Fath Qadir
فتح القدير
Mai Buga Littafi
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤ هـ
Inda aka buga
بيروت
جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْيَهُودَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَرَغَّبَهُمْ فِيهِ، وَحَذَّرَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَنِقْمَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَافِعُ بْنُ خَارِجَةَ وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ: بَلْ نَتَّبِعُ يَا مُحَمَّدُ! مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ وَخَيْرًا مِنَّا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ، وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أَلْفَيْنا قَالَا: وَجَدْنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ، قَالَ: كَمَثَلِ الْبَقَرِ وَالْحِمَارِ وَالشَّاةِ إِنْ قُلْتَ لِبَعْضِهِمْ كَلَامًا لم يعلم ما تقول غير أنه سمع صَوْتَكَ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ إِنْ أَمَرْتَهُ بِخَيْرٍ أَوْ نَهَيْتَهُ عَنْ شَرٍّ أَوْ وَعَظْتَهُ لَمْ يَعْقِلْ مَا تَقُولُ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَكَ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَخْرَجَهُ وَكِيعٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ «١» إِلَى قَوْلِهِ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «٢» .
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٧٢ الى ١٧٣]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)
قَوْلُهُ: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ هَذَا تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ الأول، أعني قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ هُنَا لِكَوْنِهِمْ أَفْضَلَ أَنْوَاعِ النَّاسِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَكْلِ:
الِانْتِفَاعُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ: الْأَكْلُ الْمُعْتَادُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَوْلُهُ: وَاشْكُرُوا لِلَّهِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَالُ شَكَرَهُ وَشَكَرَ لَهُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ. وَقَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ أَيْ: تَخُصُّونَهُ بِالْعِبَادَةِ، كَمَا يُفِيدُهُ تَقَدُّمُ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: حُرِّمَ عَلَى البناء للمفعول وإِنَّما كَلِمَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَصْرِ تُثْبِتُ مَا تَنَاوَلَهُ الْخِطَابُ وَتَنْفِي مَا عَدَاهُ. وَقَدْ حَصَرَتْ هَاهُنَا التَّحْرِيمَ في الأمور المذكورة بعدها. وقوله: الْمَيْتَةَ قرأ ابن أبي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجْعَلُ مَا فِي إِنَّما مَوْصُولَةً مُنْفَصِلَةً فِي الْخَطِّ، وَالْمَيْتَةَ وَمَا بَعْدَهَا خَبَرَ الْمَوْصُولِ، وَقِرَاءَةُ الْجَمِيعِ بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ الْمَيِّتَةَ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي مَيِّتٍ التَّخْفِيفُ وَالتَّشْدِيدُ. وَالْمَيْتَةُ: مَا فَارَقَهَا الرُّوحُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ. وَقَدْ خُصِّصَ هَذَا الْعُمُومُ بِمِثْلِ حَدِيثِ: «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ» أخرجه أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، والدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. وَمِثْلُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْعَنْبَرِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ «٣» فَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ هُنَا: مَيْتَةُ الْبَرِّ لَا مَيْتَةُ الْبَحْرِ. وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى جَوَازِ أَكْلِ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ حَيِّهَا وَمَيِّتِهَا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ مَا يَحْرُمُ شَبَهُهُ فِي الْبَرِّ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وأنا أتقيه ولا أراه حراما. وقوله:
وَالدَّمَ قَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدَّمَ حَرَامٌ، وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا «٤» فيحمل المطلق
(١) . البقرة: ١٧٤. (٢) . البقرة: ١٧٥. (٣) . المائدة: ٩٦. (٤) . الأنعام: ١٤٥.
1 / 195