182

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Nau'ikan

١٠٦ - صلاة الجمعة
يقول السائل: ما هو فضل قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة؟
الجواب: وردت أحاديث كثيرة في فضائل سورة الكهف بشكل عام وعلى وجه الخصوص في فضل قراءتها في يوم الجمعة فمن فضائلها العامة ما ثبت في الحديث عن البراء بن عازب ﵁ قال: (كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر فلما أصبح أتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال تلك السكينة تنزلت بالقرآن) رواه البخاري ومسلم. وعن أبي الدرداء ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورًا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه ومن توضأ ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة) رواه الحاكم ثم قال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وعن ثوبان أنه ﷺ قال: (من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف فإنه عصمة له من الدجال) رواه النسائي في السنن الكبرى وإسناده صحيح. وأما ما ورد من فضل قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة ويومها فمنه ما ورد عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون فإن خرج الدجال عصم منه) قال الضياء المقدسي في المختارة في إسناده: من لم أقف له على ترجمة. وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال ﷺ: (من قرأ سورة الكهف كانت له نورًا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في اليوم والليلة: هذا خطأ والصواب موقوفًا ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفا قاله الهيثمي في مجمع الزوائد ١ / ٢٣٩. وقال الألباني: صحيح لغيره، انظر صحيح الترغيب والترهيب ٢/١٩٠. وعن معاذ بن أنس عن رول ﷺ أنه قال: (من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نورًا من قدمه إلى رأسه ومن قرأها كلها كانت له نورًا ما بين الأرض إلى السماء) رواه أحمد والطبراني وفي إسناد أحمد ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن قاله الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/٥٢ وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره) رواه الطبراني في الأوسط في حديث طويل وهو بتمامه في كتاب الطهارة ورجاله رجال الصحيح قاله الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ٥٣. وعن أبي سعيد الخدري ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) رواه النسائي والبيهقي مرفوعًا والحاكم مرفوعًا وموقوفًا أيضا وقال صحيح الإسناد. ورواه الدارمي في مسنده موقوفًا على أبي سعيد ولفظه قال: (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) وفي أسانيدهم كلها إلا الحاكم أبو هاشم يحيى بن دينار الروماني والأكثرون على توثيقه وبقية الإسناد ثقات وقال الألباني: صحيح، انظر صحيح الترغيب والترهيب ١/٤٥٥. وقد نص الإمام الشافعي على استحباب قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة ويوم الجمعة، انظر المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح ص١١٩. وقد علل العلماء سبب فضيلة قراءة سورة الكهف بعدة تعليلات قال الإمام النووي: [سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات فمن تدبرها لم يفتن بالدجال وكذا آخرها قوله تعالى: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا) سورة الكهف الآية ١٠٢. شرح صحيح مسلم ٢/٤١٨. وقال القرطبي المحدث: [وقوله ﷺ: (من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) وفي الرواية الأخرى: من آخر الكهف. واختلف المتأولون في سبب ذلك فقيل: لما في قصة أصحاب الكهف من العجائب والآيات فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال ولم يهله ذلك فلا يفتنن به. وقيل: لما في قوله تعالى: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ) إلى آخر السورة من المعاني المناسبة لحال الدجال وهذا على رواية من روى: من آخر الكهف. وقيل: لقوله تعالى: (قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ) سورة الكهف الآية ٢. تمسكًا بتخصيص البأس بالشدة واللدنية وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الإلهية واستيلائه وعظيم فتنته ولذلك عظم النبي ﷺ أمره وحذر منه وتعوذ من فتنته فيكون معنى هذا الحديث: أن من قرأ هذه الآيات وتدبرها ووقف على معناها حذره فأمن من ذلك وقيل: هذا من خصائص هذه السورة كلها فقد روي: (من حفظ سورة الكهف ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه) وعلى هذا تجتمع رواية من روى: (من أول سورة الكهف) ورواية من روى: (من آخرها) ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها وقيل: إنما كان ذلك لقوله: (قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ) فإنه يهون بأس الدجال. وقوله: (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) سورة الكهف الآية ٢. فإنه يهون الصبر على فتن الدجال بما يظهر من جنته وناره وتنعيمه وتعذيبه. ثم ذمه تعالى لمن اعتقد الولد يفهم منه أن من ادعى الإلهية أولى بالذم وهو الدجال ثم قصة أصحاب الكهف فيها عبرة تناسب العصمة من الفتن وذلك أن الله تعالى حكى عنهم أنهم قالوا: (رَبَّنَاءَاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) سورة الكهف الآية ١٠. فهؤلاء قوم ابتلوا فصبروا وسألوا إصلاح أحوالهم فأصلحت لهم وهذا تعليم لكل مدعو إلى الشرك ومن روى من آخر الكهف فلما في قوله تعالى: (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا) سورة الكهف الآية ١٠٠ فإن فيه ما يهون ما يظهره الدجال من ناره] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٢/٤٣٩-٤٤٠.
وقال الطيبي: [كما أن أولئك الفتية عصموا من ذلك الجبار كذلك يعصم الله القاري أي قارئ سورة الكهف من الجبار واللام للعهد وهو الذي يخرج في آخر الزمان ويدعي الألوهية لخوارق تظهر على يديه كقوله للسماء أمطري فتمطر لوقتها وللأرض أنبتي فتنبت لوقتها زيادة في الفتنة ولذلك لم توجد فتنة على وجه الأرض أعظم من فتنته وما أرسل من نبي إلا حذره قومه أو للجنس فإن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس ومنه الحديث: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون) أي مموهون وفي حديث: (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالًا)] عمل اليوم والليلة لابن السني ص٤١٠.

6 / 106