59

Fathin Andalus

فتح الأندلس

Nau'ikan

ولم يكن رودريك في حاجة إلى هذا التحريض، وهو أكثر رغبة في ذلك، ولكنه زاد على رأي مرتين أن يقبض على أهل بيته أيضا ويسوقهم إلى السجن لعلهم يكشفون عن دسيسة جديدة، فقال: «إلي بقائد الحرس الملكي.»

فخرج مرتين وأمر بعض الحرس باستقدام القائد وعاد إلى غرفة الملك.

أوباس في قصره

أما أوباس فإنه لما خرج الملك من بين يديه، نهض وسار على عجل إلى منزله لموافاة فلورندا والخادمين، وتدبير وسيلة لإخراجهما من طليطلة، فلما وصل إلى منزله سأل الخدم: «هل جاء أحد للسؤال عني؟» فقالوا له: «كلا.» فانشغل خاطره لاعتقاده أنهم كان يجب أن يسبقوه إلى هناك لو لم يكن أصابهم سوء أو عاقهم عائق، فأعمل فكره وعلل نفسه بقرب وصولهم حتى مل الانتظار فعول على الخروج بنفسه للبحث عنهم في الطريق الذي كان يتوقع أن يجيئوا منه، ولكنه ما لبث أن سمع ضوضاء ووقع حوافر خيول أمام القصر، فظنهم جاءوا على أفراس، فنهض وأطل من شرفة القصر والظلام لا يزال حالكا فرأى جماعة من الفرسان دنوا من القصر وأحاطوا به عن بعد، ولم يخاطبوا أحدا من أهله. ولم يستطع لشدة الظلام أن يتبين الوجوه، ولكنه أدرك بفراسته أنهم من رجال رودريك وقد جاءوا لأمر يوجب قلقا، على أنه لم يخف على نفسه لرباطة جأشه ولاعتقاده ببراءة ساحته واعتماده على عزيمته وقوة حجته، ولكنه خاف على فلورندا ورفاقها إذا جاءوا في تلك الساعة فإنهم سوف يقعون في الشراك لا محالة.

وأعمل فكره هنيهة فرأى أن المبادرة إلى العمل أجدر به، فتحول إلى غرفته فتزمل بالقباء وخرج إلى الباب ونادى أقرب فارس إليه فجاءه وترجل وحياه باحترام، فقال أوباس: «ما الذي تفعلونه هنا؟»

قال: «إننا مكلفون بالوقوف هنا إلى الصباح.»

فقال أوباس: «ومن أمركم بذلك؟» •••

فسكت الرجل وحول وجهه إلى جهة أخرى ونادى ضابط تلك الكوكبة، فجاء وترجل وحيا أوباس وهم بتقبيل يده، فاجتذب أوباس يده بعنف وقال: «من أمركم بالوقوف هنا وما الغرض منه؟»

فقال الضابط: «أمرنا به من ينوب عن الملك. لماذا أقلقت راحتك وخرجت في هذا الليل من فراشك؟ نم مستريحا.»

فقال أوباس بنغمته الهادئة: «أفصح يا جندي عن الغرض من وقوفكم هنا أو ارجعوا من حيث أتيتم.»

Shafi da ba'a sani ba