم الفضائل (١٣٣٧)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٩)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦١٩)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥٠٨) .
(٣) صحيح البخاري الوضوء (١٦١)، صحيح مسلم الطهارة (٢٣٧)، سنن النسائي الطهارة (٨٨)، سنن أبو داود الطهارة (٣٥)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٣٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧١)، موطأ مالك الطهارة (٣٣)، سنن الدارمي الطهارة (٦٦٢) .
1 / 21
فليوتر»، ولما ثبت عنه ﷺ «أنه نهى أن يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار (١)»، ونهى أن يستنجي بالعظم والروث، وقال: «إنهما لا يطهران» .
والله ولي التوفيق.
[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ﵀]
_________
(١) صحيح مسلم الطهارة (٢٦٢)، سنن الترمذي الطهارة (١٦)، سنن النسائي الطهارة (٤١)، سنن أبو داود الطهارة (٧)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣١٦)، مسند أحمد بن حنبل (٥/٤٣٨) .
حكم التيمم لمن عليه حدث أصغر وهو مقيم س: هل التيمم سائغ لمن عليه حدث أصغر وهو مقيم في الحضر؟ ج: غير سائغ، ولا يجوز، ولا يقاس على الجنابة. ومن عدل إلى التيمم مع وجود الماء في الحضر كهذه الصورة فيعزر تعزيرا يردعه ويردع أمثاله، ولو نعرفه لبعثنا عليه الحسبة، وعليه إعادة ما صلى بالتيمم، ويستغفر الله ويتوب إليه. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
حد الوجه في التيمم وكيفية التيمم لمن كان على إحدى يديه أو كلتيهما جبس س: إذا كان على إحدى يدي أو كلتيهما جبس أو بهما جروح يضرهما الماء، فكيف التيمم؟ وهل حد الوجه في التيمم مثله في الوضوء؟ ج: نعم، حد الوجه في التيمم كالوضوء، يمسح وجهه بالتراب من أعلى الجبهة إلى اللحية، ومن الأذن إلى الأذن، ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما من مفصل الكف إلى أطراف الأصابع، وإذا كان في يديه جبس أو جروح كفى المسح بالتراب على الجبس، وعليهما إن كان بهما جروح. وإن كانت إحداهما سليمة والأخرى فيها جروح، أو عليها جبس غسل السليمة، ومسح بالماء على الجريحة، ومسح على الجبس، كما لو كان عليهما أو إحداهما جبيرة من خرق ونحوهما.
حكم التيمم لمن عليه حدث أصغر وهو مقيم س: هل التيمم سائغ لمن عليه حدث أصغر وهو مقيم في الحضر؟ ج: غير سائغ، ولا يجوز، ولا يقاس على الجنابة. ومن عدل إلى التيمم مع وجود الماء في الحضر كهذه الصورة فيعزر تعزيرا يردعه ويردع أمثاله، ولو نعرفه لبعثنا عليه الحسبة، وعليه إعادة ما صلى بالتيمم، ويستغفر الله ويتوب إليه. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀]
حد الوجه في التيمم وكيفية التيمم لمن كان على إحدى يديه أو كلتيهما جبس س: إذا كان على إحدى يدي أو كلتيهما جبس أو بهما جروح يضرهما الماء، فكيف التيمم؟ وهل حد الوجه في التيمم مثله في الوضوء؟ ج: نعم، حد الوجه في التيمم كالوضوء، يمسح وجهه بالتراب من أعلى الجبهة إلى اللحية، ومن الأذن إلى الأذن، ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما من مفصل الكف إلى أطراف الأصابع، وإذا كان في يديه جبس أو جروح كفى المسح بالتراب على الجبس، وعليهما إن كان بهما جروح. وإن كانت إحداهما سليمة والأخرى فيها جروح، أو عليها جبس غسل السليمة، ومسح بالماء على الجريحة، ومسح على الجبس، كما لو كان عليهما أو إحداهما جبيرة من خرق ونحوهما.
1 / 22
فإن كان يضره الماء أو كان الماء غير موجود أجزأه التيمم.
[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ﵀]
المسح على الجرح الذي عليه دواء وضعه وهو على غير طهارة س: الجرح الذي عليه دواء بقدر الحاجة وضعه وهو على غير وضوء. ج: يمسح عليه، ولا يكفي درج الماء عليه، والحوائل حكمها المسح لا الغسل. وهذا يمسح عليه ويتيمم عند بعض أهل العلم وهو أحوط. وبعض أهل العلم يكتفي بالمسح، ولو فعل ذلك إنسان لم نأمره بالإعادة. وهذا مشروط بشرط، وهو: أن يتضرر بالإزالة، بل الجرح نفسه إذا لم يضع عليه شيئا وكان يتضرر بغسله - فهذا يمسح عليه بالبلل الذي في يده، فإذا كان يتضرر بالمسح فهذا يعفى عنه (١)، فإن الجرح البارز لا بد من مسحه، ولا يكفي التيمم، وإذا مسح عليه فلا يحتاج إلى تيمم. والكسر ونحوه لا بد من التيمم فيما زاد. والناس يفرطون، فما يمسحون على الجرح ولا على الجبيرة واللصوق، وبهذا لا تصح طهارتهم. وإن أمكن اختصار الجبيرة المتعدية للحد بدون ضرر - اختصرها. ثم كون المسح يكفي إذا لبس على غير طهارة - فهو الصحيح عند الشيخ، ولأنه لا يدري متى يأتي الجرح، وحديث صاحب الشجة فيه ضعف. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀] _________ (١) يعني: ويعدل إلى التيمم، كما يأتي في بابه.
المسح على الجرح الذي عليه دواء وضعه وهو على غير طهارة س: الجرح الذي عليه دواء بقدر الحاجة وضعه وهو على غير وضوء. ج: يمسح عليه، ولا يكفي درج الماء عليه، والحوائل حكمها المسح لا الغسل. وهذا يمسح عليه ويتيمم عند بعض أهل العلم وهو أحوط. وبعض أهل العلم يكتفي بالمسح، ولو فعل ذلك إنسان لم نأمره بالإعادة. وهذا مشروط بشرط، وهو: أن يتضرر بالإزالة، بل الجرح نفسه إذا لم يضع عليه شيئا وكان يتضرر بغسله - فهذا يمسح عليه بالبلل الذي في يده، فإذا كان يتضرر بالمسح فهذا يعفى عنه (١)، فإن الجرح البارز لا بد من مسحه، ولا يكفي التيمم، وإذا مسح عليه فلا يحتاج إلى تيمم. والكسر ونحوه لا بد من التيمم فيما زاد. والناس يفرطون، فما يمسحون على الجرح ولا على الجبيرة واللصوق، وبهذا لا تصح طهارتهم. وإن أمكن اختصار الجبيرة المتعدية للحد بدون ضرر - اختصرها. ثم كون المسح يكفي إذا لبس على غير طهارة - فهو الصحيح عند الشيخ، ولأنه لا يدري متى يأتي الجرح، وحديث صاحب الشجة فيه ضعف. [من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀] _________ (١) يعني: ويعدل إلى التيمم، كما يأتي في بابه.
1 / 23
طهارة المريض وصلاته (١)
س: وردنا عدد من الأسئلة حول أحكام طهارة المريض وصلاته، وهذا جوابها مفصلا فيما يلي:
ج: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
لقد شرع الله ﷾ الطهارة لكل صلاة، فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة، سواء كانت في البدن أو الثوب أو المكان المصلى فيه - شرطان من شروط الصلاة.
فإذا أراد المسلم الصلاة وجب عليه أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الأصغر، أو يغتسل إن كان حدثه أكبر، ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة في حق من بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة.
وفيما يلي بيان لبعض الأحكام المتعلقة بذلك:
فالاستنجاء بالماء واجب لكل خارج من السبيلين كالبول والغائط، وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء، إنما عليه الوضوء؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هاهنا.
والاستجمار يقوم مقام الاستنجاء بالماء، ويكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة فأكثر، لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من استجمر فليوتر (٢)»، ولقوله ﷺ أيضا: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه (٣)» رواه
_________
(١) ما يتعلق بصلاة المريض، انظر ص٤٧.
(٢) رواه البخاري في (الوضوء) برقم (١٥٦) ومسلم في الطهارة برقم (٣٥٠) .
(٣) رواه أبو داود في (الطهارة) برقم (٣٦)، والدارمي في (الطهارة) برقم (٦٦٨) .
1 / 24
أبو داود. ولنهيه ﷺ عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم.
ولا يجوز الاستجمار بالروث والعظام والطعام وكل ما له حرمة، والأفضل أن يستجمر الإنسان بالحجارة، وما أشبهها كالمناديل واللبن - اليابس من التراب والجص - ونحو ذلك، ثم يتبعها الماء؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة والماء يطهر المحل، فيكون أبلغ، والإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها، أو الجمع بينهما.
عن أنس ﵁ قال: «كان النبي ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء (١)» . متفق عليه. وعن عائشة ﵂ أنها قالت لجماعة من النساء: «مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، وإن رسول الله ﷺ كان يفعله (٢)» قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل؛ لأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر، وهو أبلغ في التنظيف، وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل، فإن لم تكف زاد رابعا وخامسا حتى ينقي المحل، والأفضل أن يقطع على وتر، لقول النبي ﷺ: «من استجمر فليوتر (٣)»، ولا يجوز الاستجمار باليد اليمنى، لقول سلمان في حديثه: «نهانا رسول الله ﷺ أن يستنجي أحدنا بيمينه (٤)» . ولقوله ﷺ: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه (٥)» .
وإن كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما، استجمر بيمينه للحاجة ولا حرج في ذلك، وإن جمع بين الاستجمار والاستنجاء بالماء كان أفضل وأكمل.
_________
(١) صحيح البخاري الوضوء (١٥٢)، صحيح مسلم الطهارة (٢٧١)، سنن النسائي الطهارة (٤٥)، سنن أبو داود الطهارة (٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٧١)، سنن الدارمي الطهارة (٦٧٦) .
(٢) سنن الترمذي الطهارة (١٩)، سنن النسائي الطهارة (٤٦) .
(٣) صحيح البخاري الوضوء (١٦١)، صحيح مسلم الطهارة (٢٣٧)، سنن النسائي الطهارة (٨٨)، سنن أبو داود الطهارة (٣٥)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٣٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧١)، موطأ مالك الطهارة (٣٣)، سنن الدارمي الطهارة (٦٦٢) .
(٤) رواه مسلم في (كتاب الطهارة) باب الاستطابة برقم (٣٨٦) .
(٥) رواه مسلم في (كتاب الطهارة) برقم (٣٩٢) .
1 / 25
ولما كانت الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والسهولة، فقد خفف الله ﷾ عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم ليتمكنوا من عبادته تعالى بدون حرج ولا مشقة، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (١)، وقال سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (٢)، وقال ﷿: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٣)، وقال ﵊: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (٤)»، وقال: «إن الدين يسر (٥)» .
فالمريض إذا لم يستطع التطهر بالماء بأن يتوضأ من الحدث الأصغر أو يغتسل من الحدث الأكبر لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه، فإنه يتيمم، وهو أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة، فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه﴾ (٦)، والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء، لقول الله سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٧)، ولقوله ﷺ: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (٨)»، ولقوله ﷺ لعمار بن ياسر: «إنما يكفيك أن تقول بيديك: هكذا (٩)»، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
_________
(١) سورة الحج الآية ٧٨
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٥
(٣) سورة التغابن الآية ١٦
(٤) رواه البخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة)، برقم (٦٧٤٤)، واللفظ له، ومسلم في (الفضائل) برقم (٤٣٤٨) .
(٥) رواه البخاري في (الإيمان) برقم (٣٨) .
(٦) سورة النساء الآية ٤٣
(٧) سورة التغابن الآية ١٦
(٨) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٨)، صحيح مسلم الحج (١٣٣٧)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦١٩)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥٠٨) .
(٩) صحيح البخاري التيمم (٣٤٧)، صحيح مسلم الحيض (٣٦٨)، سنن الترمذي الطهارة (١٤٤)، سنن النسائي الطهارة (٣٢٠)، سنن أبي داود الطهارة (٣٢٢)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٧١)، مسند أحمد (٤/٢٦٥)، سنن الدارمي الطهارة (٧٤٥) .
1 / 26
ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار.
ولا يصح التيمم إلا بنية؛ لقوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (١)» .
وللمريض في الطهارة عدة حالات:
١ - إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئا فاحشا، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوهما، أو كان ممن يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه، فهذا لا يجوز له التيمم؛ لأن إباحته لنفي الضرر ولا ضرر عليه؛ ولأنه واجد للماء فوجب عليه استعماله.
٢ - وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس، أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو أو فوات منفعة، فهذا يجوز له التيمم؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (٢) .
٣ - وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم. فإن كان لا يستطيع التيمم يممه غيره، وإن تلوث بدنه أو ملابسه أو فراشه بالنجاسة ولم يستطع إزالة النجاسة أو التطهر منها – جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها؛ لقول الله سبحانه ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (٣)، ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بأي حال من الأحوال بسب عجزه عن الطهارة أو إزالة النجاسة.
_________
(١) صحيح البخاري بدء الوحي (١)، صحيح مسلم الإمارة (١٩٠٧)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٧٥)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠١)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/٤٣) .
(٢) سورة النساء الآية ٢٩
(٣) سورة التغابن الآية ١٦
1 / 27
٤ - من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره استعمال الماء فأجنب - جاز له التيمم للأدلة السابقة، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك، وتيمم للباقي.
٥ - إذا كان المريض في محل لم يجد ماء ولا ترابا ولا من يحضر له الموجود منهما، فإنه يصلي على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة، لقول الله سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١) .
٦ - المريض المصاب بسلس البول أو استمرار خروج الدم أو الريح ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن تيسر له ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (٢)، وقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (٣)، وقوله ﷺ: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (٤)»، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول أو الدم في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته.
وله أن يفعل في الوقت ما تيسر من صلاة وقراءة في المصحف حتى يخرج الوقت، فإذا خرج الوقت وجب عليه أن يعيد الوضوء أو تيمم إن كان لا يستطيع الوضوء لأن النبي ﷺ أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة وهي التي يستمر معها الدم غير دم الحيض. وما خرج في الوقت من البول فلا يضره بعد وضوئه إذا دخل الوقت.
_________
(١) سورة التغابن الآية ١٦
(٢) سورة الحج الآية ٧٨
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٥
(٤) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٨)، صحيح مسلم الحج (١٣٣٧)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦١٩)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥٠٨) .
1 / 28