Fath Qadir
فتح القدير
Mai Buga Littafi
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤ هـ
Inda aka buga
بيروت
رَبِّهِمْ وَيَهْدِيهِمُ اللَّهُ بِهِ، وَيَعْرِفُهُ الْفَاسِقُونَ فَيَكْفُرُونَ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي قَوْلِهِ: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ. وَفِي قَوْلِهِ: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ قَالَ: هُوَ مَا عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ فَأَقَرُّوا بِهِ ثُمَّ كَفَرُوا فَنَقَضُوهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ يَقُولُ: يَعْرِفُهُ الْكَافِرُونَ فَيَكْفُرُونَ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابن جرير عن قتادة قال: فسقوا فأضلّهم الله بفسقهم. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ قَالَ: الْحَرُورِيَّةُ «١» هُمُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَكَانَ يُسَمِّيهِمُ الْفَاسِقِينَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا نَعْلَمُ اللَّهَ أَوْعَدَ فِي ذَنْبٍ مَا أَوْعَدَ فِي نَقْضِ هَذَا الْمِيثَاقِ، فَمَنْ أَعْطَى عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِهِ فَلْيُوفِ بِهِ اللَّهُ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَحَادِيثَ ثَابِتَةٍ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ النَّهْيُ عَنْ نَقْضِ الْعَهْدِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ قَالَ: الرَّحِمُ وَالْقُرَابَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ قَالَ: يَعْمَلُونَ فِيهَا بِالْمَعْصِيَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ نَسَبَهُ اللَّهُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، مِثْلِ: خَاسِرٍ، وَمُسْرِفٍ، وَظَالِمٍ، وَمُجْرِمٍ، وَفَاسِقٍ، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْكُفْرَ، وَمَا نَسَبَهُ إِلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الذَّمَّ.
[سورة البقرة (٢): آية ٢٨]
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)
كَيْفَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْفَتْحِ لِخِفَّتِهِ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ نصب بتكفرون، وَيُسْأَلُ بِهَا عَنِ الْحَالِ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ هُوَ لِلْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِهِمْ وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْوَاوُ فِي وَكُنْتُمْ لِلْحَالِ وَقَدْ مُقَدَّرَةٌ كَمَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ، وَإِنَّمَا صَحَّ جَعْلُ هَذَا الْمَاضِي حَالًا لِأَنَّ الْحَالَ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: كُنْتُمْ أَمْواتًا بَلْ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ إِلَى قَوْلِهِ: تُرْجَعُونَ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْكَشَّافِ كَأَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ؟
وَقِصَّتُكُمْ هَذِهِ: أَيْ وَأَنْتُمْ عَالِمُونَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَبِأَوَّلِهَا وَآخِرِهَا. وَالْأَمْوَاتُ جَمْعُ مَيِّتٍ وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَرْتِيبِ هَاتَيْنِ الْمَوْتَتَيْنِ وَالْحَيَاتَيْنِ فَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ كُنْتُمْ أَمْواتًا قَبْلَ أَنْ تُخْلَقُوا أَيْ مَعْدُومِينَ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ إِطْلَاقُ اسْمِ الْمَوْتِ عَلَى الْمَعْدُومِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي عَدَمِ الْإِحْسَاسِ فَأَحْياكُمْ أَيْ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَا مَحِيدَ لِلْكَفَّارِ عَنْهُ، وَإِذَا أَذْعَنَتْ نفوس الكفار بكونهم
(١) . الحرورية: فرقة من الخوارج نسبت إلى حروراء وهي قرية بضاحية الكوفة.
1 / 70