هذه إحدى قصصه مع عمي جناديوس، أما قصته معي فهي من لون آخر. كنت منذ الصغر - كما أنا اليوم - مولعا بالعصي والقضبان، وكنت أتردد على قرياقوس يغريني به شكله الغريب وحركاته، ويلذ لي حديثه. وكان قرياقوس أكولا كما عرفت، يحب كل شيء وخصوصا البيض المقلي مبردا باللبن مع ورق البصل، ولا دجاج عند قرياقوس؛ لأن غارات الثعالب على بيته المنفرد لا تنقطع.
جئته يوما وفي يدي قضيب زعرور محرق، فقال لي: هذا قضيب يا مارون؟ قضبان عمك قرياقوس قضبان ... في كل قضيب ألف نقطة ونقطة، ولا نقطة مثل نقطة.
قال هذا ومعوله يشق صدر الأرض شقا، فهيجني وأغراني، فتعلقت بذيل قميصه الخلفاني أترجاه وأستعطفه. فصرخ بي: ابعد، توق حالك، ثم انطلق عيار خفيف من قلعته المحروسة، فتراجعت مذعورا، فضحك والتفت إلي، وقال: قضيب من هذا الشكل يلزم لتنقيطه عشر بيضات، وقنينة زيت، وسماق ناعم مثل الكحل، وتين مطبوخ، وبصل وتوم، وعب تتن من تتنات بومارون، وكلما كثرت الأشكال، وتبحبحت الكمية، كان القضيب أحلى. فهمت يا عيني؟ - تسلم عينك. نعم فهمت.
وسرت في طريق البيت، وقرياقوس يناديني: خذه يبص مثل قشرة الحية. وجئته بما طلب فتغدى أحسن غداء، ثم مسد على بطنه، وقال لي: اغد علي خذ القضيب.
فعبست وأجهشت بالبكاء، ولكني خفت الفضيحة فتجلدت وحبست دمعتي، وحان موعد العشاء السري فلم تجد أمي بيضا لتعشينا، فاستعارت من عند الجيران وسكتت.
وكانت عينها علي في الصباح، فرأتني غاديا أهملج
26
في طريق بيت قرياقوس، فاستنطقني عند رجعتي من عنده فاعترفت، فأشرفت على قرياقوس وهو ينقب أرضه وصاحب به: القرود تاخدك يا قرياقوس! كبير قد الجمل، تضحك على ولد صغير؟ ليتك تشتهي البيض! اطلب حتى نعطيك. - أهلا وسهلا بأم مارون. يشهد علي ربي ما قصدي الضحك على الصبي. ضاعت ولقيناها يا أم مارون، ما صار شيء إلا صار مثله، يفرجها الله، العسل قريب. يا ويل الذي عنده وما عند جاره.
وعادت أمي تطبطب
27
Shafi da ba'a sani ba