Fatawa of Dr. Husam Afaneh

Husam al-Din Affaneh d. Unknown
6

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Nau'ikan

٥ - من سب الصحابة ومنهم الزبير وطلحة ومعاوية فأمه هاوية قول السائل: ما قولكم فيما بثته القناة الإيرانية الثالثة في مقابلة مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من تعدٍ على ثلاثة من الصحابة الكرام وهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ومعاوية بن أبي سفيان ﵃، ووصف طلحة والزبير بالردة عن دين الإسلام بسبب ما حصل في موقعة الجمل وتنقص من معاوية، فما حكم الشرع في ذلك، أفيدونا؟ الجواب: ما قاله الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ليس مستغربًا فهذا جزء من اعتقاد الشيعة في صحابة رسول الله ﷺ، فالشيعة الاثنا عشرية – شيعة إيران – يكفرون معظم الصحابة رضوان الله عليهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [والرافضة كفَّرت أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعامة المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكفروا جماهير أمة محمد ﷺ من المتقدمين والمتأخرين. فيكفرون كل من اعتقد في أبي بكر وعمر والمهاجرين، والأنصار العدالة، أو ترضَّى عنهم كما ﵃، أو يستغفر لهم كما أمر الله بالاستغفار لهم، ولهذا يكفرون أعلام الملة: مثل سعيد بن المسيب، وأبي مسلم الخولاني، وأويس القرني، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، ومثل مالك والأوزاعي، وأبي حنيفة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، والثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وفضيل بن عياض، وأبي سليمان الدارني، ومعروف الكرخي، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وغير هؤلاء، ويستحلون دماء من خرج عنهم، ويسمون مذهبهم مذهب الجمهور] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٢٨/٤٧٧. وما قاله الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في حق طلحة والزبير من أنهما ارتدا عن الإسلام بسبب موقفهما في معركة الجمل، فيه تكذيب صريح لرسول الله ﷺ، حيث أخبر النبي ﷺ أن طلحة والزبير ﵄ من العشرة المبشرين بالجنة، فقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، منها عن عبد الرحمن بن الأخنس أنه كان في المسجد فذكر رجلٌ عليًا ﵁، فقام سعيد بن زيد فقال أشهد على رسول الله ﷺ أني سمعته وهو يقول: عشرة في الجنة النبي ﷺ في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام ف الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر، قال فقالوا من هو؟ فسكت قال فقالوا من هو؟ فقال هو سعيد بن زيد) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة حديث رقم ١١٠. فهؤلاء العشرة المذكورين، مقطوع بدخولهم الجنة لثبوت ذلك عن النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في العقيدة الطحاوية: [وأن العشرة الذين سماهم رسول الله ﷺ وبشرهم بالجنة، نشهد لهم بالجنة، على ما شهد لهم رسول الله ﷺ، وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، علي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة ابن الجراح، وهو أمين هذه الأمة، ﵃ أجمعين] ص ٧٢٨، ثم ذكر شارح الطحاوية بعض فضائلهم فقال: [... وفي صحيح مسلم، عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي ﷺ يوم أحد قد شلت. وفيه أيضًا عن أبي عثمان النهدي، قال: لم يبق مع رسول الله ﷺ في بعض تلك الأيام التي قاتل فيها النبي ﷺ غير طلحة وسعد. وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله قال: ندب رسول الله ﷺ الناس يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم ندبهم، فانتدب الزبير، فقال النبي ﷺ: لكل نبي حواري، وحواري الزبير، وفيهما أيضًا عن الزبير ﵁، أن النبي ﷺ قال: من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟ فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله ﷺ أبويه فقال: فداك أبي وأمي ... وقد اتفق أهل السنة على تعظيم هؤلاء العشرة وتقديمهم، لما اشتهر من فضائلهم ومناقبهم ... والرافضة يتبرؤون من جمهور هؤلاء، بل يتبرؤون من سائر أصحاب رسول الله ﷺ، إلا من نفرٍ قليل، نحو بضعة عشر نفرًا! !] شرح العقيدة الطحاوية ص ٧٢٩-٧٣٤. وأما معاوية بن أبي سفيان ﵁ والذي تنقصه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد فهو صحابي ابن صحابي ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو متجاهل، وهو صحابي جليل، بل أطلق عليه العلماء أنه خال المؤمنين وكاتب وحي رب العالمين. فهو خال المؤمنين لأن أخته حبيبة بنت أبي سفيان ﵂ زوجة النبي ﷺ ومن أمهات المؤمنين وهو من كتبة الوحي فكان يكتب للنبي ﷺ القرآن، وقد عدد الحافظ ابن كثير كتاب الوحي وذكر منهم معاوية. وكذلك فإن معاوية ﵁ قد روى عن النبي ﷺ ١٦٣ حديثًا وخصص له الإمام أحمد في كتابه مسندًا خاصًا وروى له أكثر من مائة حديث. وكذا أبو يعلى الموصلي في مسنده والحميدي في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم. قال الإمام النووي: [وأما معاوية ﵁ فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء ﵃] شرح النووي على صحيح مسلم ٤/٥٣٠. وقد وردت أحاديث نبوية في فضل معاوية ﵁ منها عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله ﷺ عن النبي ﷺ أنه قال لمعاوية: (اللهم اجعله هاديًا مهديًا واهد به) رواه الترمذي وقال العلامة الألباني: صحيح كما في السلسلة الصحيحة حديث رقم ١٩٦٩، وغير ذلك من الأحاديث. إذا تقرر هذا فإن حب الصحابة الكرام جزء من عقيدة المسلم، عقيدة أهل السنة والجماعة، قال الإمام الطحاوي: [ونحب أصحاب رسول الله ﷺ ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان] العقيدة الطحاوية ص ٦٨٩. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ﷺ] شرح العقيدة الواسطية ص ١٤٢. وقد قامت على صحة هذه العقيدة ألا وهي حب الصحابة ﵃ أجمعين وحرمة سبهم وحرمة بغضهم عشرات الأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ وانعقد إجماع الصحابة على ذلك. فمن الآيات الكريمات الدالة على ذلك وفيها ثناء الله على الصحابة ﵃ قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ سورة التوبة الآية ١٠٠. وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ سورة آل عمران الآية ١١٠. وقال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ سورة الفتح الآية ٢٩. وقال تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ سورة الحديد الآية ١٠. وأما الأحاديث النبوية فكثيرة منها عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه) رواه البخاري ومسلم. وعن عمران بن حصين ﵁ أن النبي ﷺ قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) رواه البخاري ومسلم. ونص أهل العلم على وجوب احترام الصحابة ﵃ أجمعين وأنه يحرم الطعن فيهم أو سبهم أو الانتقاص منهم. قال أبو زرعة الرازي: [إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق] ولتكن ممن يقول: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ سورة الحشر الآية ١٠] صب العذاب على من سب الأصحاب للألوسي ص٣٩١-٣٩٢. وقال الإمام النووي: [واعلم أن سبَّ الصحابة ﵃ حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون...] ثم نقل عن القاضي عياض قوله: [وسب أحدهم - أي الصحابة - من المعاصي الكبائر] شرح النووي على صحيح مسلم ٥/٧٢-٧٣. وقال الإمام الآجري: [ومن سبهم فقد سب رسول الله ﷺ، ومن سب رسول الله ﷺ، استحق اللعنة من الله ﷿ ومن الملائكة ومن الناس أجمعين] . وقال الإمام الآجري أيضًا: [لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله ﷺ لأنه خالف الله ورسوله ولحقته اللعنة من الله ﷿ ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ولا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا لا فريضة ولا تطوعًا وهو ذليل في الدنيا وضيع القدر كثر الله بهم القبور وأخلى منهم الدور] من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية ص١٥. وخلاصة الأمر أن ما قاله الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في حق طلحة والزبير ومعاوية، يعتبر تعديًا على دين الإسلام، وتكذيبًا لرسول الله ﷺ، وهذا الموقف منه إنما هو تجسيد لموقف الشيعة من الصحابة، ولعل في موقف الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هذا تنبيهًا لبعض مشايخ المسلمين السنة الذين يقولون إنه لا فرق بين الشيعة والسنة ما دام الجميع يدينون بدين الإسلام وأنه لا يوجد خلاف كبير بين الشيعة وبين أهل السنة والجماعة إلا في الفروع الفقهية، ويظنون أن الشيعة ما هي إلا مذهب كأحد المذاهب الأربعة ولا يعرفون عن معتقدات الشيعة إلا شيئًا يسيرًا. وهذه الظنون من الأخطاء الفاحشة، وعلى أهل السنة أن يحذروا من خطورة هذه الأفكار، والواجب عليهم أن ينتبهوا للمد الشيعي في بلادهم، وينبغي أن يعلم أن من سب الصحابة ومنهم طلحة والزبير ومعاوية، فأمه هاوية.

1 / 5