بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله المتصرف قبل علل التصريف المتعرف قبل آلة التعريف الذي ألف الأشياء أحسن تأليف وحمل الإنسان أمنة التكليف وشرف العلم وأهله أكمل التشريف أحمده على جميع نعمه وأفضاله، حمدًا يليق بكرم وجهه وعز جلاله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ذاته، وصفاته، وأفعاله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي من على عباده بإرساله، وجعل اللغة الفصيحة العربية لسان مقاله، صلى الله عليه وعلى أصحابه وأتباعه وآله، صلاة دائمة بدوامه، كاملة بكماله، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وأما بعد: فإن علم العربية في الدين بالمحل الأعلى، والمقام الأعز الأسنى، إذ هو السلم الذي فيه يرتقي إلى فهم الخطاب، وقنطرة الآداب، التي عليها المجاز إلى معرفة السنة والكتاب، على ذلك أجمع أهل سلفًا وخلفًا، وتقربوا إلى الله بطلبها زلفى، وشرطوها في صحة الإمامة العظمى فما دونها من الولايات، وعدوها من أهم فروض الكفايات، واعتنوا قديمًا وحديثًا بحفظ أشعار العرب ونثرهم، وغير ذلك من خطبهم وأسجاعهم وأمرهم، ولقد كان أحدهم يطوي المفاوز في تحصيل كلمة أو تفسيرها ليفوز بفهم تصويرها وتقريرها.
ثم لما فترت في هذا الأوان همم أبناء الزمان، واعرضوا من هذا المهم العظيم الشأن، حاولت اختصار مقاصدها، والاقتصار على المهم من فوائدها، لأضرب بين أربابها بسهم مصيب، وأفوز بالدعوة إليها بحظ ونصيب، فوفقني الله وله الحمد أن شرحت القصيدة اللامية المسماة: أبنية الأفعال في علم التصريف
1 / 23
للإمام جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك ﵀، فضبطت ألفاظها وفتحت مقفلها، وحللت مشكلها، وأكثرت أمثلتها ونبهت على كثرة معانيها، وطابقت ما أشار إليه ناظمها، بقوله فيها:
(وبعد فالفعل من يحكم تصرفه ... يحز من اللغة الأبواب والسبلا)
وضممت إلى ذلك فوائد وإشارات، وتتمات وتنبيهات، واخترعت لها تقسيمات فجاء بحمد الله كتابًا جامعًا بين علمي اللغة والتصريف مانعًا من الخطأ والتصحيف والتحريف، مغنيًا عن حمل أسفار كبيرة، حاويًا مع صغره لفوائد كثيرة، مما لا تكاد تجده مجموعًا في تصنيف ولا مفردًا به تأليف، فإني لما رأيت ابن مالك ﵀ حصر في هذه المنظومة ما جاء شاذًا من مضارع فعل المكسور على يفعل بالكر كيحسب، ومن اللازم المضاعف مضمومًا، ومن معداه مكسورا، تتبعت مواد العربية من الصحاح والقاموس وغيرهما فظفرت بأشياء من الشاذ لم يحفظها ابن مالك ﵀ في البابين وغيرهما، فزدتهما على ما أوردهن لتكمل الفائدة، وذلك بعد إيراد جملة من أمثلة الفعل المقيسة، إذ لا فائدة في معرفة الشاذ لمن لا يعرف الأصل المقيس عليه، كما لا تعظم الفائدة في معرفة غريب اللغة قبل مشهورها. أو غير ذلك مما ستراه موضحًا في أبوابه إن شاء الله تعالى مما لا يعرف قدر فضله إلا من وقف عليه مما تشتد إليه حاجة كل مصنف ومدرس وغيرهما من طلبة العلم.
والله سبحانه المسؤول أن يمن علينا بإتمام نعمه الباطنة والظاهرة، وأن ينفعنا بما علمناه في الدنيا والآخرة، إنه سميع الدعاء قريب مجيب، ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود: ٨٨]
فأقول: لما كان كتاب الله مفتتحًا بالبسملة ثم الحمدلة، وجاءت السنة
1 / 24
بالندب إلى افتتاح الأمور المهمة بهما، افتتح الناظم ﵀ نظمه هذا بهما، فقال بعد التيمن بالبسملة:
«الحمد لله) لا أبغى به بدلا ... حمدًا يبلغ من رضوانه الأملا)
الحمد: هو الثناء باللسان على المحمود بصفاته الجميلة في مقام التعظيم، والله سبحانه: علم للذات الواجب الوجود المعبود بحق المستحق لجميع المحامد، وبغيت الشيء أبغيه بُغية وبِغية بالضم والكسر وبُغا بالقصر بُغاء بالمد مع الضم فيهما: أي طلبته، وبدل الشيء: عوضه، وبلغت الشيء بالتشديد وأبلغته أي أوصلته وبهما قرئ ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي﴾ [الأعراف: ٦٨] والرضوان: بمعنى الرضى، يقال: أرضى عنه وعليه رضًا ورضوانًا بكسر الراء وضمها، وبهما قرئ أيضًا، والأمل: الرجاء، يقال أملت الشيء مخففًا آمله بمد الهمزة كأكلت الشيء آكله، وأمّلته بالتشديد أؤمله أي رجوته: وقوله (لا أبغى به بدلا) في موضع النصب؛ إما على أنه وصف لمصدر محذوف أي حمدًا لا أبغى به بدلا، والضمير للحمد، أي بل لما تستحقه ذاته المقدسة من التعظيم. وإما على الحال من فاعل الحمد المفهوم من قوله الحمد لله، لأنه بمعنى أحمد الله، أي غير طالب بحمدي له عوضا. ويجوز عود الضمير إلى الله سبحانه أي غير مستبدل به إلهًا غيره. وحمدًا المصرح به المنصوب على المصدر، والعامل فيه الحمد، ويبلغ في موضع النعت له.
ثم لما كان شكر الوسائط في إيصال الخيرات مأمورًا به شرعًا، وإن كان المنعم الحقيقي هو الله تعالى ثلث الناظم ﵀ بالصلاة على أكبر الوسائط بين العباد ومعبودهم في إيصال كل خير ودفع كل ضير، وهو الرسول
1 / 25
ﷺ، ثم آله وصحبه الذين آووا الدين ونصروه وحملوه إلى الأمة ونقلوه ﵃، فقال:
(ثم الصلاة على خير الورى وعلي ... سادتنا آله وصحبه الفضلا)
وإنما عطف ذلك بثم ليفيد الترتيب صريحًا، لأن حمد الله تعالى أهم وأحق بالتقديم والصلاة في اللغة: الدعاء والرحمة والاستغفار، والمراد بها هنا: الدعاء له على الله عليه وسلم، والاستغفار لهم ﵃ بما هو وهم له أهل، وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين بالصلاة على نبيه ﷺ، وبالتسليم والثناء على الذين جاءوا من بعدهم يقولون: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾ [الحشر: ١٠] والورى مقصورا: الخلق. يقال: ما أدري أي الورى هو؟ . وخير الخليقة هو نبينا محمد ﷺ، ولهذا استغنى الناظم ﵀ بهذا الوصف عن اسمه العلم لتعين هذا الوصف له ﷺ، والسادة: جمع سيد، يقال ساد فلان قومه يسودهم سيادة وسؤددًا بفتح الدال وضمها مع ضم السين فيهما، فهو سيد، والجمع سادة. والآل: أصله: أهل، بدليل قولهم في تصغيره: أهيل فأبدلت الهمزة من الهاء لقرب المخرج، وآل الرجل: عشيرته وأتباعه. وتخصيص آله ﷺ ببني هاشم والمطلب الشرعي لا لغوي. والصخب: جمع صاحب كركب وراكب. وأما أصحاب فجمع الجمع، والفضلا: جمع فاضل على غير قياس كشاعر وشعراء. وأصل الفضل: الزيادة، فمن زاد على أحد بشيء فقد فضله به، وهم ﵃ قد فضلوا سائر الأمم بما خصهم الله به، ورؤيته والانتساب إليه وإتباعه ﷺ، قال تعالى
1 / 26
﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد: ١٠] وقال ﷺ "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه" رواه البخاري ومسلم: أي إن إنفاق أحدهم مدًا أو نصف مد أفضل من إنفاق غيرهم مثل أحد ذهبًا، ثم إنه ﵀ بين الغرض الداعي له إلى هذا النظم، وهو الحث على علم التصريف الذي يتوصل به إلى علم اللغة، والتي بها يتوصل إلى فهم كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، فقال:
(وبعد فالفعل من يحكم تصرفه ... يجز من اللغة الأبواب والسبلا)
وبعد هنا: من الظروف المبنية على الضم لقطعها عن الإضافة لفظًا، والتقدير: وبعدما قدمته من الحمد وغيره، وهو متضمن لمعنى الابتداء، ولهذا حسن بعده الفاء ويسمى عند كثير من العلماء فصل الخطاب؛ لأنه يؤتى به فاضلًا ما بين كلامين لا ارتباط بينهما، والمراد بالفعل هنا: الفعل الصناعي من ماضٍ ومضارع وأمر، مع ما يشتمل على حروف الفعل ومعناه من مصدر اسمي فاعل ومفعول واسمي زمان ومكان وما يلتحق بها، وذلك لأنه علم التصريف يبحث فيه عن أحوال أبنية الكلم، والكلم: اسم وفعل وحرف. ولاحظ للحروف في التصريف، وكذا الأسماء المبنية والأفعال الجامدة لقوة شبهها بالحروف؛ لأنها لا تقبل التغيير، فصار علم التصريف مختصًا بالأصالة بالأفعال المتطرفة والأسماء المتمكنة. وهو في الفعل أصل لكثرة تغييره بظهور الاشتقاق فيه، والناظم ﵀ خص هذه المنظومة بالفعل مجردًا كان أو مزيدًا فيه؛ لما ذكره من أن أحكامه مفتاح محكم اللغة. والفعل ثلاثة أقسام: ماضٍ
1 / 27
ومضارع وأمر. ولابد لكل فعل من مصدر ومن فاعل. فإن كان متعديًا فلابد له من مفعول به، وقد يحذف الفاعل ويقام المفعول به مقامه فيحتاج إلى تغيير صيغة الفعل له، ولابد أيضًا لوقوع الفعل من زمان ومكان، وقد يكون للفعل آلة يفعل بها، فانحصرت أبواب هذه المنظومة فيما ذكر من باب الفعل المجرد وتصاريفه. وباب أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين من المجرد والمزيد فيه، وباب أبنية المصادر مجردة ومزيدة فيها، وباب أسماء الزمان والمكان وما يلتحق بهما من الآلة وغيرها.
وإحكام الشيء إتقانه وضبطه، والتصرف: التقلب، وتصريف الشيء: تقليبه من حال إلى حال. وعلم التصريف في الاصطلاح ما سبق. ويحز بالحاء المهملة أي يحوي ويحيط، يقال حازه يحوزه حوزًا وحيازة أي ضمه وأحاط به. والسبل جمع سبيل وهو الطريق يذكر كل منهما ويؤنث، وباب الشيء ما يدخل منه إليه. والمعنى: إن من أحكم علم التصريف حوى أبواب اللغة وأحاط بطرقها. وأنت تعلم أن الناس في ذلك أصناف: صنف عرف الأبنية والأوزان فهذا تصريفي فقط، كمن يعلم مثلًا أن مضارع فعل المضموم مضموم ككرم يكرم، وأن قياس اسم الفاعل منه على فعل وفعيل كسهل وظريف، وقياس مصدره الفعالة والفعولة كالشجاعة والسهولة، إلا أن هذا مفتقر إلى علم اللغة الفارق له بالنقل عنهم بين فَعُلَ بالضم وفَعِلَ بالكسر وفَعَلَ بالفتح. وصنف ثانِ أشرف على مواد علم اللغة بالنقل والمطالعة ولا يعرف الموازين والأقيسة التي يرد بها كل نوع إلى نوعه، فهذا لغوي فقط لا يذوق حلاوة علم اللغة. وصنف ثالث عرف الموازين والأقيسة أولًا ثم تتبع مواد اللغة نقلًا فهذا هو المتقن الذي أحكم علم التصريف وحاز سبل
1 / 28
اللغة. وهذا مراد الناظم رحمه الله تعالى؛ فإن مراده حصر مواد الأفعال كلها ومعرفة ما جاء منها مقيسًا وشاذًا، إلا أنه لما لم يمكنه ذلك حصر الشاذ في أبوابه وأحال على المقيس في كتب اللغة، فلهذا شرحت أنا هذه المنظومة شرحًا مطابقًا لغرض الناظم ﵀ فبسطت القول في الباب الأول بكثرة الأمثلة التي يحتاج إليها، فذكرت ف الفعل الرباعي نحو مائة مثال، ولفَعُلَ المضموم نحو مائة أيضًا، ولفَعِلَ المكسور نحو ثلاثمائة وسبعين، منها نحو أربعين لونًا، ولما اشتركا فيه نحو خمسين مثالاُ، ولما اشترك فيه فَعُلَ وفَعِلَ وفَعَلَ جميعًا، وهو المثلث، نحو ثلاثين مثالًا، ولما فاؤه واو من فَعَلَ المفتوح كوعد سبعين، ولما عينه ياء كباع ثمانين، ولما لامع ياء كرض ستين، ولمضاعفه اللازم كحن مائة، والمعدي كمده مائة وعشرين، ولما عينه واو كقال مائة وثلاثين، ولما لامه واو كدعا ثمانين، وللحلقى المفتوح كمنع مائة وسبعين، والمكسور كيبغي ستة، والمضموم كيدخل أربعة عشر، ولغير الحلقي المضموم كنصر مائتين وعشرين، والمكسور كضرب مائة وستين، ومما يجوز كسره وضمه كعتل مائة وأربعين .. إلى غير ذلك من الأمثلة، فيصير مجموع أمثلة الفعل المجرد رباعيًا وثلاثيًا مضمومًا ومكسورًا ومفتوحًا بأنواعه قريبًا من ألفي مثال، وذلك معظم مواد اللغة بحيث لا يفوت على من عرف ذلك إلا القليل.
(قاعدة عظيمة) إذا عرفت أمثلة المجرد استخرج منها أمثلة المزيد فيه وأمثلة المصادر واسمي الفاعل والمفعول منهما، فيتحصل من ذلك ما لا يحصى من الأمثلة. وجعلت الأمثلة مرتبة في الغالب على حروف المعجم على ترتيب
1 / 29
الصحاح، ومن عرف ذلك لم يشتبه عليه ضبط الأمثلة، يسر الله النفع بذلك.
ثم كأن السامع لما توفرت رغبته قال: فكيف لي بذلك، فقال:
(فهاك نظمًا محيطًا بالمهم وقد ... يحوي التفاصيل من يستحضر الجملا)
فها: اسم بمعنى خذ، والكاف فيه حرف خطاب يفتح للمذكر ويكسر للمؤنث ويثنى ويجمع، تقول هاكَ هاكِ هاكما هاكم هاكن، وقد يبدل من الكاف همزة تتصرف كتصرفه فيقال: هاءَ للمذكر بفتح الهمزة، وهاءِ للمؤنث بكسرها، وهاؤما وهاؤم وهاؤن، وبهذه اللغة جاء قوله تعالى ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ أي هاكم. ونظم الشيء: تأليفه على وجه مخصوص، ومنه نظم الشعر، يقال: نظمه وينظمه كضربه يضربه نظمًا ونظامًا، أي جمعه وألفه والإحاطة بالشيء: إدراكه من جميع جهاته، ومنه الحائط. والمهم: الأمر الذي يهمك شأنه والتفاصيل بالأمور الجزئية كمعرفة أفراد مواد اللغة مثلًا، والجمل: الأمور الكلية، كمعرفة الأبنية والأقيسة مثلًا. والمعنى: أن هذه المنظومة قد احتوت على المهم من علم اللغة وهو الأبنية والأقيسة التي يتوصل بها إلى حفظ أفرادها ورد كل نوع إلى أصله.
1 / 30
باب أبنية الفعل المجرد وتصاريفه
والمراد بالأبنية: كونه رباعيًا وثلاثيًا، والمجرد: ما حروفه أول كلها. وسيأتي باب المزيد منه إن شاء الله تعالى. وبالتصاريف: اختلاف أحواله من ضم عين مضارعه وكسرها وفتحها. أما الأبنية فأشار إليها بقوله:
(بفعلل الفعل ذو التجريد أوفَعُلا ... يأتي ومكسور عينٍ أو على فَعَلا)
أي الفعل المجرد يأتي رباعيًا على وزن فعلل، وثلاثيًا على وزن فَعُلَ بضم العين أو فَعِلَ بكسرها أو فَعَلَ بفتحها، فالفعل: مبتدأ، والتجريد: نعته، ويأتي: خبره، وبفعلل: موضع الحال المتقدمة من فاعل «يأتي» المستتر، وكذا قوله: ومكسور عين أو على فعلا: حالان منه.
مبحث الفعل الرباعي اللازم:
مثال الرباعي لازمًا حشرج عند الموت: أي غرغر وتردد نفسه، وفرشخ: أي قعد مسترخيًا، ودربخ: أي طأطأ رأسه ومد ظهره، وعربد: أي أساء خلقه على نديمه، وجربز الرجل وجرمز أيضًا: انقبض واجتمع، وكرفس: أي مشى مَشْىَ المقيد، وقرفط في مشيه: قارب خطوه، وخذرف:
1 / 31
أسرع، ومنه الخذروف الذي يديره الصبي فيسمع له دوى، وقرقف: ارتعد، ومنه سميت الخمر التي ترعد شاربها، وخربق في مشيه: خبط، وعملق في كلامه، تعمق، وبهذل: خف وأسرع، وخزعل الضبع: عرج، وعنجل الرجل: ثقل عليه النهوض لعظم بطنه، وبرشم: وجم وأظهر الحزن، وبرطم: عبس وجهه غضبًا وحضرم: لحن في كلامه، ولعثم: توقف في كلامه، وهذرم فيه: أسرع، وبرذن: قهر وغلب، وهينم: أخفى صوته، وهيمن على الدعاء: أمّن.
مبحث الفعل الرباعي المعدّى:
ومثاله معدى قرضبه: قطعه، ومنه سمى السيف قرضابًا، وخرفج عيشه: وسعه، وخزرجت الشاة: وجمعتها، ودحرجته فتدحرج في حدور، وفرطحه، وفلطحه: عرضه فهو مفرطح، وكردحه: دحرجه،
1 / 32
وبعثره: فتشه، وكذا بحثره، وجحدره: دحرجه، ودعثره: هدمه وعركسه: جمع بعضه على بعض، وكردسه: جمع يديه ورجليه، وبرقش كلامه: خلطه، وقرفصه: شد يديه ورجليه، ومنه جلسة القرفصاء، وقرمط كتابته: أدق حروفها، وشرجعه: طوله، ومن سميت النعش شرجعًا كجعفر، وكرسف الدابة: قيدها فضيق عليها، ومنها سمى الكرسف وهو القطن قبل حليجه لتداخل حباته، وكرنفه: قطع أطرافه، ودعفق الماء: صبه صبًا كثيرًا، وشبرق اللحم وشربقه أيضًا: قطعه صغارًا، ورعبل اللحم: قطعه كبارًا، وعبهل الإبل: أهملها، وغربل الدقيق: نخله، ونعثل الشيء: فرقه، وحرجم الإبل: رد بعضها على بعض، ولهذمه: قطعه. فهذه خمسون مثالًا.
تنبيه: قال في التسهيل: وقد يصاغ أي الفعل الرباعي من اسم رباعي يعمل لمسماه أي لمحاكاته أو لجعله في شيء أو لإصابته أو لإصابة به أو لإظهاره. انتهى؛ أي إن من أقسام الفعل الرباعي قسمًا من أسماء الأعيان للمقاصد التي ذكرها، وليس لها مادة أصلية، فمعرفة هذا القسم متوقفة على معرفة تلك الأسماء الرباعية.
1 / 33
مبحث أوزان الاسم الرباعي:
وللاسم الرباعي خمسة أوزان مشهورة:
الأول: فعلل بفتح الأول والثالث كثعلب، وعقرب، وبرزخ، وفرسخ. وحرقدة، وقرقدة: لولد البقرة، وقرمد: للجص، وعسجد: للذهب، وجعفر: للنهر الصغير، وعبقر: لموضع تنسب إليه العرب كل ما استجادت، وعبهر: لريحان من الرياحين، وعسكر، وعنبر، وعنتر: لذباب أزرق، ونرجس: لريحان، وحنظل وحرمل: لشجر، وخردل، ودغفل: لولد الفيل، و[قرمل: لشجر ضعيف] وقسطل وقصطل أيضًا: للغبار، نهشل: للذئب والصقر، وبلغم: لأحد الطبائع الأربعة، وحنتم: للجرة الخضراء، وزمزم، وشدقم: لفحل، وعلقم: لشجر مر، وعندم: لشجر وهو البقم الذي يصبغ به، وغلصمة، وقحزنة.
الثاني: فعلل بكسرهما، كزبرج: للسحاب الذي هراق ماؤه، وحرمد: لطين أسود، وصفرد: لطائر، وبنصر، وخنصر، وضفدع، وخرنق: لولد
1 / 34
الأرنب، وزبرق: لصبغ أصفر، وشبرق، لنبت وهو رطب الضريع، وعشرق وغلفق: لنبت ينبت في الماء له ورق عراض، وفرسك: لنوع من الخوخ، وفسكل: لآخر خيل السباق، وقلقل بقافين: لنبت له حب أسود، وحصرم: لأول العنب، وعلطم وعظلم: لنبت يصبغ به، وعكرمة: لأنثى الحمام، وقرطم فيه لغة ويضم كعصفر.
الثالث: فعلل بضمهما كجخذب للأخضر من الجنادب الطويل الرجلين، وطحلب، وعنطب: لذكر الجراد، ودملج وعرفج: لشجر، وبرجد: لكساء غليظ، وهدهد، وعصفر، وعنصر، لأصل الشيء، وكزبرة من الأبازير، وعركشة: لإمرأة وعرفط: لشجر، وزخرف: للذهب، وبندق: لما يرمى به، وفرغل: لولد الضبع من الذئب، وفلفل، وبرجمة: لإحدى براجم الكف وهو العقد في ظهره، وبرعم: للزهر قبل أن ينفتح، وشبرم: لحب يشبه الحصرم، وبرثن وهو من السبع والطائر بمنزلة الأصابع من الإنسان والمخلب من البرثن بمنزلة الظفر من الإصبع، وبلسن: لحب كالعدس.
الرابع: فعلل بكسر الأول وفتح الثالث كدرهم، وهو فارسي معرب، ولم أظفر بغيره اسمًا. [قلت: لعل منه المبرس، والمركن اسم لما يخمر فيه العجين].
1 / 35
الخامس: فِعَلْلُ بكسر أوله وفتح الثاني كمقطر: لوعاء الكتب، وهزبر: للأسد، فهذه بضعة وتسعون أسمًا.
وما ذكره في التسهيل يشمل الرباعي المجرد والمزيد فيه، كعرقوب: لما فوق العقب من العصب الغليظ، وصهريج، وعلسوج: لما لان واخضر من قضبان الشجر، وشمراخ وشمروخ أيضًا: لعثكال النخل والعثكول، وهو منها كالعنقود والعنقاد من العنب، وصملاخ وصملوخ: لوسخ الأذن، وعصفور، وقمطير: للقشرة الرقيقة المغطية للنواة، وضغبوس: لجرو القثاء، وكذا الحرقوص، وقرطاس، ودخريص القميص، ودغموص: لدويبة تغوص في الماء، وعرقاص: للسوط، وقرموص: لحفرة يسكن فيها من البرد، وعذيوط: للذي يحدث عند الجماع، وعضروط: للعجان، وهو بين القبل والدبر، وكرسوع: لطرف الزند، مما يلي الخنصر، وغرضوف وغضروف أيضًا: لما لان من الكتف وغيرها، وسرداق: لما يمد فوق صحن الدار، وسربال: للقميص، وغرمول: للذكر، وحلقوم، وبرذون، وبرهان: للحجة، وفرجون: للمحسة وعرجون: لأصل العثكال، وعربون: بالتحريك، وفرعون: للعاتي، فهذه أيضًا ثلاثون من الأسماء.
وأما الصفات كالسهلب للطويل والشهربة للعجوز فأكثر من الأسماء.
1 / 36
مبحث الرباعي المضارع من اسم رباعي والمعاني التي ذكرها في التسهيل ستة:
الأول: عمل الشيء، أي اتخاذه كقمطرت الكتب، أي اتخذت لها قمطرا، ودخرصت القميص: جعلت له دخريصًا [وهو معروف] وقرمصت قرموصًا [حفرته، وهو] حفر صغار يستكن فيها من البرد، وبندقت الطين؛ أي جعلته بنادق صغارًا، وقنبلت الخيل وجحفلتها؛ أي جعلتها قنابل وجحافل [وهي للطائفة منها نحو الأربعين].
الثاني: محاكاة الشيء كعقربت الصدغ؛ أي لويته كالعقرب، وعثكلت الشعر: أي أرسلته كالعثاكيل، وحنظل الرجل وعلقم؛ أي أشبه طعمه الحنظل والعلقم في طبعه، وهما شجران مران.
الثالث: جعل الشيء في الشيء كفلفلت الطعام وكزبرته؛ إذا وضعت فيه الفُلْفُل بضم الفاء والكزبرة، وعصفر الثوب وزبرقه وعندمه؛ إذا صبغه بالعصفر والزبرق والعندم وكلها صباغات، وعبهر الدواء ونرجسه، وعنبر الطيب.
الرابع: إصابة الشيء كعرقبه وحرقده وغلصمه وحلقمه، أي أصاب عرقوبه وحلقومه.
1 / 37
الخامس: الإصابة بالشيء فيكون آلة كعرفصه وعرجنه، أي ضربه بالعرفاص، وهو السوط والعرجون، وهو أصل العثكال، وفرجن الدابة، أي حكها بالمحسة، وقحزنه، أي ضربه بالقحزنة، وهي الهراوة، وقد يقال لها القحزنة.
السادس: إظهار الشيء؛ كعسلجت الشجرة. وبرعمت؛ أظهرت عساليجها وبرعمها. قلت ولم يتعرض لضده، وهو الستر؛ كفرمدت البناء، أي طليته بالقرمد بالفتح، وهو الجص، وسردقت البيت: جعلت له سرادقًا، وهو البناء المحيط بصحن البيت، وبرقعه وبرنسه: ألبسه البرقع والبرنس، وسربلت الرجل: ألبسته سربالًا، وهو القميص.
قال في التسهيل: وقد يصاغ من مركب لاختصار حكايته؛ أي نحو بسمل وسبحل وحمدل وحوقل، وفذلك حسابه، أي أجمله بقوله: فذلك كذا. فهذا قسمان من الرباعي إلى قسمه الأول، وبقى قسمان:
أحدهما: من مزيد الثلاثي كزملق وسيأتي.
والثاني المضاعف، قال في الصحاح: سغسغت الشيء في التراب فتسغسغ؛ دسسته فيه فدخل؛ أصله: سغغته بثلاث غينات، إلا أنهم أبدلوا من الغين الوسطى سينا فرقًا بين فعلل وفعل، وإنما زادوا سينا لأن في الحرف سينا، وكذا تقول في جميع ما أشبهه من المضاعف. انتهى؛ أي كما أن الثلاثي المخفف كقطع إذا ضوعف لأجل التكثير صار مشددًا والحرف المشدد عن حرفين، كذلك المضاعف منه، كحن ومد إذا ضوعف اجتمعت
1 / 38
فيه ثلاثة أحرف متماثلة؛ عينه ولامه والحرف المزيد للتكثير، كقولك في تضعيف كبه لوجه: كببه، وهذا هو الأصل، ولك أن تبدل عن الحرف المزيد للتكثير حرفًا مماثلًا للفاء، فتقول كبكبه لوجهه، وإنما جعلوه مماثلًا للفاء، لأنه بدل عن المماثل لعين الفعل. وقد سمع عن العرب النطق بالوجهين في أفعال كثيرة، وكثرته تدل على أنه مقيس. وقد يشعر بذلك كلام الجوهري، وما نص الجوهري على مجيئه بالوجهين من هذا القسم: كبه لوجهه وكبكبه، وهبة من النوم وهبهبه: أثاره، وخجت الريح وخجخجت: التوت في هبوبها ودج الليل ودجدج: أظلم، وعج بصوته وعجعج رفعه، ورجه ورجرجه: حركه وزلزله، ولج في كلامه ولجلج: تردد، وزحه عن مكانه وزحزحه: باعده ونحاه عنه، وسح الماء، وسحسحه بالمهملتين: صبه وفرقه، ولح بالمكان ولحلح: أقام به ولم يبرح؛ ونح ونحنح: أخرج صوتًا من صدره وهي النحنحة، وعس بالليل وعسعس: طاف، وبش به وبشبش: فرح، وتعه وتعتعه: دفعه بعنف. وشفه الهم وشفشفه: هزله وأضناه، وصل الخزف وغيره وصلصل: صوت. ومن هذا النوع ما ورد حكاية لأصوات نحو شأشأ بالحمار، وهجهج بالسبع، وبخبخ بالرجل، وقعقع بالسلاح، ودقدقت الدواب، وطقطقت، وعنعن الحديث، وقهقه في الضحك. وكل
1 / 39
هذه الأمثلة رباعية أصيلة عند البصريين، لأن وزنها عندهم فعلل لا فعفع. وعند الكوفيين أن نحو كبكبه مما يصح المعنى بإسقاط ثالثه من مزيد الثلاثي. ومجموع الأمثلة نحو الخمسين أيضًا.
مبحث فعل المضموم:
ومثال فعل المضموم ولا يكون إلا لازمًا: أدب الرجل أدبًا، وجنب جنابة، وصلب صلابة وعزب الشيء: أي خفى، وقرب قربًا، وقشب الثوب قشابة صار قشيبًا: أي جديدًا أبيض، ولزب الطين لزوبًا: أي لصقه، ونجب الرجل نجابة، وبحت الشيء: أي خلص فهو بحت، وصلت جبينه فهو صلت الجبين: أي واضحه، وفرت الماء: ي عذب، فهو فرات، وكمت الفرس فهو كميت: أي أحمر يميل إلى السواد، وخبث الشيء فهو خبيث، وبهج فهو بهج وبهيج: أي حسن، وسمج بالجيم سماجة أي قبح وسمح الرجل سماجة؛ أي كرم، وصبح وجهه فهو صبيح، أي حسن، وصرح الشيء صراحة فهو صريح، أي خالص، وفسح المكان: أي وسع فهو فسيح، وفصح الرجل فهو فصيح، وقبح فهو قبيح وجعد الشعر، وجلد الرجل جلدًا محركًا وجلادة: أي قوي، ونجد نجدة: فهو نجد ونجاد: أي شجاع ماض العزيمة، وجدر بالأمر فهو جدير به: أي حقيق، وخطر قدره: أي ارتفع، وغزر الشيء فهو غزير: أي كثير، وفجر الرجل فجورًا فهو فاجر، وفقر فقرًا فهو فقير، وقصر قصرًا
1 / 40
بالضم وقصرًا كعنب فهو قصير، وكذا صغر صُغْرًا وصِغَرًا فهو صغير، وكبر: أي عظم، كُبْرا وكِبَرا فهو كبير وكبار كرمان، وكثر الشيء كثرة وكُثرانًا بالضم فهو كثير، ونزر نزرًا: أي قل فهو نزر وبؤس بأسًا فهو بئس ككتف: أي شديد شجاع، وشّكُس فهو شَكِس كرجل: ساء خلقه، وفرس فراسة بالفتح: صار فارسًا حاذقًا بركوب الخيل، والفراسة بالكسر: إصابة الظن، ونفس فهو نفيس؛ أي مرغوب فيه، وفحش فحشًا بالضم فهو فاحش، ورخص السعر رخصًا بالضم فهو رخيص ضد غلا، والشيء رخاصة فهو رخص: أي ناعم، وخفض عيشه خفضًا فهو خفض كالمصدر: أي الدعة والراحة وعرض الشيء عرضًا فهو عريض، وغرض اللحم غرضًا كعنب فهو غريض: أي طري، وبَدُع فهو بِدْع بالكسر، أي غاية فيما نعت به من علم أو شجاعة أو غيرهما، وسرع سرعة بالضم فهو سريع، وشجع فهو شجاع مثلث الأول، وشنع فهو شنيع: أي فاحش قبيح، وطمع طماعية فهو طمع ككتف: أي كثير الطمع، وأما طَمِع في كذا فالبكسر، وفَظُع الأمر فهو فظيع:
1 / 41
اشتد قبحه، وودع فهو وادع: أي ساكن، ووسع وساعة وسعة فهو واسع. وأما وَسِعَه فبالكسر، وبدغ بالغين المعجمة فهو بذغ ككتف؛ أي سمين ناعم، وخصف فهو خصيف؛ أي مستحكم، كرصف فهو رصيف، وسخف الثوب سخفًا بالضم وسخافة فهو سخيف: رق، ومنه سخافة العقل، وظَرُف ظرفًا بالضم فهو ظريف، وشرف شرفًا بالتحريك فهو شريف، وكتف فهو كتيف، ولَطُف فهو لطيف، ونَظُف فهو نظيف، ووَطُف وطفًا بالتحريك فهو واطف: أي طويل شعر العينين، وحمق حمقًا بضمتين فهو أحمق: قليل العقل كخرق فهو أخرق، وزعق الماء فهو زعاق بالضم، أي ملح مر، وسحق سحقًا بضمتين فهو سحيق؛ أي بعد، وصفق الثوب فهو صفيق؛ ضد سحق، ووجهه: وقح، وعمق البئر عُمُقًا فهو عميق؛ أي بعيد القعر، وضنك الشيء ضنكًا بالتحريك فهو ضَنك بالفتح: ضاق، ووشك الأمر: قرب، وأوشك: أسرع، وبسل بسالة فهو باسل: أي شجاع لا يفلت قرنه، وبَطُل فهو بَطَل بالتحريك: أي شجاع تبطل عنده الدماء فلا يثأر بها، وثقل ثقلًا كعنب، وطَفُل فهو طِفْل بالكسر، أي رخص ناعم ونَبُل نُبلًا بالضم فهو نبيل؛ أي نجيب، وجسم فهو جسام بالضم وجسيم؛ أي عظم جسمه، وحرم عليه الشيء حُرمة بالضم فهو حرام وحِرم، وحزم حزمًا: احتاط، وحَلُم حِلمًا بالكسر، وشَهُم فهو شَهْم: ذكي الفؤاد، وصرم السيف فهو صارم: أي قاطع، وضخم ضخمًا كعنب، وعَظُم عِظَمًا كعنب وعُظْمًا بالضم فهو عُظام بالضم
1 / 42