Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة
Nau'ikan
أكثر الناس فتنة عند الموت وفي القبر
يقول ﵀: وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدًا أو عادة، ولم تخالط حلاوة الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء.
يعني: قالوا: لا إله إلا الله من غير فهم لهذه الكلمة، فهي لا تنفعهم يومًا من الدهر، ولكن الذي نريده، أن الذي يقول: لا إله إلا الله وينجو بها ويكون في الجنة، ولا يكون في النار، هو الذي يأتي بها بشروطها كما ذكرنا.
يقول: وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء، كما في الحديث: (سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته).
هذا الحديث في الصحيحين من حديث السيدة عائشة ﵂ أن أسماء جاءت والسيدة عائشة تصلي فسألتها عن ذلك، فأشارت بيدها إلى السماء، يعني: حصل كسوف، فصلت معهم، ثم سمعت النبي ﷺ بعد ما أكمل صلاته أنه قال: (ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار) يعني: وهو يصلي بالناس صلاة الكسوف فيقول: إنه رأى حتى الجنة والنار.
ثم قال: (فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم قريبًا من فتنة المسيح الدجال يقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن، فيقول: هو محمد رسول الله ﷺ جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا، يعيدها ثلاث مرات فيقال: له نم صالحًا، قد علمنا إن كنت لموقنًا به، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) فالذي في قلبه النفاق وهو يقول أمام الناس لا إله إلا الله لا ينفعه ذلك؛ لأنها تنفع من قالها بحق وعمل بها، فهذا الذي ينجو من النار، وصاحب الإيمان المطلق تنفعه إن قالها بحق ووقع في معاصٍ ما شاء الله أن يقع فيها، تنفعه يومًا من الدهر، فقد يعذب حينما يشاء الله، ثم ينجو بعد ذلك ويدخل الجنة.
أما من قالها بلسانه وهو لا يفهم معناها، ويستوي عنده من يقول: لا إله إلا الله ومن يقول غيرها، والكل عنده يدخلون الجنة يوم القيامة، ولم يفهم هذه الكلمة، فلا يستحق أن يكون من أهلها.
إذًا: معنى كلام شيخ الإسلام ﵀: أن هذا الإنسان الذي يقول كما يقول الناس، ولا يفهم معناها، ولا يعرف أنه إله واحد بل يشك في ذلك، هذا لا يستحق أن يكون من أهلها.
4 / 11