128

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Nau'ikan

٥٢ - حكم تأدية صلاة الفريضة وترك النافلة
يقول السائل: ما حكم من يصلي الفريضة ولا يصلي النافلة؟
الجواب: المطلوب من المسلم أن يحافظ على الصلاة محافظة تامة فيصلي الفرائض والسنن وإن التقصير في النافلة قد يؤدي إلى التقصير في الفريضة. والنوافل بمثابة سياج للفرائض فإذا حصل نقص في الفرائض أكمل من النوافل وخاصة إن كثيرًا من المصلين لا يعطون الصلاة المفروضة حقها فلا يتمونها وقد جاء في الحديث عن أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي ﵁ أن النبي ﷺ قال: (منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع والخمس حتى بلغ العشر) رواه النسائي بإسناد حسن كما قال المنذري وقال الألباني حسن. انظر صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم ٥٣٩. وعن عمار بن ياسر ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها) رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب حديث رقم ٥٣٨. فإذا حصل نقص في صلاة الفريضة فإن النقص يكمل من النوافل فلذا على المسلم أن يحافظ على النوافل وقد ورد في الحديث عن حريث بن قبيصة قال: قدمت المدينة فقلت: اللهم يسر لي جليسًا صالحًا قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسًا صالحًا فحدثني بحديث سمعته من رسول الله ﷺ لعل الله أن ينفعني به؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب ﵎: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك) رواه الترمذي وحسنه ورواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن الترمذي ١/١٣٠. وجاء في رواية أخرى عن تميم الداري ﵁ عن النبي ﷺ قال: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن أكملها كتبت له نافلة فإن لم يكن أكملها يقول الله سبحانه لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فأكملوا بها ما ضيع من فريضته ثم تؤخذ لأعمال على حسب ذلك) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/٢٤١. قال الحافظ ابن عبد البر: [أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون ذلك – والله أعلم – فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها أو لم يحسن ركوعها ولم يدر قدر ذلك وأما من تعمد تركها أو نسي ثم ذكرها فلم يأت بها عامدًا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه وهو ذاكر له فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه والله أعلم] فتح المالك ٣/٢٩٧. وقال الإمام ابن العربي المالكي شارحًا لحديث أبي هريرة الأول: [يحتمل أن يكون يكمل له ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها بفضل التطوع ويحتمل ما نقصه من الخشوع والأول عندي أظهر لقوله: ثم الزكاة كذلك وسائر الأعمال وليس في الزكاة إلا فرض أو فضل فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة وفضل الله أوسع ووعده أنفذ وعزمه أعم وأتم] عارضة الأحوذي ٢/١٧٥-١٧٦. وقال الحافظ العراقي: [يحتمل أن يراد به ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار والأدعية وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله فيها وإنما فعله في التطوع ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضًا من فروضها وشروطها ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسًا فلم يصله فيعوض عنه من التطوع والله ﷾ يقبل من التطوعات الصحيحة عوضًا عن الصلوات المفروضة] تحفة الأحوذي ٢/٣٨٤. وقال العلامة علي القاري في بيان ما جاء في الحديث: [انظروا هل لعبدي من تطوع ...) - أي - في صحيفته وهو أعلم به منهم أي: سنة أو نافلة من صلاة على ما هو ظاهر من السياق قبل الفرض أو بعده أو مطلقًا ولم يعلم العبد نقصان فرضه حتى يقضيه فيكمل: بالتشديد ويخفف على بناء الفاعل أو المفعول وهو الأظهر وبالنصب ويرفع بها: أي بنافلته قال ابن الملك: أي بالتطوع وتأنيث الضمير باعتبار النافلة قال الطيبي: الظاهر نصب فيكمل على أنه من كلام الله ﷾ جوابًا للاستفهام ويؤيده رواية أحمد فكملوا بها فريضته وإنما أنث ضمير التطوع في بها نظرًا إلى الصلاة ما انتقص من الفريضة أي: مقداره ثم يكون سائر عمله من الصوم والزكاة وغيرهما على ذلك أي: إن ترك شيئًا من المفروض يكمل له بالتطوع. وفي رواية ثم الزكاة مثل ذلك: يعني: الأعمال المالية مثل الأعمال البدنية على السوية ثم تؤخذ الأعمال أي: سائر الأعمال من الجنايات والسيئات على حسب ذلك من الطاعات والحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات وقال ابن الملك أي: على حسب ذلك المثال المذكور فمن كان حق عليه لأحد يؤخذ من عمله الصالح بقدر ذلك ويدفع إلى صاحبه] المرقاة ٣/١٤٢.
وخلاصة الأمر أن على المسلم المحافظة على الصلاة بشكل عام الفرض منها والسنة فإن النوافل والسنن تكمل ما يطرأ على صلاة الفريضة من نقص وكثير منا تكون صلاة الفريضة عنده ناقصة إلا من رحم الله جل وعلا.

6 / 52