Fath Carab Li Misr
فتح العرب لمصر
Nau'ikan
في صلاتهما، فوثب الرجلان إلى فرسيهما وحملا على الروم. فلما رأى الروم أن العدو لاحق بهم جعلوا يلقون مناطقهم وحليتهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم، وعدوهم لا يلتفت إليها حتى دخلوا الحصن، وأصيب عبادة إصابة خفيفة من حجر رمي به من فوق الحصن.
22
فرجع القائدان المسلمان، ولكنهما لم يلتفتا إلى ما ألقاه الروم، بل عادا إلى موضعهما فأتما صلاتهما، وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه.
وقد روى الواقدي رواية عن قتال في موضع آخر، قال: إن المسلمين كانوا في يوم جمعة قد اجتمعوا للصلاة، وسار بينهم عمرو بن العاص يحرضهم على القتال، فرآهم ربيئة الروم، وحمل إلى قومه في الحصن خبر اجتماعهم. فلما انتهى عمرو من خطبته نزل عن منصته الساذجة التي كان قائما يخطب عليها، وأم المسلمين في الصلاة، وفيما هم كذلك هبط عليهم جنود الروم بغتة وهم عزل ليس معهم السلاح، فأوقعوا بهم.
23
ولما مضى الشتاء قل خروج الروم من الحصن وقتالهم للمسلمين، في حين كثر هجوم المسلمين على الحصن وزاد شدة، واشتدت وطأة الحراسة والقتال على الروم، وخارت قواهم عن الدفاع. على أن حصونهم ما زالت على عهدها لم يصدع الحصار منها إلا قليلا، ثم فتك المرض بأهل الحصن
24
فقل عددهم، ولم يأتهم المدد، يتطلع حراسهم وهم فوق صروحهم إلى ما حولهم من الآفاق فلا يجدون أثرا يلوح من رماح الروم ودروعهم طالعا من بين قباب الأديرة البيضاء التي تملأ السهل في شمال الحصن، وكان النهر عند ذلك قد هبط وجفت الأرض ، وإذا كان ثم أمل في قدوم جيش من الروم لإمداد الحصن فقد كان ذلك وقته وتلك فرصته.
ولعل ذلك هو الوقت الذي بلغ عمرا أن الروم قد أعدوا جيشا في مصر السفلى بين فرعي النيل وجعلوا عليه «تيودور»، فلم يقم عمرو حتى يقبل عليه العدو، بل ترك من جيشه جماعة تكون ردءا عند الحصن، ثم سار على الفرع الشرقي للنيل، وعبر النهر عند أثريب، وتوجه نحو سمنود. فبعث «تيودور» باثنين من قواده ليدافعا عن المدينة، فاتصلا بجنودهما بمن كان في المدينة من الحرس، غير أن هؤلاء لم يرضوا أن يتبعوا الروم في قتال العرب، والتقى الجمعان مع هذا على كثب من سمنود، ودارت الدائرة على المسلمين وعلى من كان معهم ممن أسلم من النصارى، وقتل من هؤلاء وأولئك خلق كثير، ورأى عمرو أنه لن يستطيع أن يصيب البلاد الشمالية بشيء كبير؛ إذ كانت تحميها الخنادق والترع دون جرائد الخيل العربية، فعاد أدراجه إلى بوصير وجعل حولها الحصون، ثم رمم حصون «أثريب» و«منوف»، وجعل فيها مسالح من المسلمين، ثم عاد إلى حصار الحصن، ولكن «تيودور» لم يستطع أن يستفيد شيئا من وراء انتصاره في ذلك القتال، ولم يقدر على أن يبعث من جنده إمدادا يبلغ الحصن أو يقترب منه.
25
Shafi da ba'a sani ba