103

Fath Carab Li Misr

فتح العرب لمصر

Nau'ikan

2

وإنه من سوء الحظ أن مؤرخي اليونان يتخبطون في ظلمة، لا يصفون حقيقة ما كان من الحوادث في ذلك العصر، ولا يعرفون ما كان منها أولا وما كان منها بعد.

وأضل من «تيوفانز» المؤرخ «نيقفوروس»،

3

وأبعد من كلا الاثنين عن الحق «الديوان الشرقي»؛

4

فإنهم جميعا لم يفحصوا الحوادث التي يصفونها، ولم يدركوا حقيقتها، فلا فائدة فيها؛ لأنها تخلط في التواريخ خلطا فاحشا، وتقلب الحقائق وتمسخها، بل إنها قد أضلت كل من اهتدى بنورها من الكتاب المحدثين، وقذفت بهم في المجاهل.

5

وحسبنا في هذا المقام أن نقول إنه ليس ثمة كلمة صدق واحدة فيما رواه هؤلاء اليونانيون عن دفع المقوقس غزوة العرب بجزية من المال يعطيهم إياها، ولا يرد لفظ واحد يشير إلى هذا الأمر في كتاب كتبه أحد أهل الشرق، سواء أكان فارسيا أم سريانيا أم قبطيا أم من العرب، اللهم إلا «ساويرس» وقد نقل عن «الديوان الشرقي». والقصة كلها قائمة على خطأ وقع فيه مؤرخو اليونان؛ فهي صورة مشوهة ممسوخة مما وقع بعد ذلك بزمن طويل، وسيأتي ذكر ذلك في حينه. ولم يكن لنا بد من أن نبدأ بدحض هذا القول، وإذ فعلنا ذلك فلنمض في سبيلنا من وصف مسير عمرو في الصحراء.

غادر العرب العريش وما حولها من بساتين النخيل وساروا في الطريق إلى الغرب بعيدين عن البحر؛ فإن الطريق بعد العريش تسلك قطعة من الصحراء تتخللها بعض عيون وقرى، وهي الطريق القديمة المؤدية إلى مصر، شهدت من قدم مصر قبل أن يلوح فجر العمران، كما شهدت مقدم إبراهيم ويعقوب ويوسف وقمبيز والإسكندر وكليوبترا

Shafi da ba'a sani ba