Fatawa and Consultations of Islam Today
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم
Mai Buga Littafi
موقع الإسلام اليوم
Nau'ikan
فتاوى موقع الإسلام اليوم
خزانة الفتاوى .. خزانة مفتوحة لكل باحث عن فائدة وطالب لعلم، أودع فيها كل ما أجيب عنه من استفتاءاتكم، ما نُشر منها وما لم يُنشر، مصنّفة تصنيفًا فقهيًا، ويمكنك الاطلاع على فتاوى ما شئت من الأبواب الفقهية من خلال النقر على عنوان الباب.
1 / 1
القرآن الكريم وعلومه
1 / 2
هل تنطبق هذه الآية على غزو الفضاء؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ١/٦/١٤٢٢
السؤال
أرجو من المفتي أن يفسر هذه الآية الكريمة، وهل هي تنطبق على المركبة الفضائية التي أطلقت إلى كوكب المريخ؟ قال تعالى: «ولو فتحنا عليهم بابًا من السماء فظلوا فهي يعرجون؛ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون» سور الحجر الآية رقم ١٤، ١٥.
الجواب
في هذه الآية الكريمة يصف الله ﵎ شدة معاندة مشركي مكة وأضرابهم، ومنابذتهم للحقّ الذي جاء به الرسول الكريم ﷺ من عند ربه ﷿ ويبيّن سبحانه إصرارهم على الكفر والطغيان مهما جاءتهم من الآيات الواضحات، والدلائل البينات، والمعجزات الباهرات المؤكدة لصحة الرسالة وصدق الرسول، بحيث لو فُتح لهؤلاء المشركين المعاندين باب من السماء يرونه بأمّ أعينهم، ثم ظلوا يعرجون، أي يصعدون إلى السماء عبر هذا الباب، ولمسوا هذا الأمر العظيم واقعًا محسوسًا، لما أنفكوا عن عنادهم ومكابرتهم، زاعمين أنّ هذا ناتج عن سُكرٍ وغشاوة على أبصارهم فأصبحت عاجزة عن التمييز والإبصار، أو هو سحر أصابهم فظهر لهم ما ليس بحق ولا واقع، وهذا -كما ترى- إمعان في الضلال، وإصرار عجيب على البغي والفساد.
وأما قول السائل: هل تنطبق الآية الكريمة على الركبة الفضائية التي أطلقت إلى كوكب المريخ؟ فأقول:
1 / 3
سواء وصل الكفار إلى المريخ أو غيره، أو لم يصلوا، فلا ريب أنّ من سبقت عليه الشقاوة الأبدية لا ينتفع بما يتلى على مسامعه من الآيات الشرعية، وما يراه من الآيات الكونية الباهرة. ولقد تيسّر لأهل زماننا عبر هذه المركبات الفضائية وغيرها ما يدفعهم إلى الإيمان بالإله الحق سبحانه، ولكن ما أشبه الليلة البارحة، فلا يزال المكذبون سادرين في غيّهم، ممعنين في ضلالهم وهو مصداق قوله تعالى: «إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون» إذ أن أصح الأوجه في تفسير الآية: أنها في الذين قضى الله عليهم بالشقاء الأبدي السرمدي، فما عادت تنفع فيهم موعظة، أو تنجع فيهم تذكرة، نسأل الله العافية والسلامة.
1 / 4
الجن والشياطين سلالة من؟
المجيب د. عبد الله السبتي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ٢٢/٧/١٤٢٢
السؤال
يقول الله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ... الآية
الإنس من بني آدم والجن من نسل من؟ والشياطين من نسل من؟ وماذا قال أهل العلم بقوله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)
ظاهر قول الملائكة بأن الأرض كان يقطنها مخلوق مفسد فمن هم؟
الجواب
الذي يظهر والله أعلم أن إبليس هو أبو الجن وذلك هو ظاهر القرآن ولا معارض له مقبول فإن الله سبحانه قد أخبر في كتابه عن إبليس أنه اعترض على السجود بقوله: (خلقتني من نار وخلقته من طين) فهو يتحدث عن خلقه هو لا عن غيره من أب أو جد فأول الجن خلقا هو إبليس وهو أبوهم (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) كما أن أول الإنس خلقا هو آدم وهو أبوهم وإبليس قد خلق قبل آدم (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون*والجان خلقناه من قبل من نار السموم)
قال الحسن البصري ﵀:"ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس "قال ابن كثير:" وهذا إسناد صحيح عن الحسن " (١/٧٤) في تفسير قوله (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) .
قال ابن القيم_رحمه الله_:
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الخلاق أم أصبحت ذا نكران
وقال ابن حجر في الفتح (٦/٣٦٩):" إبليس أبو الجن كلهم "
1 / 5
وكل قول غير هذا غير فإنه معارض لظاهر القرآن كما أن مستنده النقل عن بني إسرائيل فمرة ينسب إلى حي من الملائكة وأخرى إلى الجن ولكن اصطفى فكان بين الملائكة ... إلى غير ذلك من الأقوال، والمسألة سمعية لا مجال للرأي فيها، ومثلها لا يستند فيه على الإسرائيليات، وتجدر الإشارة إلى أنها قد وردت مجموعة من الروايات عن المتقدمين في إبليس وكيفية نسبته إلى الجن، وتحديد مهمته، وذكر عبادته، وكيفية انتقاله، إلى السماء وتسميته، وغير ذلك، ومصدر ذلك والله أعلم الإسرائيليات، قال ابن كثير في تفسيره (٣/٨٧):" وقد روي في هذا آثارًا كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات، التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير، منها ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة، لأنها، لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع في هذا أشياء كثيرة ".
وحينئذ فلا داعي للعدول عن ظاهر القرآن.
وبهذا القول يزول الإشكال عن كيفية وجود إبليس بين الملائكة وهو ليس منهم، فالله قد خلقه وجعله بينهم، كما أنه خلق آدم وجعله في الجنة ثم أنزل الجميع إلى الأرض جزاءا وابتلاء، هذا بالنسبة لأبي الجن.
وأما بالنسبة لأبي الشياطين فلا بد من مقدمة لبيان ذلك، فإن لفظ (شيطان) يطلق على إبليس ويطلق على جنس من الجن وهم المرة من ذرية إبليس، ويطلق على المتمرد من الإنس على أوامر ربه.
فأما إطلاقه على إبليس ففي مثل قوله تعالى (فأزلهما الشيطان عنها) وقوله تعالى (فوسوس لهما الشيطان) وقوله تعالى (لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) وهذا غالب إطلاقه، فالشيطان علم في الغالب على إبليس.
وأما إطلاقه على جنس من الجن ففي مثل قوله تعالى (وما تنزلت به الشياطين) وقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين) (والشياطين كل بناء وغواص) (وجعلناها رجوما للشياطين) وهو ههنا وصف لهم.
1 / 6
وأما إطلاقه على متمردي الإنس ففي مثل قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وهو هنا وصف لهم أيضا.
وحينئذ فلا يمكن أن يقال: أبو الشياطين هو فلان إذ منهم جن ومنهم بشر، إلا أن يكون الحكم أغلبي، فيقال إبليس أبو الشياطين لأن غالب الشياطين منهم ولأنه مصدر شيطنتهم والله أعلم.
س/ هل يدل قول الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)؟
ج/ ليس في الآية دليل صريح على ذلك؛ إذ ربما عرفت الملائكة أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء بوحي من الله إليها كما نقل معناه ابن كثير عن الحسن البصري في تفسير الآية.
وقد ورد في كتب التواريخ وبعض التفاسير: أنهم علموا ذلك بسبب أعمال من تقدم آدم من الجن الذين سكنوا الأرض، وسبق بيان شئ من ذلك السؤال، السابق والله أعلم.
1 / 7
كيف نجمع بين هاتين الآيتين
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ٧/٦/١٤٢٤هـ
السؤال
سؤالي هو: في سورة النساء آيتان متتاليتان لم أفهمهما فهما صحيحًا، وسبب ذلك لي خلطًا عجيبًا يقول المولى ﷿: "وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا"، "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" [النساء:٧٨-٧٩]، فما الفرق بين الأولى والثانية؟ وهل هذا يعني أن الإنسان مسير؟؟ وكيف نخالف الجبرية إذا؟
وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فنقول أولًا أحبك الله الذي من أجله أحببتنا، ونسأل المولى ﷿ أن يجمعنا وإياكم في الدنيا على محبته وطاعته، وفي الآخرة في دار كرامته، ثم لتعلم أيها الحبيب أن كلام الله تعالى لا اختلاف فيه ولا تناقض، "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" [فصلت: ٤٢]، وما يتوهمه بعض الناس من اختلاف بين الآيات فإنما هو من جهة نظر الناظر وقصور علمه، لا من جهة حقيقة كلام الله تعالى، فهو (مبين)؛ كما وصفه الله ﷿، وما ذكرت من سؤال بين آيتي النساء المذكورتين فالجواب عليه من وجهين:
1 / 8
الوجه الأول: أن الحسنة والسيئة كلتاهما بتقدير الله تعالى وهذا معنى "قل كل من عند الله" [النساء: ٧٨] أي بتقديره ﷿، لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده، وهذا معنى: "ما أصابك من حسنة فمن الله"، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: ٣٠] وهذا معنى قوله: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء: ٧٩] أي بسبب فعلك، فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه لا إلى مقدره، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله فهي من باب إضافة الشيء إلى مقدره وموجده.
الوجه الثاني: ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في [مجموع الفتاوى
(٨/١١٠)] من أن المراد بالحسنة والسيئة في الآية الأولى يعني النعم والمصائب، كما في قوله تعالى: "إن تمسسكم حسنة تسؤهم" - يعني نعمة- "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" - يعني المصائب- "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا" [آل عمران: ١٢٠] والمراد بالحسنة والسيئة في الآية الثانية الطاعة والمعصية، نحو قوله تعالى: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها" [الأنعام: ١٦٠] قال: وفي كل موضع ما يبين المراد باللفظ فليس في القرآن العزيز بحمد الله إشكال بل هو مبين، ا. هـ.
يعني أن الحسنة والسيئة تطلق في القرآن الكريم ويراد بها النعمة والمصيبة، كما تطلق ويراد بها الطاعة والمعصية، وفي سياق الآيات ما يدل على أي المعنيين هما المرادان.
ففي الآية الأولى المراد بالحسنة والسيئة فيها: النعم والمصائب، وكلها من عند الله، وفي الآية الثانية المراد بالحسنة والسيئة: الطاعة والمعصية، فالطاعة من الله تعالى تفضلًا وتوفيقًا، والمعصية من العبد فعلًا وإرادة، وإن كانت كل من الطاعات والمعاصي من عند الله تقديرًا وإيجادًا، والله أعلم.
1 / 9
عدم ذكر الأعمام والأخوال في آية النور
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ١٨/٤/١٤٢٤هـ
السؤال
ما الحكمة من عدم ذكر الأعمام والأخوال في قوله تعالى في سورة النور: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ" [النور: من الآية٣١] مع أنهم من المحارم.
الجواب
الحمد لله، - والصلاة والسلام- على رسول الله، وبعد:
1 / 10
ورد في الآية الكريمة ذكر المحارم الذين يحل للمرأة أن تبدي زينتها لهم، فذكرت عددًا من الرجال على اختلاف قوة ودرجة قربهم منها، ولم يرد في الآية ذكر العم والخال، لكن قد ذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف، إلى دخول العم والخال ضمن محارم المرأة، الذين يحل لها أن تبدي زينتها لهم، وعدم ذكرهما في عداد من يحل للمرأة أن تبدي زينتها لهم لا يلزم منه عدم اعتبارهما من جملة من يحل لهم ذلك، ولهذا نظائر كتحريم الجمع - في النكاح- بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها، فهذا وإن كان محل إجماع كما قد نص عليه عدد من أهل العلم، ومع هذا فلم يرد ذكرهما في المحرمات من النساء، في قوله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم ... " [النساء: ٢٣]، مع أنه ورد ذكر تحريم الجمع بين المرأة وأختها في هذه الآية حيث قال تعالى: "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" [النساء: ٢٣]، نعم يبقى السؤال عن العلة في عدم ذكرهما - أعني العم والخال- واردًا، وقد نظرت في كلام أهل العلم فلم أجد - بحسب ما وقفت عليه- ما يشفي في هذا، بل بعض ما ذكر لا يسلم به، ومن أحسن ما وجدت - وإن كان لا يخلو من نظر- ما حكاه الألوسي ﵀ في تفسيره روح المعاني، حيث قال: "لم يذكروا يعني العم والخال، اكتفاء بذكر الآباء، فإنهم عند الناس بمنزلتهم، ولا سيما وكثيرًا ما يطلق الأب على العم" أ. هـ. كلامه. ومن أمثلة إطلاق لفظ الأب على العم قوله تعالى ذاكرًا قول يوسف ﵇ "واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب" [يوسف: ٣٨]، فهذا التعليل أحسن ما وجدت، والله أعلم بمراده، وسبحان من لا تنقضي عجائب كتابه، هذا - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد.
1 / 11
تفسير قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا "
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ٠١/١٠/١٤٢٥هـ
السؤال
يقول الله تعالى- في آخر سورة فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) .
أورد ابن كثير- ﵀ في تفسيره، عن أبي وائل، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، ﵁، فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: من لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدَّثك؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك. قال: أصدّقتَه أو كذبتَه؟ قال: ما صدقتُه ولا كذبتُه. قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، كذب كعب، إن الله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ) . وهذا إسناد صحيح إلى كعب وابن مسعود، ﵄.
نأمل تفسير الآية، وشرح المفردات التالية: أن تزولا، الزوال، الحركة، الدوران، التسخير في قوله تعالى: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) [الأعراف:٥٤] . مع التمثيل لكل منهما، وهل هناك فرق في الدلالة بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: (السماوات والأرض)؟ وهل ينطبق مدلول الآية أو مفهومها على الشمس والقمر والنجوم والأرض؟ وما هي أسماء الثوابت من النجوم؟ وهل تدخل في معنى التسخير؟ وخلاصة القول: ألا يعتبر القول بدوران الأرض مخالفًا للآية أم لا؟
الجواب
الجواب عن تفسير آية فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
1 / 12
وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر:٤١] . التفسير الموجز لمعنى الآية هو أن الله سبحانه خالقَ السماوات والأرض هو الممسكُ لها أن تتغير عن موضعها الذي قدرها الله فيه، ولو فرض عقلًا زوالها عن مكانها، فلا يمكن لأحد غيره أن يمسكها ويعيدها في مكانها كما كانت، ولن يكون هذا التغيير إلا له- سبحانه- يوم القيامة، حين يختل نظام هذا الكون المترابط، فتتحطم الكواكب، وتتناثر النجوم، وتُسعَّر البحار بالنار، وتبعثر القبور ... إلخ.
معاني المفردات:
الزوال: هو التغيُّر والتصرُّف والتفرُّق والميل عن المكان، وفي أصل وضع هذه الكلمة (الزوال) لا تقع أو تستعمل إلا في شيء من حقه الثبات. نقول: زال الجبل أو أزيل بعد أن كان ثابتًا. ومنه قوله تعالى: (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) [إبراهيم:٤٦] . وتقول: زالت الغشاوة عن البصر بعد أن كانت
موجودة. ويستعمل الزوال حقيقة في الواقع الفعلي وفي الاعتقاد، مثال الثاني: قولنا: زالت الشمس. ومعلوم أن الشمس متحركة دائمًا ولا ثبات لها، وإنما جاز استعمال هذا اللفظ؛ لأن المعتقد أن الشمس وقت الظهيرة ثابتة في كبد السماء كما يبدو للعين المجردة، قال العرب ذلك؛ لأنهم كانوا يقيسون حركة الشمس بحركة ظل أي شاخص، وفي لحظة من قائم الظهيرة لا يوجد للشاخص ظل فاعتقدوا أن الشمس زالت.
الحركة: الحركة ضد السكون، ولا تكون إلا للجسم المحسوس، ومنه قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) [القيامة:١٦] .
1 / 13
الدوران: مصدر للفعل الثلاثي دار يدور دورانًا، ومنه الدائرة، وهي الخط المحيط بالشيء، وقيل للدار: دارٌ. باعتبار الحائط الذي يحيط بها، وعليه فالسماوات تقع داخل الدائرة (الفلك) الخاص بها، لا تخرج عنه بحال إلا حين اختلال هذا الكون بانقضاض أفلاكه وكواكبه ونجومه، ولا يكون ذلك إلا بتقدير الله يوم القيامة.
التسخير: مصدر للفعل سخَّر الرباعي، والتسخير سوق الشيء ودفعه إلى هدف معين عن طريق القهر والغلبة، ومنه تسخير السماوات والأرض وما فيها للعباد. قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) [الجاثية:١٣] . وقوله: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) [الأعراف: ٥٤] . أي: سير النجوم (دورانها) في أفلاكها زمانًا ومكانًا هو بتسخير الله وتقديره.
1 / 14
أما الأثر عن كعب الأحبار الذي ذكره ابن كثير عند تفسير الآية، فهو من الأحاديث الإسرائيلية المردودة والتي لا تقبل؛ لمخالفتها لشرعنا، فإن وضع السماوات والأرض- كما في قول كعب، ﵁ على كتف ملك من الملائكة، مخالف للواقع والحس، فضلًا عن أن الشرع لا يدل عليه. يدل على هذا تكذيب عبد الله بن مسعود، ﵁، لقول كعب، ﵁. هذا، ولو كان مثل هذا صحيحًا لجاءنا بحديث صحيح عن المعصوم ﷺ، ولما لم يأتنا تبيَّن كذبه وبطلانه، وقد ذكر ابن جرير الطبري بعد رد عبد الله بن مسعود، ﵁، زيادة بعد تلاوته الآية، وهي: (كفى بها زوالًا أن تدور) . أي: أنها إذا زالت كيف تدور؟ فكأن عبد الله بن مسعود، ﵁، يشير بقوله هذا إلى مخالفة هذا الأثر للواقع العقلي، وليس هناك فرق بين المعطوف والمعطوف عليه (السماوات والأرض) من حيث الدوران، غير أن المراد بالسماوات: الأفلاك والنجوم، الثابت منها والمتحرك. وليس المراد بالسماء ذات الأبواب والحرس التي فيها الأنبياء والملائكة والجنة وفوقها عرش الرحمن جل وعلا، فإن هذه السماوات عالم غيبي تعرف بالخبر عن الصادق المصدوق، بخلاف السماوات ذات النجوم والشهب والكواكب، فطريق معرفتها الحس والمشاهدة، وهي المقصودة المرادة في آية فاطر هذه.
ومن المعلوم، كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- ﵀ أن الأفلاك كلها مستديرة (مكوَّرة) وكلها في السماء، والسماء على الأرض مثل القبة، وإذا كان ما في هذه السماء من كواكب ونجوم ومجرات تدور في أفلاكها (سمائها)، فإن الأرض تدور كذلك؛ لأن السماء محيطة بها.
1 / 15
وعلى هذا فإن دلالة الآية على الدوران، كلٌّ بحسبه (الشمس والقمر والنجوم)، وهي كلها في السماء يدور كل منها على نفسه وفي مداره، فينتج عن ذلك الليل والنهار، وكذلك للأرض دورة حول الشمس ينتج منها فصول السنة الأربعة، وصدق الله العظيم: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) [يس:٤٠] .
1 / 16
الحكمة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقًا
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ٦/٦/١٤٢٤هـ
السؤال
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو من فضيلتكم التفضل ببيان المعنى والحكمة الإلهية من بيان أن الله ﷾ خلق السماوات والأرض في ستة أيام، حيث إن هذا السؤال قد تكرر أثناء الحوار مع بعض الهندوس العاملين بالمملكة، وقولهم ألم يكن ربكم يستطيع أن يخلق السماوات والأرض بقوله كن فيكون؟ فلماذا لم يفعل ذلك؟ وتعالى الله عما يشركون، ولذا نرجو من فضيلتكم أن تزودونا بالجواب الشافي ببيان الحكمة من ذلك، وجزاكم الله خيرًا، ونفع المسلمين بعلمكم.
الجواب
1 / 17
أولًا: إن الله ﷾ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، هؤلاء الذين لا يعرفون الخالق فالخالق لا يوجه إليه السؤال، وإنما يوجه إلى المخلوقين، أما الخالق ﷾ فحكمته بالغة وحجته دامغة، وكل شيء يفعله وكل شيء يعمله إنما هو لحكمة، ثم إن الله ﷾ علم المخلوقات عن طريق أفعاله، فهو علمنا التدرج في الأمور وعلمنا أن المخلوقات تنشأ نشأة متطورة ومتدرجة فكما ينشأ الصبي صغيرًا ثم يكبر ثم يهرم إلى آخره، فكذلك نشأ الكون نشأة متدرجة، هذا من حكمته ﷾، ومن حكمته أيضًا أن الزمان صاحب المكان ورافقه في رحلة الوجود، فهذه الأيام الستة واليوم السابع هي التي كتب الله أن الزمان سيدور عليها والزمان إنما يدور في المكان، فعلاقة الزمان بالمكان علاقة حميمة، وبالتالي كانت هذه النشأة حتى اكتمل المكان الذي نعيش فيه، وهي البيئة التي تحوطنا وتحيط بنا في هذا الكون من سماوات وأرض، فالزمان شيء اعتباري لا نراه، والبيئة المكانية نراها فربطها الله ﷾ بالزمن، وهذه الأمور قد لا يدركها الإنسان خاصة إذا لم يكن بصيرًا مستبصرًا ومسلمًا لأمر الله ﷾، وكما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-:
وقل للعيون الرمد للشمس أعين *** سواك تراها في مغيب ومطلع
وسامح نفوسًا بالقشور قد اكتفت *** وليس لها في اللب من متطلع
فسوأل هؤلاء لم خلقت الأيام؟ لم خلق الزمان؟ هذا كله أمره عند الخالق، والإنسان أصغر من هذا وأضعف من أن يسأل الخالق، وأن يوجه إلى الرب ﷾ السؤال، فالأسئلة لا توجه إلى الله، "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" [الأنبياء:٢٣]، كل أمره حكمة، وإذا لم يرها الإنسان فإن العيب في الإنسان وليس في تلك الحكمة البالغة التي قد لا يراها الأعمى، هذا ما حضرني الآن والله ﷾ أعلم.
1 / 18
هل يُعذب على ذنوبه ولو رجحت عليها حسناتُه؟
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت
التاريخ ٢٦/١١/١٤٢٤هـ
السؤال
هل يكفي أن تكون حسنات المؤمن أكثر من سيئاته حتى ينجو من النار؟ وكيف نوفق بين هذا وقوله - تعالى -: "ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"، وقوله تعالى "من يعمل سوءا يجزى به" وشكرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وهو الذي يقتضيه ظاهرها أن من رجحت حسناته بسيئاته فهو من الناجين - إن شاء الله تعالى - واقرأ - إن شئت - قول الله - تعالى - في سورة الأعراف: "والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون" [الآيتين:٨-٩]، وقوله - تعالى - في سورة المؤمنون: "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون" [الآيتين:١٠٢-١٠٣] .
أما قول الله - تعالى -: "ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره" [الزلزلة:٨] فمعناه يجده أمامه يوم القيامة ويطلعه عليه ربه - سبحانه -.
وأما قوله - تعالى -: "من يعمل سوءًا يجز به" [النساء:١٢٣] فإنها نزلت لسببٍ على ما ذكر أهل التفسير، وهو أن المسلمين وأهل الكتاب تفاخروا في أي الأديان خير، فأنزل الله - تعالى - قوله: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به" الآية [النساء:١٢٣]، ثم أعقبه بقوله - تعالى -: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا" [النساء:١٢٤]، وقيل بل نزلت في كفار قريش لما قالوا للمسلمين: لن نبعث ولن نعذب، فأنزل الله: "من يعمل سوءًا يجز به" [النساء:١٢٣] .
1 / 19
وروي من طرق كثيرة موقوفة ومرفوعة في تأويل الآية أن المؤمنين يجزون في الحياة الدنيا لقاء أعمالهم من الأمراض والمصائب حتى النكبة ينكبها المؤمن والشوكة يشاكها تكفر عنه سيئاته حتى يلقى ربه.
والقاعدة العامة - يا أخي - في التعامل مع نصوص الوعد والوعيد جمعها وليس أن يفرد المرء نصوص الوعيد ويجعلها نصب عينيه فيقع فيما وقعت فيه المعتزلة، ولا يعكس ذلك بحيث يفرد نصوص الوعد، ويغفل عن نصوص الوعيد، فيقع فيما وقعت فيه المرجئة، ومنهج أهل السنة وسط بين هذين، وهو الجمع بين نصوص الوعد والوعيد، مع الرجوع إلى كتب التفسير والحديث لمعرفة المراد من الآيات. والله الموفق.
1 / 20