ـ[الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي]ـ
المؤلف: زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي المناوي (المتوفى: ١٠٣١هـ)
المحقق: أحمد مجتبى
الناشر: دار العاصمة - الرياض
عدد الأجزاء: ٣ أجزاء في ترقيم واحد مسلسل
[الكتاب مدقق إملائيا وترقيمه موافق للمطبوع]
Shafi da ba'a sani ba
المقدمة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الله أَحْمد أَن جعلني من خدام أهل الْكتاب وَالسّنة النَّبَوِيَّة، وجبلني عَلَى الاعتناء بتمييز صَحِيح الحَدِيث وسقيمه من غير تحامل وَلَا عصبية.
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى خير الْبَريَّة، وَعَلَى آله وَصَحبه ذَوي المناقب الْعلية.
وَبعد.. فَيَقُول العَبْد المقصر الْقَاصِر، الراجي عَفْو الرءوف الْقَادِر:
إِنَّنِي قد وقفت عَلَى عدَّة تخاريج للأحاديث الْوَاقِعَة فِي الْكَشَّاف وَلم أَقف عَلَى من أفرد تَخْرِيج الْأَحَادِيث الْوَاقِعَة فِي تَفْسِير
1 / 87
القَاضِي - طيب الله ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه - بتأليف مُسْتَقل، مَعَ دُعَاء الْحَاجة بل الضَّرُورَة إِلَى ذَلِك أَشد، إِذْ مِنْهَا الصَّحِيح،
1 / 88
والضعيف والموضوع - وَمَا لَا أصل لَهُ، وَلم يُوقف لَهُ عَلَى خبر
1 / 89
بِالْكُلِّيَّةِ.
فأفردت لذَلِك هَذِه العجالة، مَعَ شغل البال وَسُوء الْحَال، وَكَثْرَة الهموم، وترادف المصائب والغموم حَتَّى أَصبَحت القريحة قريحة والجوارح جريحة، والدمع منهمل، والخاطر منكسر:
(إِلَى الله أَشْكُو صدعة أذهبت بالي ... فَمن هولها ربع اصْطِبَارِي غَدا بالي)
وسميته (الْفَتْح السماوي بتخريج أَحَادِيث القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ) وَمن ممد الْكَوْن أَسْتَمدّ العون، وَهُوَ حسبي، وَنعم الْوَكِيل.
1 / 90
[١ - سُورَة الْفَاتِحَة]
وَهَذَا أَوَان الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود، فَأَقُول بعون الْملك المعبود:
١ - قَول القَاضِي ﵀:لقَوْله ﷺ َ: (هِيَ شِفَاء من كل دَاء) .
رُوَاة الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الْملك بن عُمَيْر مُرْسلا.
1 / 91
٢ - مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَة عَنهُ ﷺ َ أَنه قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب سبع آيَات أولَاهُنَّ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) ...
الحَدِيث.
1 / 93
أخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِمَعْنَاهُ بِلَفْظ آخر.
٣ - قَوْله: وَقَول أم سَلمَة: قَرَأَ رَسُول الله ﷺ َ
1 / 94
«الْفَاتِحَة» وعد (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين) [آيَة] .
رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه،وَلكنه بِلَفْظ: إِن رَسُول الله ﷺ َ - قَرَأَ الْبَسْمَلَة فِي أول الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة [٢/ب] وعدها آيَة.
وَهُوَ يُخَالف مَا يَقْتَضِيهِ إِيرَاد الْمُؤلف.
1 / 95
٤ - قَوْله:لقَوْله ﷺ َ:كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ باسم الله فَهُوَ أَبتر.
1 / 96
أخرجه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: كل [أَمر] ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بـ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) أقطع.
وَرَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ أَيْضا:الرهاوي فِي الْأَرْبَعين من طَرِيق الْخَطِيب.
1 / 97
والْحَدِيث فِي أبي دَاوُد لَكِن فِي الْبدَاءَة بِحَمْد الله وبلفظ: «فَهُوَ أَجْذم» .
وَفِي ابْن ماجة بِلَفْظ: «لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد، أقطع»،وَفِي صَحِيح ابْن حبَان: «لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله أقطع»، وَفِي مُسْند أَحْمد: «لَا يفتح بِذكر الله فَهُوَ أَبتر» .
1 / 98
والأبتر لُغَة: مَا كَانَ من ذَوَات الذَّنب وَلَا ذَنْب لَهُ، والأقطع مَا قطعت يَدَاهُ أَو إِحْدَاهَا، والأجذم: مَا ذهبت أَصَابِع كفيه.
أطلق كل مِنْهَا فِي الحَدِيث عَلَى مَا فقد الْبركَة تَشْبِيها لَهُ بِمَا فقد ذَنبه الَّذِي بِهِ تكمل خلقته، أَو بِمن فقد يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ يعتمدهما فِي الْبَطْش ومحاولة التَّحْصِيل، أَو بِمن فقد أَصَابِعه الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى تَحْصِيل مَا يروم تَحْصِيله.
فإطلاق كل مِنْهَا عَلَيْهِ عَلَى وَجه التَّشْبِيه، أَو الِاسْتِعَارَة عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا حذفت فِيهِ أَدَاة التَّشْبِيه وَجعل الْمُشبه بِهِ جُزْءا من الْمُشبه، وَالْمُخْتَار مِنْهُمَا الأول.
٥ - قَوْله: والعمدة فِيهِ قَوْله ﷺ َ: «الْحَمد رَأس الشُّكْر، مَا شكر الله من لم يحمده» .
1 / 99
رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن ابْن عَمْرو، والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نوادره، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والخطابي، والديلمي، كلهم من حَدِيث قَتَادَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: «الْحَمد رَأس الشُّكْر، مَا شكر الله عبد لَا يحمده» .
وَرِجَاله ثِقَات، لكنه مُنْقَطع بَين قَتَادَة وَابْن عَمْرو.
1 / 100
قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: وَقَوله: مَا شكر الله عبد لَا يحمده،مَعْنَاهُ: أَن من لم يعْتَرف بالمنعم،وَلم يجْهر بالثناء عَلَيْهِ لم يعد شاكرا، وَلم يظْهر مِنْهُ ذَاك،وَإِن أَتَى بِالْعَمَلِ والاعتقاد،وَأَن المنبئ عَمَّا فِي الضَّمِير وضعا، والمظهر لَهُ حَقًا هُوَ النُّطْق.
وَحَقِيقَة مَعْنَى الشُّكْر:إِشَاعَة النِّعْمَة والإبانة عَنْهَا ونقيضه - وَهُوَ الْكفْرـ أَن يُنبئ عَن السّتْر والتغطية.
[٣ /أ] وَقَالَ السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ:إِذا لم يعْتَرف العَبْد بالمنعم
1 / 101
وإنعام الْمولى، وَلم يثن عَلَيْهِ بِمَا يدل عَلَى تَعْظِيمه، وإكرامه، لم يظْهر مِنْهُ شكر ظهورا كَامِلا، وَإِن اعْتقد وَعمل. فَلم يعد شاكرا لِأَن حَقِيقَة الشُّكْر إِشَاعَة النِّعْمَة والكشف عَنْهَا، كَمَا أَن كفرانها إِخْفَاؤُهَا وسترها.
والاعتقاد أَمر خَفِي فِي نَفسه، وَعَلَى الْجَوَارِح وَإِن كَانَ ظَاهرا لكنه يحْتَمل خلاف مَا قصد بِهِ) .
٦ - قَوْله: «كَمَا تدين تدان» .
هَذَا مثل مَشْهُور، وَحَدِيث مَرْفُوع أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي «الْأَسْمَاء وَالصِّفَات» بِسَنَد ضَعِيف، وَله شَاهد
1 / 102
مُرْسل.
وَمَعْنَاهُ: كَمَا تجازي تجازى.
٧ - قَوْله:وَلذَلِك [قَالَ] ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ: نعبدك، وَلَا نعْبد غَيْرك.
أخرجه ابْن جرير،وَابْن أبي حَاتِم، من طَرِيق
1 / 103
الضَّحَّاك وَعنهُ.
٨ - وَقَوله «وَقيل: المغضوب عَلَيْهِم: الْيَهُود» إِلَى قَوْله: وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا.
وَيرد ذَلِك فِي حَدِيث صَحِيح أَو حسن، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ - وَحسنه، وَابْن حبَان فِي صَحِيحه.
1 / 104
وَهَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس، وَابْن مَسْعُود، وَزيد بن أسلم كَمَا رَوَاهُ ابْن جرير عَنْهُم، وَعَن غَيرهم من الصحب وَالتَّابِعِينَ فالعدول عَنهُ إِلَى الآخر بِالرَّأْيِ غير قويم.
1 / 105
٩ -[قَوْله]: وَرَوَى عَن ابْن عَبَّاس: سَأَلت رَسُول الله ﷺ َ عَن مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: افْعَل.
رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ، من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَنهُ، قَالَ ابْن حجر،وَإِسْنَاده واه، وَسَاقه ابْن كثير من رِوَايَة جُوَيْبِر،عَن الضَّحَّاك عَنهُ بِلَفْظ:مَا مَعْنَى «آمين»؟ قَالَ: رب افْعَل.
1 / 106