فقطعت لمياء كلامها قائلة: «صدقت يا سيدتي إن من كان تحت ظلك وظل سيدي أمير المؤمنين لا يكون يتيما ... وكفاني حظا وشرفا أن يدعوني الخليفة - حفظه الله - ابنته ... إنها نعمة لم أكن لأحلم بها ... ولكن ...»
فقالت أم الأمراء: «لا لوم عليك إذا بكيت أباك إنه كان بارا وكان يحبك ...»
فتذكرت لمياء ما كان يضمره أبوها من السوء للخليفة وقائده فأحست بوخز الضمير فأرادت أن تصرف ذهنها عن ذلك الحديث؛ لأنه يؤلمها فقالت: «رحمه الله ... وأنا الآن لا أعرف أبا غير أمير المؤمنين ولا أما سواك.»
وسكتت وهي تتشاغل بإصلاح شعرها وفى خاطرها شيء يمنعها الحياء من ذكره. وكأن أم الأمراء أدركت مرادها فقالت: «إني لم أر الحسين جاء معكم في مساء أمس ولا رأيته اليوم أين هو يا ترى؟»
قالت: «لا أعلم رأيته ركب معنا من المعسكر ثم لم أره.»
فقالت أم الأمراء: «أتظنين الخليفة أرسله في مهمة مستعجلة؟»
قالت: «أنت أعلم مني بذلك.»
قالت: «لا ريب عندي أن أمير المؤمنين يحب أن يراك فهل نذهب إليه وهو يخبرنا عن الحسين؟»
فسرها هذا الاقتراح لكنها لم تظهر الرغبة في الإجابة؛ حياء، ولم تنتظر أم الأمراء جوابها فنهضت وأمسكتها بيدها ومشت بها وهي تقول: «إن أمير المؤمنين وحده في قاعته وقد أخبرني في هذا الصباح أنه لا يريد أن يرى أحدا من الأمراء.»
فقالت لمياء: «لعله طلب ذلك لرغبة في الخلوة، فهل يجوز أن نزعجه بحضورنا؟» فابتسمت وقالت: «لا يزعجه حضوري أو حضورك ولا هو أراد الخلوة للعمل على ما أظن ولكنه أراد الراحة من عناء ما لاقاه أمس، وهو - بلا شك - كثير التفكير فيك هلمي بنا إليه ... وانزعي حجاب الكلفة معه بعد أن دعاك ابنته ونعم الابنة.»
Shafi da ba'a sani ba