22

Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة

Nau'ikan

إعراب كلمة (لا إله إلا الله) فمعنى (لا إله إلا الله)، أي: لا معبود بحق إلا الله. الأصل في لا النافية للجنس أن يستغنى عن خبرها؛ لأنه مقدر. أي: يقدر الخبر في (لا) النافية للجنس بأنه موجود، تقول: لا أحد في الدار، أي: لا أحد موجود في الدار، لكن لا يجوز هذا الإعراب مع هذه الكلمة العظيمة، فلا تقول: لا إله موجود إلا الله، فكم من آلهة غير الله موجودة، وكلها باطلة، فلا بد من التقدير بهذا الوصف: لا معبود بحق إلا الله ﷾. فليس من اللائق أن تقول: لا إله موجود غير الله سبحانه، قال الله ﷿: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية:٢٣] ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم:٨١] فكلمة (لا إله موجود) هذه لا تصلح وإنما الذي يصلح فيها أن يقال: التقدير هنا: لا إله حقًا، أما باقي الآلهة فهي آلهة باطلة. وقولك: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، توكيد للإثبات؛ لأن (وحده) حال، ولذلك لا يصح أن تقول: (وحدُه)، كما نسمع كثيرًا من الناس يقولون: لا إله إلا الله وحدُه، فهذا خطأ، والصحيح أن تقول: لا إله إلا الله وحدَه، فتنصبها على الحال تأكيدًا للإثبات. فقولك: (لا إله) هذا نفي، (إلا الله) هذا إثبات. (وحده) تأكيد لهذا الإثبات، أن الله وحده الذي يستحق العبادة، فلا شريك لله ﷾، بل هو الإله المعبود بحق، كما قال الله سبحانه: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة:١٦٣]. وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:٢٥]. وقال سبحانه: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ [الأعراف:٦٩ - ٧٠] فقد عرفوا أنه المعبود، ولكن يعبدون آلهة معه ويقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر:٣]. فالعبادة بجميع أنواعها إنما تصدر عن تأله القلب بالحب والخضوع والتذلل رغبًا ورهبًا؛ لذلك مدح الله ﷿ الأنبياء الذين يعبدونه، فقال: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء:٩٠] فهؤلاء الأنبياء هم الذين شرفهم الله سبحانه، وجعلهم فوق جميع خلقه بأن جعلهم رسله وأنبيائه، فذكر من عبادتهم أنهم كانوا يدعونه رغبًا ورهبًا، قال تعالى: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء:٩٠] فقوله: (يدعوننا رغبًا) أي: يطلبون الجنة ويرغبون فيما عندنا، (ورهبًا) أي: يخافون من النار. فالأنبياء يطلبون الجنة ويخافون من النار، إذًا: فمن باب أولى أن كل إنسان مؤمن يرجو من الله رحمته وجنته، ويخاف من عذابه سبحانه.

3 / 7