فابتسم قرياقوس، وقبل أن يجيب، قال المستنطق لكاتبه: اكتب أمي. - ألك زوج؟ - زوج أيش؟ بقر، معزى؟
فاستدرك المستنطق، وقال: يعني أمتزوج أنت؟ - نعم، مرتين يا سيدي، أول مرة ... - اسكت، وكأنه نسي أين بلغ من الأسئلة المعلومة، فتفكر قليلا، ثم قال: تدعي عليك ... ثم نظر إلى سجل التحقيق مفتشا عن الاسم، ومط صوته، وقال: فاكيه، أنك طرحتها.
48 - من قال إنها حبلى حتى تطرح. ابنها عمره ثلاثة شهور يا سيدنا.
وانتبه قرياقوس كل الانتباه؛ لئلا يفوته شيء من كلام المستنطق، الذي قال: هي ادعت عليك بذلك، وفي حوزتها تقرير معزز بالأيمان المغلظة. - بحياتك يا مولانا، تفهمني. ما فهمت معناة تقرير وأيمان؟ - بغل، بليد. التقرير هو الرابور، وأيمان يعني حلف اليمين.
فضحك قرياقوس ضحكة مديدة وقال: أتريد أن أحلف لك ألف يمين أني أنا وأنت غير موجودين في سراي جونيه، وإذا أمرت أقدم لك خمس رابورات ... يا سيدنا، أنت أخبر الناس بالرابورات والحلفانات.
فقال المستنطق: طيب، بضميرك وذمتك، هذه المرأة حبلى؟ - أنا قاعد في بطنها! - لكن حديث الضيعة.
فقال قرياقوس: عيب يا سيدي، اسأل النسوان. هذا شغل الرجال، الله يطول عمرك! - طيب، جرحت الرابورات والأطباء مع أن أكثرهم من أصحاب الضمير، والشهود يا هذا؟ فالتفت قرياقوس ظانا أنه يخاطب غيره، وتناول المستنطق «المحضر» من أمام الكاتب، وذكر لقرياقوس أسماء الذين شهدوا عليه. فصاح قرياقوس صيحة ارتجف لها المستنطق، وما شرع في الدفاع عن نفسه حتى نهض المستنطق عن كرسيه، وقال للآغا بلا اكتراث: خذه إلى الحبس. ثم قال للكاتب: أصدر بحقه مذكرة توقيف.
وعاد الشهود والأنصار إلى الضيعة ما عدا قرياقوس؛ فإنه حل ضيفا كريما على فارس آغا.
كان الآغا يحرس قرياقوس، فلم يسمح لأحد أن يقابله فيحمل وصيته إلى أهله، وكثيرا ما كانا يتبادلان كلاما مضمنا يشف عن ضغينة الآغا واستهزاء قرياقوس؛ فبطلنا كما عرفه القارئ الكريم لا يبالي، سيان عنده أقاهرا أم مقهورا فهو ليس ممن يكسر شوكتهم الحبس.
كان الآغا يتعنفص
Shafi da ba'a sani ba