Fath Qadir
فتح القدير
Mai Buga Littafi
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤ هـ
Inda aka buga
بيروت
وَالسَّبُّ: الْعِمَامَةُ. وَفِي الشَّرْعِ: الْإِتْيَانُ بِمَنَاسِكِ الْحَجِّ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ. وَالْعُمْرَةُ فِي اللُّغَةِ:
الزِّيَارَةُ. وَفِي الشَّرْعِ: الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ الْمَعْرُوفِ عَلَى الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ. وَالْجَنَاحُ: أَصْلُهُ مِنَ الْجُنُوحِ، وَهُوَ الْمَيْلُ، وَمِنْهُ الْجَوَانِحُ لِاعْوِجَاجِهَا. وَقَوْلُهُ: يَطَّوَّفَ: أَصْلُهُ يَتَطَوَّفَ فَأُدْغِمَ. وَقُرِئَ: أَنْ يَطَّوَّفَ، وَرَفْعُ الْجَنَاحِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةِ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ. وَحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةِ أَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَعَلَى تَارِكِهِ دَمٌ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ سِيرِينَ. وَمِمَّا يُقَوِّي دَلَالَةَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ وَنُسُكٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَاسِكِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ عُرْوَةَ قَالَ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما فَمَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ جُنَاحًا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا كَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ الْآيَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الطَّوَافَ بِهِمَا. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: لَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا عُمْرَتَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فَاسْعَوْا» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، والشافعي، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ وَرَاءَهُمْ يَسْعَى، حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ، يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ كتب عليكم السّعي» وهو فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِهِ عَبْدِ الله بن المؤمل عن عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْهَا، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا فَذَكَرَتْهُ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حديث: «خذوا عنّي مناسككم» .
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٥٩ الى ١٦٣]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)
وقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فِيهِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الَّذِي يَكْتُمُ ذَلِكَ مَلْعُونٌ، وَاخْتَلَفُوا
1 / 186