وخيار الناس هداتهم : إلى طريق الحق ، وهم العلماء العاملون ؛ لأدلة كثيرة ، كقوله تعالى : [ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ] ، وقوله : [ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ] ، وسواهم من همج الهمج : لخبر : الناس رجلان : عالم ومتعلم ، وسائر الناس / همج لا خير فيهم ، رواه ابن ماجة بلفظ العالم 6 أوالمتعلم شريكان في الخير ، ولا خير في سائر الناس ، والهمج جمع همجة ، وهي الشاة المهزولة ، والذباب الصغير الذي يسقط على وجه الغنم والحمير ، شبه بذلك غير الهداة في قلة الهمة ، وخسة العزائم ، فبالغ بإضافتهم إلى الهمج ، ثم بالغ بأن جعلهم من همج الهمج ، تنبيها على ذم العلم الذي لا ينفع صاحبه عند الله بأن قصد به حظا أو جاها دنيويا ، والهمج يقال أيضا للرعاع من الناس الحمقى ، وعليه فلا تشبيه ، ولما أشار إلى عظم خطر العلم والعمل فهن قصد بهما ذلك أشار إلى الأمر بالجد فيهما ، والصبر عليهما ؛ ليسلم الآتي منهما من الخطر ، فقال :
وإذا كنت المقدام : أي الكثير الإقدام على العدو بشجاعتك ، فلا تجزع : أي تضطرب ، والحرب : أي القتال من : أجل ، الرهج : أي الغبار الذي في جدك ونشاطك قوي القلب بالله ، نافذ العزم فيما تطلبه كالمقدام الذي لا يرده عن مقصده راد ، وإن عظم ، وإذا كنت كذلك فلا تجزع من مجاهدتك الشيطان والنفس ، ومخالفتهما المشبهة بالحرب من العوارض من الشبهة بالرهج في الدناءة كوسوسة الشيطان ، وهوى النفس .
Shafi 8