188

Yarinya Ghassan

فتاة غسان

Nau'ikan

فاني إليه في العشية ناظر

عسى يلتقي طرفي وطرفك عنده

فنشكو إليه ما تكن الضمائر

نعم إني أرى على وجهك صورة كأنها ظل وجهه فهل يرى هو مثل ذلك أيضا.»

ثم عادت إلى البكاء فأطلقت لنفسها العنان حتى لم يتمالك عن الشهيق وهي تظن نفسها منفردة لا يسمعها أحد ولكنها ما لبثت أن سمعت قارعا يقرع الباب فعلمت أنها والدتها سمعت صوت بكائها فجاءت لتعزيتها فودت البقاء في خلوتها فتظاهرت بالنوم ولم تنهض لفتح الباب فقرعت والدتها الباب ثانية وألحت عليها أن تفتحه فمسحت عيونها ونهضت ففتحت الباب ولم يكن في الغرفة نور غير ضوء القمر الداخل من النافذة فدخلت سعدى وهمت بهند وضمتها وجعلت تقبلها وتنظر إلى وجهها لتحقق بكاها وهند صامتة مطرقة لا تبدي حراكا فقالت سعدى ما بالك يا ولداه ما الذي يبكيك لماذا لا تشكين إلي همك ألست والدتك أما أنت ولدي وفلذة من كبدي إلا تعلمين أنني أحبك.

فلبثت هند صامتة ولكنها نظرت إلى والدتها بطرف عينيها نظرة التأنيب ولم تفه بكلمة ففهمت سعدى أنها توبخها لما ارتكبته بشأن حماد ولكنها أرادت مغالطتها فأخذتها بيدها إلى السرير وأجلستها إلى جانبها وقالت ما بالك لا تجيبينني يا هند أتكتمين عني شيئا ألم أكن خزانة أسرارك قولي يا ولداه ما يبكيك.

فنظرت هند إليها وكان ضوء القمر واقعا على وجهها فرأت سعدى الدموع تتلألأ وهي ساقطة من عينيها فانفطر لها قلبها وهمت بها ثانية وضمتها وتناولت منديلها وجعلت تمسح لها الدموع فحولت هند وجهها نحو النافذة وتنهدت وهي تنظر إلى القمر وضوءه على السهول والجبال.

فنهضت سعدى ووقفت معترضة بينها وبين النافذة وقالت لها: «قولي يا ولداه ما الذي يبكيك لقد قطعت قلبي ولم يعد لي صبر على بكاك إلا تعرفين قلب الوالدة».

فوقفت هند ثم مشت نحو النافذة ووالدتها تعترضها وتمسك يدها ثم وقفت وقفة من ينتظر جوابا. فنظرت هند إليها شذرا وقالت: «نعم يا أماه إني أعرف قلب الوالدة ولكن الوالدة لا تعرف قلب ابنتها».

فأدركت سعدى مرادها فقالت: «ومن قال لك يا هند إني لا أعرف قلبك».

Shafi da ba'a sani ba