Fatima Zahra da Fatimiyyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Nau'ikan
ورواه في الزمن المجدب
وقيل على الجملة: إن الباطنيين يظهرون الإسلام ليكيدوا له ويدسوا عقائد الشرك والضلال بين أهله، وإنهم في الأصل مجوس منطوون على بغض شديد للعرب ودينهم، لم يقدروا على هذا الدين وتقويض دولة العرب بالقوة، فاحتالوا على مأربهم بالدسيسة والمكيدة، وأنشأوا نحلتهم لاستدراج المسلمين وتحويلهم شيئا فشيئا من عقائدهم إلى التعطيل والإباحة والكفر بالبعث والمعاد وإنكار الفرائض والعقائد والأديان.
قالوا: وإن الإسماعيلية خاصة يبثون دعوتهم على درجات، ويأخذون المواثيق والأيمان على مريديهم ألا يفشوا لهم سرا ولا يظاهروا عليهم أحدا، ثم يتدرجون بهم من التشكيك وطلب المزيد من العلم على أيدي الأئمة المعصومين، ثم تلقين بعض الرموز التي تروق المريد وتشوقه إلى المزيد من الأسرار، ثم تعريفه بنظام الدعوة ومن يتولاها، ثم تأويل النصوص وتحريف الألفاظ على ظواهر معانيها، ثم الخوض في المذاهب الفلسفية التي تنتهي في الدرجة التاسعة من درجات الكشف والزلفى إلى تأليه الإمام على مذهب الحلول، وأنه هو روح الله حلت في جسد إنسان، ولعمري ماذا في وسع عشرة أو عشرين من «الواصلين» إلى هذه الدرجة في أرذل العمر أن يصنعوه حين يعلمون سرا بإباحة الشهوات ورفض الأديان؟!
وآفة الباحثين في هذه الألغاز والإشاعات أنهم جعلوها كلها مسألة أخبار وروايات، وراحوا يعنتون أنفسهم في جمع هذه الأخبار، فإذا هي تتناقض ولا تستقر على قرار.
هؤلاء المؤرخون الورقيون أو الحرفيون لا يصلحون لبحث هذه المسائل التي يبدأ البحث الصحيح فيها وينتهي في السريرة الإنسانية وما يجوز فيها وما لا يجوز، وما يجب أن يرفض بداهة، فلا يطول البحث فيه بعد ذلك إلا لتطبيق أصول النقد واتخاذ الأمثلة على حقائق التاريخ وأباطيله كما تعرضها عليها الأخبار والروايات.
فمن الطريف حقا أن يقيد المريدون بالأيمان والأقسام ليكتموا السر، ثم يأتي السر المكتوم فإذا هو سر يحلهم من جميع تلك الأيمان والأقسام على سبيل اليقين ولا يضمن نقلهم إلى يقين جديد!
وأطرف منه أن يقال عن رجل: إنه معطل منكر للمعاد منكر للأديان، منكر للوعود الإلهية ثم يقال عنه: إن كراهة دين من الأديان تبعثه إلى الجهاد سرا وعلانية والاستماتة في الجهاد حتى يتعرض للقتل والتشريد؛ أملا في يوم من الأيام يزول فيه هذا الدين ويشهد هو زواله أو لا يشهده بعد سنوات أو بعد أحقاب وقرون.
إنما يعمل هذا العمل لهدم دين من الأديان من يؤمن بدين غيره ، ويعمل لقيام دولة من أبناء دينه، فأما المنكر المعطل لكل عقيدة فلن يبقى في نفسه من الحماسة الروحية ما يهون عليه المشقة والخطر ويقيمه ويقعده كراهة؛ لأن دين قومه وغيره من الأديان عنده سواء.
كان تصديق هذا مفهوما في القرون الوسطى؛ لأنهم كانوا يومئذ يعتقدون أن الكافر يكفر في سبيل الشيطان، وأنه يرى الشيطان بعينه ويسمع وسواسه بأذنه ويساومه ويشارطه ويبيعه روحه ويأخذ منه السطوة والمتعة بديلا من نعيم السماء، وكانوا يومئذ يقولون عن أناس بأعيانهم: إنهم على صلة بالشيطان وإنهم تعلموا على يديه السحر الأسود، واطلعوا منه على أسرار النجوم والوجود واستهواهم مكره فعقدوا معه صفقة المغبون في حساب المؤمنين.
أما في عصرنا هذا فمن العسير أن يتخيل الإنسان ملحدا ينكر كل شيء، ويتجرد لأهوال الدعوة الباطنية لأجل شيء من الأشياء كائنا ما كان، إلا أن يكون ذلك الشيء سطوة يطلبها لنفسه في حياته أو في بيته، ولا يعقل حينئذ أنه يتدرج بالأتباع والمريدين من الجهل بحقيقة إلى العلم بتلك الحقيقة والاطلاع على دسائسه وغوايته التي يلبسها على الناس بتلبيس من ألغاز العقائد وأسرار الديانات.
Shafi da ba'a sani ba