Fatima Zahra da Fatimiyyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Nau'ikan
وأيا كان الخبر الذي يثبت من أخبار صباه فهو لا يغير شيئا من ملامح «الشخصية» التي برز بها في التاريخ، وهي شخصية المغامر صاحب الدعوة التي انقطعت عن جذورها واتصلت به وبغاياته ومراميه.
وهذه بعد شخصية أثبت في ملامحها من شخصية ميمون القداح وأحدث في الدعوة الفاطمية، وعلى دعوتها تقاس الدعوات التي اقترنت بالفاطمية في تاريخها المعلوم أو تاريخها المجهول.
الفصل الخامس عشر
بناة وهدامون ومهدومون
ينسب قيام الدولة الفاطمية إلى جهود الدعاة الذين انبثوا في المشرق والمغرب، وافتنوا في تبليغ الدعوة سرا وجهرا إلى كل طائفة بالوسيلة التي تلائمها، ويغلو بعض المؤرخين في شأن هذه الجهود حتى يخيلوا لمن يقرؤهم أن غير هذه الجهود لم يكن له في إقامة الدولة الفاطمية شأن ذو بال.
ولا شك في براعة الدعوة الفاطمية وقوة أثرها في التمهيد لقيام الدولة، ولكننا لا ننسى أن بعض هذه الدعوة كان يسيء إلى القضية ولا يحسن. وأن فريقا من الدعاة كانوا يخدمون أنفسهم ويضرون قضيتهم. وأن الدعوة لو انصرفت كلها إلى الخدمة والتمهيد لم ينصرف شيء منها للإساءة والتنفير - لما بلغت غايتها إن لم يكن جو العالم الإسلامي متهيئا لقبول نظام جديد والإعراض عن نظام قديم.
والواقع أن جو العالم الإسلامي قد تهيأ في القرن الثالث لقبول هذا التبديل في نظامه، وكان هذا التهيؤ من شقين: شق ينكر النظام القائم، وشق يرحب بالنظام المنتظر ويعطف عليه.
وكانوا يسمون ذلك دلالات النجوم، فيربطون بين مشيئة الإنسان ومشيئة الكون كله، ويلوح لهم حين يريدون التغيير أن التغيير كائن ولو لم يريدوه، ولو لم يعملوا لتحقيق ما أرادوه.
وتوجد الكلمة التي تحفظ حين تلفظ، ويسمع الناس: «إن الشمس ستشرق من مغربها» فيهمس بها بعضهم إلى بعض، ويعجب السامع مما سمع فلا ينساه.
وقد كان علم النجوم قد استفاض في كل مكان، وليس أكثر من مقارنات الفلك التي يحسب المنجمون أنها علامة الغيب على الغير والأحداث، وطلاب التغيير هم المستبشرون دائما بتلك العلامات وهم الذين يركنون إليها ويترقبونها، ولا سيما حين يكون علم النجوم علما يحبه المجددون ويمارسونه، ويبغضه المحافظون ويتشاءمون به ولا يترقبون الخير من ورائه.
Shafi da ba'a sani ba