وقيل: إلا ما يقرؤون، من قوله: ﴿إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ (١).
وقيل: الاشتقاق من مَنَى، إذا قَدَّر، لأن المتمني يقدر في نفسه، ويَحْزِرُ ما يتمناه، وكذلك المختلق والقارئ يُقَدِّرَانِ كَلِمَةَ كذا بعد كذا، وحَرْفَ كذا بعد كذا (٢).
والجمهور على تشديد الياء، وقرئ: (إلا أمانِيَ) بالتخفيف وطرح إحدى الياءين (٣) كراهة التضعيف. ونظيره أُثْفِيَّة وأثافيّ وأثافٍ، بالتشديد والتخفيف (٤).
﴿وَإِنْ هُمْ﴾: (إنْ) بمعنى: ما، ولكن لا يعمل عمله، وأكثر ما يأتي بمعناه إذا انتقض النفي بإلا. و﴿هُمْ﴾ مبتدأ، وما بعده خبره. و﴿إِلَّا﴾ في نحو هذا لتأكيد النفي.
﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)﴾:
قوله ﷿: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ﴾ ويل: رفع بالابتداء، وخبره ﴿لِلَّذِينَ﴾. وانتصابه في الكلام جائز، على معنى: جعل الله ويلًا لهم، تقول: ويلٌ لِزيدٍ، وويلًا لزيد، فالرفع بالابتداء وهو الجيد، لكونه يدل على معنى الثبات، والنصب على إضمار الفعل، هذا إذا لم تُضِفْهُ، فأما إذا أضفته فالنصب ليس إلا، لأن الاسم الذي أضفته إليه كان الخبر. فلو رفعته لم يكن له خبر، فاعرفه (٥).
(١) سورة الحج، الآية: ٥٢، وكون الأماني بمعنى التلاوة والقراءة هو قول الفراء ١/ ٤٩، والزجاج ١/ ١٥٩، ونسبه الماتريدي ١٧٦ - ١٧٧ إلى الكسائي.
(٢) كون الأماني بمعنى التقدير حكاه الماوردي قولًا رابعًا. انظر النكت والعيون ١/ ١٥٠.
(٣) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده من العشرة، انظر المبسوط/ ١٣١/، والنشر ٢/ ٢١٧.
(٤) الأثافي: أحجار القدر.
(٥) انظر في إعراب (ويل): معاني الأخفش ١/ ١٢٥ - ١٢٦.