Fatawa Hadithiyya
الفتاوى الحديثية
Mai Buga Littafi
دار الفكر
الْخلق إليّ) . فِي حَدِيث الْحَاكِم الَّذِي صَححهُ أَنه ﷺ قَالَ: (قَالَ آدم يَا رب أَسأَلك بِحَق مُحَمَّد ﷺ لما غفرت لي؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: يَا آدم وَكَيف عرفت مُحَمَّدًا وَلم أخلقه؟ قَالَ: يَا رب لما خلقتني بِيَدِك ونفخْتَ فيَّ من روحك رفعتُ رَأْسِي فَرَأَيْت على قَوَائِم الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله، فَعلمت أَنَّك لم تضف إِلَى اسْمك إِلَّا أحبَّ الْخلق إِلَيْك قَالَ الله: يَا آدم إِنَّه لأحبُّ الْخلق إليّ، وإذْ سَأَلتنِي بِحَق مُحَمَّد فقد غَفرْتُ لَك وَلَوْلَا مُحَمَّد مَا غفرت لَك) وَفِي سَنَد واه قَالَ ابْن عدي: فِيهِ أَحَادِيث حسان وَهُوَ مِمَّن احتمله النَّاس وَمِمَّنْ يكْتب حَدِيثه وتضعيف غَيره لَهُ قَلِيل ومجبور. وَمِمَّا صَحَّ عِنْد الْحَاكِم أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس ﵄ قَالَ: (أوحى الله تَعَالَى إِلَى عِيسَى ﵇ يَا عِيسَى آمن بِمُحَمد ومُرْ من أدْركهُ من أمتك أَن يُؤمنُوا بِهِ فلولا مُحَمَّد مَا خلقت آدم، وَلَوْلَا مُحَمَّد مَا خلقْتُ الْجنَّة وَالنَّار، وَلَقَد خلقت الْعَرْش على المَاء فاضطرب فَكتبت عَلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فسكن) وَمثل هَذَا لَا يُقَال من قبل الرَّأْي، فَإِذا صَحَّ عَن مثل ابْن عَبَّاس يكون فِي حكم الْمَرْفُوع إِلَى النَّبِي ﷺ كَمَا قرّره أَئِمَّة الْأُصُول والْحَدِيث وَالْفِقْه، وحينئذٍ فَمَا فِي الأول من ضعف لَو سلم لقائله يكون مجبورًا بِهَذَا لِأَن هَذَا وَحده كَاف فِي الحجية فَضمُّ الأول إِلَيْهِ يزِيدهُ قوّة أَي قُوَّة، وَفِي حَدِيث رَوَاهُ صَاحب شِفَاء الصُّدُور وَغَيره (قَالَ الله يَا مُحَمَّد وعزّتي وَجَلَالِي لولاك مَا خلقت أرضي وَلَا سمائي وَلَا رفعتُ هَذِه الخضراء وَلَا بسطتُ هَذِه الغبراء) . وَفِي رِوَايَة (من أَجلك أسطح الْبَطْحَاء وأموج المَاء وَأَرْفَع السَّمَاء وَأَجْعَل الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَالْجنَّة وَالنَّار) . وَفِي أُخْرَى ذكرهَا عِيَاض فِي (الشِّفَاء): (فَقَالَ آدم لما خلقتني بِيَدِك رفَعْتُ رَأْسِي إِلَى الْعَرْش فَإِذا فِيهِ مَكْتُوب لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فعلمتُ أَنه لَيْسَ أحد أعظم قدرا عنْدك مِمَّن جعلتَ اسْمه مَعَ اسْمك، فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي إِنَّه لآخر النَّبِيين من ذرّيتك ولولاه مَا خلقتك) وَبِهَذَا كُله اتَّضَح بطلَان ذَلِك الِاعْتِرَاض، وَأَن قَائِله زلَّ عَن دَرك الصَّوَاب فطغى قلبه وَزَل قدمه.
وَمِمَّا يبطل الِاعْتِرَاض الثَّانِي وَهُوَ أشنع وأقبح من الأول بِكَثِير أَن الْأَدِلَّة الْمُعْتَبرَة قَامَت على تَفْضِيل نَبينَا مُحَمَّد ﷺ على جَمِيع خلق الله الْمَلَائِكَة والنبيين وَغَيرهم وصرّح بذلك الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ؛ فَمن الْأَحَادِيث الدَّالَّة على ذَلِك الحَدِيث الَّذِي ذكره الْمُعْتَرض نَفسه إِذْ لَفظه. (أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَمَا من نبيّ يومئذٍ آدم فَمن سواهُ إِلَّا تَحت لِوَائِي) فَهُوَ صَرِيح فِي أَفضَلِيَّة نَبينَا على آدم صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم، وفضيلة آدم على الْمَلَائِكَة يصرّح بهَا قَوْله تَعَالَى للْمَلَائكَة: ﴿اسْجُدُواْ لأًّدَمَ﴾ [الْبَقَرَة: ٣٤] وَقَوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىاآدَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمرَان: ٣٣] وَالْمَلَائِكَة من جملَة الْعَالمين اتِّفَاقًا، وَإِذا ثَبت بالأدلة الصَّحِيحَة أَن نَبينَا أفضل من آدم وَمن سَائِر النَّبِيين كَمَا يصرّح بِهِ قَوْله فِي الحَدِيث الْمَذْكُور: (مَا من نَبِي يومئذٍ آدم فَمن سواهُ إِلَّا تَحت لِوَائِي) وَثَبت بالآيتين المذكورتين أَن النَّبِيين الْمَذْكُورين فيهمَا آدم ونوحًا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان أفضل من الْمَلَائِكَة ثَبت أَن نَبينَا ﷺ أفضل من الْمَلَائِكَة بل نَبينَا ﷺ من جملَة آل إِبْرَاهِيم فشملته الْآيَة نصا. وَفِي (الصَّحِيحَيْنِ) وَغَيرهمَا أَنه ﷺ قَالَ: (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة) وَمِمَّا يدلّ أَيْضا على أفضليته على جَمِيع الْخلق قَوْله تَعَالَى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الإنشراح: ٤] وَسِيَاق الْآيَة قَاض بِأَن المُرَاد رفع عَظِيم، وَمن ثمَّ فسروه بِأَن المُرَاد بِهِ لَا أذكر إِلَّا وتذكر معي وَبِأَن ذَلِك الرّفْع الْعَظِيم على جَمِيع الْخلق، لِأَنَّهُ لم يذكر الْمَرْفُوع عَلَيْهِم وَالْأَصْل عدم التَّخْصِيص، وَيدل على رفْعَة قَدْره على كل مَخْلُوق قَوْله تَعَالَى: ﴿عَسَىاأَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الْإِسْرَاء: ٧٩] وَفَسرهُ ﷺ فِي الحَدِيث الْحسن بالشفاعة الْعُظْمَى فِي فصل الْقَضَاء لِأَنَّهُ يحمده فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ ويتقدم فِيهِ على جَمِيع خلق الله تَعَالَى من الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة، وَمِمَّا يصرِّح بِتِلْكَ الْأَفْضَلِيَّة أَيْضا. قَوْله ﷺ فِي الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته: (ثَلَاث من كنّ فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان: مَنْ كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا) فَتَأَمّله فَإِنَّهُ وَاضح فِي تِلْكَ الْأَفْضَلِيَّة. وَقَوله ﷺ فِي الحَدِيث الصَّحِيح: (أَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض فألبس الْحلَّة من حلل الْجنَّة ثمَّ أقوم عَن يَمِين الْعَرْش لَيْسَ أحد من الْمَلَائِكَة يقوم ذَلِك الْمقَام غَيْرِي) وَقَوله: فِي الحَدِيث الْحسن وَلَا نظر لقَوْل التِّرْمِذِيّ فِيهِ إِنَّه غَرِيب أَنه كَمَا بَينه شيخ الْإِسْلَام السراج البُلْقِينِيّ (أَنا حبيب الله وَلَا فَخر، وَأَنا حَامِل لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر، وَأَنا أول شَافِع وَأول مشفَّع يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر، وَأَنا أول من يُحرك
1 / 134