Fatawa of Dr. Husam Afaneh

Husam al-Din Affaneh d. Unknown
16

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Nau'ikan

١٥ - ألفاظ فيها إساءة الأدب مع الله ﷿ يقول السائل: تجري على ألسنة الناس ألفاظ مثل قول بعضهم (خلي الله على جنب) ومثل (حل عن ربي) ومثل (بعرض الله) ومثل (بشرف الله) ومثل (يسعد الله) ومثل (الله والنبي يخلف) ونحوها من العبارات نرجو بيان حكم التلفظ بها الجواب: أرشدنا سيدنا رسول الله ﷺ إلى اختيار الألفاظ وانتقائها وأن نحفظ منطقنا من الزلل ومن استعمال كلمات في غير موضعها وألا نلقي الكلام على عواهنه قال العلامة ابن القيم [فصل في هديه ﷺ في حفظ المنطق واختيار الألفاظ كان يتخير في خطابه ويختار لأمته أحسن الألفاظ وأجملها، وألطفها، وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش فلم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخابًا ولا فظًا. وكان يكره أن يستعمل اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك وأن يستعمل اللفظ المهين المكروه في حق من ليس من أهله. فمن الأول منعه أن يقال للمنافق " يا سيدنا " وقال (فإنه إن يك سيدًا فقد أسخطتم ربكم ﷿ ومنعه أن تسمى شجرة العنب كرمًا، ومنعه تسمية أبي جهل بأبي الحكم وكذلك تغييره لاسم أبي الحكم من الصحابة بأبي شريح وقال (إن الله هو الحكم وإليه الحكم) ... ومن ذلك قوله (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان) وقال له رجل (ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندًا؟ قل ما شاء الله وحده) . وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قول من لا يتوقى الشرك: أنا بالله وبك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، وهذا من الله ومنك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، ووالله وحياتك، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائلها المخلوق ندًا للخالق وهي أشد منعًا وقبحًا من قوله ما شاء الله وشئت.] زاد المعاد في هدي خير العباد ٢/٣٥٢-٣٥٣. وحفظ المنطق أمر هام في دين الإسلام لما يترتب على الكلمة من أضرار وأخطار وقد صح في الحديث عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم) رواه البخاري ومسلم. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله (لا يلقي لها بالًا) ... أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئًا، وهو من نحو قوله تعالى (وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم) ... قوله (يهوى) ... قال عياض: المعنى ينزل فيها ساقطًا. وقد جاء بلفظ " ينزل بها في النار " لأن درجات النار إلى أسفل، فهو نزول سقوط] فتح الباري ١١/٣٧٧. وصح في الحديث أنه ﷺ قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) رواه مسلم، قال الإمام النووي في شرح الحديث: [معناه لا يتدبرها ويفكر في قبحها، ولا يخاف ما يترتب عليها، وهذا كالكلمة عند السلطان وغيره من الولاة، وكالكلمة تقذف، أو معناه كالكلمة التي يترتب عليها إضرار مسلم ونحو ذلك. وهذا كله حث على حفظ اللسان كما قال ﷺ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) وينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام أن يتدبره في نفسه قبل نطقه، فإن ظهرت مصلحته تكلم، وإلا أمسك] شرح النووي على صحيح مسلم ٦/٤١١. وجاء في الحديث عن بلال بن الحارث المزني ﵁ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وقد سأل معاذ ﵁ النبي ﷺ عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي ﷺ برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟) قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه ثم قال: (كف عليك هذا) فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وبناءً على ما سبق فإن المسلم مطالب بأن يحاسب نفسه على كل كلمة ينطق بها وقد قال الله تعال ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ سورة قّ الآية ١٨. إذا تقرر هذا فإن الألفاظ التي ذكرت في السؤال فيها إساءة الأدب مع الله ﷿ وقد عدد الشيخ بكر أبو زيد ما يجب تجنبه لئلا يساء الأدب مع الله ﷾ فقال: [النهي عن كل لفظ فيه شرك بالله أو كفر به – سبحانه – أو يؤدِّي إلى أي منها. النهي عن دعاء غير الله تعالى. النهي عن الإلحاد في أسماء الله تعالى. النهي عن الاعتداء في الدعاء. النهي عن الاستسقاء بالأنواء. النهي عن القول على الله بلا علم. النهي عن الدعاء بالبلاء. النهي عن تعبيد الاسم لغير الله تعالى. النهي عن التسمي بأسماء الله تعالى التي اختص بها نفسه – سبحانه -. النهي عن الحلف بغير الله.] معجم المناهي اللفظية ص٣٤-٣٥. ويضاف إلى العبارات التي ذكرت في السؤال عبارت أخرى يشتم منها سوء الأدب مع الله ﷿ منها: (الله ما بيسمع من ساكت) (الله يظلم اللي ظلمني) (يخلف على الله) (لو يحط إيده بيد الله ما بيفعل كذا وكذا) (عايف ربي) (لا حول الله يا رب) (لو ينزل ربنا ما بفعل كذا وكذا) (هو الله داري عنك) (فلان الله ما بيقدر عليه) (الله بيعطي اللوز للي ما لوش سنان) (الله موجود في كل مكان) فهذه العبارات ونحوها لا يجوز استعمالها ويخشى على قائلها أن ينطبق عليه قول النبي ﷺ (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم) - والمقام لا يتسع لتبيين ما في كل عبارة من هذه العبارات من إساءة الأدب مع الله ولكني أنصح بالرجوع إلى كتاب (معجم المناهي اللفظية) للعلامة الدكتور الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية وأنصح أيضًا بكتاب أخينا الشيخ محمد إبراهيم سرحان وعنوانه (ظاهرة الخطأ الكلامي في الأصول والفروع الشرعية) ففيهما خير كثير - ولكني أنبه على عبارتين دارجتين: الأولى (الله والنبي يخلف) فهذه العبارة جعلت النبي ﷺ في مقام مساوٍ لمقام الله ﷿ وهذا باطل لأن النبي ﷺ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فضلًا أن يملك ذلك لغيره كما ثبت في الحديث الصحيح (أن النبي ﷺ قال: يا بني عبد مناف، لا أملك لكم من الله شيئًا، يا صفية يا عمة رسول الله ﷺ لا أملك لك من الله شيئًا، يا عباس عم رسول الله، لا أملك لك من الله شيئًا) فالصواب أن يقال (الله يخلف عليك) . والعبارة الثانية وهي (الله موجود في كل مكان) فهذه العبارة فيها عقيدة فاسدة مناقضة لما عليه أهل السنة والجماعة حيث إن الله ﷿ في السماء قال الشيخ ابن أبي العز الحنفي شارح العقيدة الطحاوية [وكلام السلف في إثبات صفة العلو كثير جدًا: فمنه: ما روى شيخ الإسلام أبو اسماعيل الأنصاري في كتابه الفاروق، بسنده إلى مطيع البلخي: أنه سأل أبا حنيفة عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال: قد كفر، لأن الله يقول: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ وعرشه فوق سبع سماواته، قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر، لأنه أنكر أنه في السماء، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر.] شرح العقيدة الطحاوية ص٣٢٢- ٣٢٣. وقال العلامة الألباني: [أما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته، فهو ضلال، بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق، ويقول كبيرهم: كل ما تراه بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا] سلسلة الأحاديث الصحيحة ٣/٣٨. وخلاصة الأمر أنه يجب التأدب مع الله ﷿ وأن نلتزم في ألفاظنا التي نستعملها في حق الله ﷾ ما قرره أهل السنة والجماعة في ذلك كما قال الشيخ ابن أبي العز الحنفي: [وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفيًا ولا إثباتًا، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون. فالواجب أن ينظر في هذا الباب، أعني باب الصفات، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه. والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني. وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها: فإن كان معنى صحيحًا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة، إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، ونحو ذلك] شرح العقيدة الطحاوية ص٢٣٩.

1 / 15