قال: «إني أسر لسرورك ولكنني لا أزال ألح عليك بالاقتصار في هذا الموضوع ريثما يأتى يوم الشعانين ونفي نذرنا».
قال: «أعاهدك بأني لا أباشر أمرا قبل مجيء ذلك اليوم ولكننى عازم في صباح الغد على الذهاب إلى الصرح لأشاهد هندا ووالدتها لأجل الاطمئنان وأظنهم يودون مشاهدتك».
قال: «دع ذلك لبعد يوم الشعانين أما أنت فاذهب لمشاهدة أهل صرح الغدير واحذر أن تمضي أمرا ».
قال: «حسنا يا مولاي».
وفي صباح اليوم الثاني ركب حماد باكرا وركب سلمان معه وسارا قاصدين الصرح.
أما هند فأنها لم تنم ليلتها تلك لعظم تأثرها فرحا بقدوم حماد إلا عند الفجر فأغمض جفناها فنامت هنيهة فأفاقت والشمس قد طلعت فظنت نفسها قد أبطأت في الفراش وخافت أن يأتي حماد وهي نائمة فنهضت ولم يؤثر فيها السهر شيئا لتنبه عواطفها فاغتسلت ولبست ثيابها وعادت إلى غرفتها وفيها نافذة تشرف على طريق بصرى فجلست إليها وعيناها شائعتان نحو الأفق لعلها ترى حمادا قادما وكانت كلما رأت شبحا أو ظلا أو سمعت صوت صهيل أو وقع أقدام خفق قلبها ولا يكاد يحدث في الصرح صوت إلا سمعته كأنها كلها آذان لعظم تأثرها.
أما سعدى فقد كانت توصي الخدم في إعداد ما يلزم للضيافة من الذبائح ونحوها فلما فرغت من ذلك فكرت في هند وما يكون من حالها عند ملاقاتها حمادا بعد طول غيبته فخافت من شدة تأثرها لئلا يظهر منها ما تعاب عليه أو يؤثر في صحتها فرأت أن تسير إليها وتشاغلها لتذهب ما بها من قلق الانتظار فجاءتها فإذا هي في مثل ما خافته عليها.
فلما سمعت هند وقع أقدام والدتها كادت تبغت لولا تعودها سماع ذلك فاستقبلت والدتها باشة فابتدرتها سعدى قائلة: «ما بالك منفردة يا هند أظنك تتمنين عدول حماد عن المجيء».
فضحكت ولم تجب.
فقالت: «هيا بنا إلى الحديقة نتنسم رائحة الأزهار لأن بقاءك هنا ممل» قالت ذلك وأمسكت بيدها ومشتا حتى نزلتا إلى البستان وأوغلتا بين الأشجار وهند تسارق النظر من بين الشجر لعلها ترى حبيبها قادما ولكن والدتها سارت بها في الحديقة حتى غابت عن الطريق وكانت هند إنما تمشي مجاراة لها وقلبها يحدثها بالرجوع إلى القصر لئلا يصل حماد أثناء غيابها.
Shafi da ba'a sani ba