الوجه الثالث: أن يقال: قد تقدمت الأحاديث عن أبي ذر وأبي أمامة وعوف بن مالك ﵃ في عدد الأنبياء والمرسلين، وأحاديثهم يشد بعضها بعضا وتشهد لها الرواية الصحيحة في إثبات نبوة آدم ﵊ وعدد الرسل، وتقدم أيضا ما ذكره ابن قتيبة في كتاب (المعارف) عن ابن عباس ﵄ في عدد الأنبياء والرسل وهو موافق لما جاء في الأحاديث الثلاثة عن أبي ذر وأبي أمامة وعوف ابن مالك ﵃، وعلى هذا فهل يأمن ابن محمود أن يكون قد خطأ النبي ﷺ وقال فيه: إنه قد تكلف ما لا علم له به، وأن يكون أيضا قد خطأ حبر الأمة ابن عباس ﵄ وقال فيه: إنه قد تكلف ما لا علم له به، ولا يخفى أن هذا المحذور ليس ببعيد من ابن محمود.
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
الوجه الرابع: أن يقال: قد تقدم ما رواه الطبراني والحاكم بإسناد صحيح عن أبي أمامة ﵁ في عدد الرسل وأنهم كانوا ثلاثمائة وخمسة عشر قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في تلخيصه، وقال الهيثمي في إسناد الطبراني: رجاله رجال الصحيح.
وهذا الحديث لا يرده إلا جاهل أو مكابر، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كل ما جاء عن النبي ﷺ إسناد جيد أقررنا به وإذا لم نقر بما جاء به الرسول ﷺ ودفعناه ورددناه ورددنا على الله أمره قال الله تعالى: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.