أما الطبيب فظل ماشيا نحو السرير وقبل أن يدنو منه برز له من جانب القبة رجل عرفت لمياء أنه يعقوب بن كلس وقد لبس ثوبا يليق بذلك الموقف. وتقدم يعقوب لملاقاة الطبيب بلهفة كأنه لم يره من قبل وقال له: «لقد أبطأت علينا أيها الطبيب.»
فقال: «فارقت مولانا الأمير وأنا أرجو تقدمه نحو الصحة، فهل طرأ عليه طارئ؟»
فأجاب يعقوب: «لا بأس عليه إنه اليوم أحسن من ذي قبل ...»
قال ذلك بصوت عال؛ ليسمعه كافور على عادتهم في طمأنة المريض وتخفيف جزعه. لكنه أشار إليه همسا أن الحال تدعو إلى القلق.
فتقدم شالوم حتى دنا من السرير وأشار إلى غلامه أن يتبعه ليكون قريبا منه في حين الحاجة إلى عقار. فدنت لمياء من ذلك السرير المغشى بالأغطية المزركشة بالألوان الزاهية تكسوه كله إلا بقعة صغيرة عند الرأس سوداء مظلمة هي وجه كافور قد أزيح عنه الغطاء؛ لأنه كان شديد السواد بصاصا جلده يلمع لكن شدة الضعف أذهبت لمعانه حتى تكاد ترى الاصفرار يخالط ذلك السواد، وكان قد أقفل عينيه كأنه نائم وقد برز فكاه من الضعف فافترقت شفتاه وبرزت أسنانه البيضاء من بينهما. فلما أحس كافور باقتراب الطبيب منه فتح عينيه وأجال بصره حتى وقع نظره على الطبيب فبان الاهتمام في تينك العينين الحمراوين. وكأنه أراد أن يبتسم فلم يزدد منظره إلا تكشيرا فأسرع الطبيب إلى يده فاستخرجها من تحت الغطاء باحترام وجس نبضها وهو يظهر الانبساط من حال النبض .
والتفت إلى كافور وقال: «إن مولاي أحسن حالا من أمس - بحمد الله.»
والتفت إلى أحد الغلمان الوقوف في خدمة كافور وقال: «أين قارورة الماء؟» يعني زجاجة البول.
فأتوه بزجاجة فيها السائل فتأمله وتفحصه، ثم عاد نحو السرير وهو يبتسم ويظهر الانبساط وقال: «كيف ترى نفسك يا سيدي؟»
فقال: «إني أشعر بضعف ودوار.»
قال: «هذا أمر بسيط ... إلي يا غلام»، وأشار إلى لمياء.
Shafi da ba'a sani ba