Fatima Zahra da Fatimiyyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Nau'ikan
وأهم من هذا جميعه بالنسبة إلى زوجة نبي، وإلى جدة الأئمة من بيت النبوة، أنها كانت مفطورة على التدين وراثة وتربية.
فأبوها خويلد هو الذي نازع تبعا الآخر حين أراد أن يحتمل الركن الأسود معه إلى اليمن، فتصدى له ولم يرهب بأسه غيرة على هذا المنسك
1
من مناسك دينه. وقال السهيلي في الروض الأنف: «إن تبعا روع في منامه ترويعا شديدا حتى ترك ذلك وانصرف عنه» فلا يبعد أن روعة خويلد ومرآه وهو ينذر العاهل بالغضب الإلهي إذا أقدم على فعلته قد شغل قلب التبع فتراءى له من المخوفات في منامه ما أرهبه وثناه عن عمله.
وابن عم السيد خديجة هو ورقة بن نوفل الذي رجعت إليه حين بدا لها من اضطراب النبي عليه السلام عند مفاجأته بالوحي ما أزعجها، فركبت إلى ورقة تسأله لعلمه بالدين وعكوفه على دراسة كتب النصارى واليهود، ولم تكن الكهانة الدينية وظيفة ينتفع بها صاحبها؛ إذ لم يكن في مكة مسيحيون يرجعون بأمرهم إلى كاهن أو كنيسة، وإنما كان عكوف الرجل على دراسة الدين لطبيعة فيه توحي إليه الشك في عبادة الأصنام، وتجنح به إلى البحث والمراجعة عسى أن يهتدي إلى عقيدة أفضل من هذه العقيدة. وينسب إليه شعر كان يقوله في الجاهلية يشبه شعر أمية بن أبي الصلت، ويروي كتاب السيرة أنه استغرب علم السيدة خديجة باسم جبريل حين ذكرته له، وقال لها: «إنه السفير بين الله وبين أنبيائه، وإن الشيطان لا يجترئ أن يتمثل به ولا يتسمى باسمه.»
وقد جاء حديث ورقة مع السيدة خديجة على روايات مختلفة، لا يعنينا أن نستقصيها؛ لأن المهم في الأمر هو وجود هذا الشغف بمدارسة الأديان بين بني عم السيدة الأقربين، فهذا وانفراد أبيها بين زعماء مكة بالوقوف لعاهل اليمن والمخاطرة بنفسه غيرة منه على مناسك الكعبة كافيان للإبانة عن طبيعة التدين التي ورثتها الأسرة، من كان منهم على الجاهلية، ومن تحول عنها إلى النصرانية.
ويؤخذ من أخبار السيدة خديجة الأخرى أنها كانت على علم بكل من يطالع كتب المسيحية والإسرائيلية؛ لأنها لم تكتف بسؤال ابن عمها بل سألت غيره ممن كانت لهم شهرة بالاطلاع على التوراة وكتب الأديان.
وقد روي عنها كلام قالته للنبي عليه السلام حين فاجأه الوحي فعاد إليها، وقال لها: «لقد خشيت على نفسي!» فكان كلامها - الذي أرادت أن تسري به عنه وتثبت به جنانه - آية على العلم بلباب الدين علما يستكثر على الناشئين في أديان الجاهلية، فإن الدين لا يعدو أن يكون عندهم كهانة وسحرا، ولكنها أدركت من حقيقة الدين ما لا يدركه عامة قومها، فعلمت أنه فضيلة، وأن النبي الجدير أن يندب له هو الرجل الذي اتسم بالفضيلة، وقالت للنبي وقد آمنت أنه وحي وليس بعارض من عوارض الجنة: «كلا! والله ما يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل،
2
وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وتصدق الحديث، وتؤدي الأمانة.»
Shafi da ba'a sani ba