Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Nau'ikan
3
ولم يكن حنا هذا بصاحب الرأي الطريف المبتكر، ولكنه كان عالما ضليعا بفنون كثيرة من العلم، ولا تزال بعض مؤلفاته باقية، وهي حواش على كتاب أرسطو. وفي ذلك الوقت كتب قس من الإسكندرية اسمه هارون رسائل في علم الطب باللغة السريانية بقيت معروفة يرجع إليها العرب، كما قال أبو الفرج.
4
وكان أطباء الإسكندرية معروفين مشهودا لهم زمنا طويلا، وكانت مدرسة الطب في تلك المدينة كعبة للطلاب يقصدونها من كل أنحاء الدولة. وقد جاء في كتاب زكريا المتليني عن وصفه للقرن السادس أن طبيب الإمبراطور بازيليكوس كان من أهل الإسكندرية. وجاء في موضع آخر في وصف «سرجيوس
5
طبيب ريزاينا الأكبر» أنه كان يطلع على كثير من كتب الإغريق، وكان فوق ذلك فقيها في الدين وعالما في الطب في الإسكندرية، وكان يجيد السريانية قراءة وكلاما .
6
ولعلنا نفهم من هذا الوصف أنه قد كان ثمة اتصال خاص بين لغة السريان ودراسة الطب، وأنه لا يبعد أن أعظم كتب الطب في القرنين السادس والسابع كانت باللغة السريانية، ولا شك أن تلك اللغة كانت ذائعة بين الناس، وأن آدابها كانت دائما تدرس في الإسكندرية حتى قبل أن تفد جموع العلماء إلى مصر من سوريا عند غزو الفرس لها.
ومن العجيب أن «هارون» و«سرجيوس» كلاهما كان فقيها في الدين وعالما في الطب في وقت واحد، وكذلك البطريق أوتيكيوس (سعيد بن بطريق). وقد قام أكبر الأدلة على أنه قد ازدهرت في ذلك الوقت مدرسة مستقلة من مدارس الفقه؛ فنسمع أن جماعة من العلماء السوريين كانوا قبيل غزو الفرس مصر يراجعون الترجمة السريانية للإنجيل، ويترجمون إلى السريانية كتاب التوراة السبعينية من جديد، وكان أكبر من اشترك في هذا العمل «توما الهركلي» و«بولص التلوي».
7
Shafi da ba'a sani ba