209

Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan

فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان

Nau'ikan

فعن قيس بن أبي حازم قال: «دخلنا على معاوية في مرضه الذي مات فيه، وكأن ذراعيه سعفتان (^١) محترقتان، فقال: إنكم تقلبون غدا فتى حُوَّلا قُلَّبا (^٢). وأيُّ فتى أهلِ بيتٍ إن نجا غدا من النار؟» (^٣).
وعن عبد الملك بن عمير قال: «دخل عمرو بن سعيد على معاوية في مرضه، فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد انخرط (^٤) أنفك، وذبلت شفتاك، وتغير لونك، وما رأيت أحدا من أهل بيتك في مثل حالك إلا ما ترى! فقال معاوية:
فإن الموت لم يَخْلُق جديدا (^٥) ... ولا هَضْبا (^٦) تُوَقِّلُه (^٧) الوِبَارُ (^٨)
ولكن كالشهاب يضي ويخبو ..... وحادي الموت عنه ما يُحار
فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناسِ عار» (^٩).

(^١) السَّعف: ورق النخل اليابس.
(^٢) رجل حُوَّل قُلَّب: محتال بصير بتقليب الأمور.
(^٣) إسناد لا بأس به: أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٥٥)، وفي سنده النضر بن إسماعيل، قال عنه الإمام أحمد -كما في ترجمته في تهذيب الكمال (٢٩/ ٣٧٤) -: "قد كتبنا عَنْه، ليس بقوي، يعتبر بحديثه، ولكن ما كَانَ من رقائق".
وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٥٤) من طريق آخر، بلفظ: "أخرج معاوية ذراعيه كأنهما عسيبا نخل، ثم قال: ما الدنيا إلا ما ذقنا وجربنا، والله لوددت أني لم أغبر فيكم ثلاثا حتى ألحق بالله، قالوا: يا أمير المؤمنين! إلى رحمة الله وإلى رضوانه، قال: إلى ما شاء الله، قد علم الله أني لم آل، وما أنا إن يُغَيِّر غَيَّر".
(^٤) انخرط: نَحُف.
(^٥) في تاريخ دمشق (٥٩/ ٢٢١): "فإن المرء لم يُخلق حديدا".
(^٦) الهضْب: جمع هضبة، وهضب الرجل هضبا: مشى مشية البليد من الدواب.
(^٧) توقّل في الجبل: صعَّد فيه.
(^٨) الوبار: جمع وبْر، وهو حيوان في حجم الأرنب، قصير الذنب، يحرك فكه السفلي كأنه يجتر.
(^٩) إسناده صحيح إلى عبد الملك: أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٦٠).

1 / 209