166

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

Nau'ikan

(حديث أبي جحيفة ﵁ الثابت في صحيح البخاري) قال: قال: آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟. قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له، فقال النبي ﷺ: (صدق سلمان).
فوضح أنه ليس من الزهد أن يمنع الزوج المرأة من حقها في الوطء، ولا يشترط في تحقق المنع أن تطلب المرأة لنفسها فيمتنع الزوج عن إجابتها، ولكن باعتزله لها طويلًا حتى تشعر أنه لا يريدها ولا يرغب في قربانها، فتجد في نفسها كثيرًا، في حين أنه ابتعد عنها زهدًا في حاجات الدنيا، فيجب عليه أن يعلم أن لأهله عليه حقًا يجب إيفاؤه، وأن اعتزالها وتجافيها ليس بزهد وإنما هو ظلم لها وجور عليها .. عافانا الله من كل جور.
﴿تنبيه﴾: وكذلك ليس من الزهد ترك الزواج فإن اتباع السنة أولى من كثرة العمل كما في الحديث الآتي:
(حديث أنس الثابت في الصحيحين) جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوت النبي ﷺ يسألون عن عبادة النبي ﷺ فلما أخبروا كأنهم تقاُّلوها وقالوا: أين نحن من النبي ﷺ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أما أنا أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر أبدًا، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله ﷺ فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
مسألة: هل الزهد لبس الثياب المرقعة، وصيام الدهر، والابتعاد عن المجتمع، أو غير ذلك؟
الجواب:

1 / 165