Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Nau'ikan
مع أن السلطان «بيبرس» كان قد رممها قبل ذلك وأصلح منها، وقد سعى من جاء بعد ذلك في إصلاحها، غير أنه يلوح لنا أن الزلزال الذي وقع في عام 1375 دمر معظمها، فلم تبق منها إلا الطبقة السفلى من البرج.
74
ولئن ذهبت منارة «الفاروس» وتطاول على زوالها أمد الدهر، فقد بقيت منها هيئتها وجمال منظرها، وما كانت مستعملة من أجله؛ وذلك أن منائر المساجد المصرية إنما رسمت على رسمها،
75
ونسجت على منوالها، وقد سميت باسمها. وإن منائر القاهرة وإن اختلفت أشكالها وتباينت رسومها، لا تزال الكثرة منها على رسم منارة «سوستراتوس» لا فرق فيما بينها؛ فهي برج قاعدته عند الأرض مربعة الشكل، ثم تصير بعد ذلك مثمنة الأضلاع، وتدق في حجمها، ثم تدق بعد ذلك ويستدير شكلها، ثم يعلوها عند القمة مصباح.
إن تاريخ آثار الإسكندرية لم يكتبه أحد بعد، وإن من أراد كتابته لا بد له من بحث كثير لا يتيسر اليوم في كثير من المواضع، وهو بحث لا غنى عنه في إثبات ما يراد إثباته. على أن وصفنا الذي نصفه الآن على ما فيه من نقص قد يفيده في بيان ما وقعت عليه أنظار العرب من تلك الآثار عند أول دخولهم في المدينة.
ولم يكن مظهر العاصمة من خارجها بأقل أثرا أو أحقر منظرا؛ فكانت الأسوار في شمال المدينة تساير الشاطئ في انحنائه كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وكانت الأسوار في جنوبها تتبع الترعة حتى تدخل إلى المدينة وتجري فيها، وكان كل ذلك بناء متينا بارع الصناعة تنهض فيه بروج وحصون، فتجعل له هيئة منوعة ظلت يعجب بحسنها السفار الذين كانوا يرونها في السنين الغابرة من أيام الفتح حتى العصور الوسطى.
76
الفصل الخامس والعشرون
مكتبة الإسكندرية
Shafi da ba'a sani ba