Littafin Faraid
كتاب الفرائد في معرفة الحي الواحد
Nau'ikan
قوله: (وهم غير داخلين في الشفاعات)هذا مذهب جمهور المعتزلة وقال بعض المرجئة: لا يدخل فيها إلا العاصي واحتجوا بما روى عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- [ ]((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )) (1) واحتج الأولون (وبقول) بدليل:[ ] { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } من الآيات وجوز هذه الآية بتجويز ظاهرها عنه قالوا أو لا تكون الشفاعة إلا للتائبين بالزيادة على ما يستحقونه وتكون شفاعته كشفاعة الملائكة التي وصفها الله تعالى بقوله:[ ] { إلا لمن ارتضى } (2) واستشهدوا على ذلك بقوله تعالى:[ ] { ويستغفرون للذين أمنوا } إلى قوله:[ ] { فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } (3) فبطل قول المرجئة بامتناع الشفاعة عن من لا ذنب له ويؤيد بعض قولهم أنه يحسن منا طلب الدخول في شفاعته -صلى الله عليه وآله وسلم -فلو لم يكن إلا المذنب كان طلبا للذنب وعارض الجمهور حديث المرجئة قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-[ ]((ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )) (4) وقولوا حديثهم أن الغرض إذا تابوا قال مولانا (5) -عليه السلام- أما أنا فأجوزها للمذنب التائب بالزيادة[18ب-أ] على ما يستحقه وأنا أخرج عن جميع الإدامات لأن الطالب للدخول في الشفاعة على كلامنا إن كان مستحقا محسنا فهو طالب للزيادة وأما الحديثان فيصح حدوث المرجئة ونقول أن معنى فإن معظم شفاعتي وكثرها لأهل الكبائر من أمتهم أكثر ممن يأتي خالصا عنها وتناول الحديث الأخر أن المراد بأهل الكبائر هنا الذين خصصهم -صلى الله عليه وآله وسلم- ونص على أنهم لا يدخلون في شفاعتي ما صح البهيمة وسنشير إلى ذلك.
وأما الآية وعيد وآيات الوعيد كثيرة يمكن بأن الوعد أكبر وكذلك الأخبار كما سنذكره وصرف التأويل إلى جانب الوعد حتى من صرفه إلى جانب الوعيد لوجهين أحدهما:
أن يرجح الوعد مرجح توهم الوعيد كعسة الكرم أولى خصوصا في حق من لا أكرم.
وثانيها: أن العاصي المصدق قد أتى بأعظم الطاعات وأكبرها وهو الإيمان ولم يأت بأعظم المعاصي وهو الشرك، فوجب أن يرجح جانب الوعد له على جانب الوعيد وبيان ذلك المالك إذ أتى عنده بأعظم طاعته وارتكب بعض معاصيه دون الغاية فلو رجح تلك المعصية الحقيرة على تلك الطاعة العظيمة لعبد لمأمورنا بعيدا عن الكرم وذلك على أكرم الأكرمين وأرحم الرحمين بحال، فثبت رجحان جانب الوعد فإن خصمه فجوز العفو من دون شفاعة لأجل ما ذكرت.
قال لا جوازة لو ذلك يؤدي إلى تعظيم من لا يستحق التعظيم وقد ثبت قبحه وإن قال خصمه فتعظيم من لا يستحق التعظيم حاصل أيضا فيما ذهب إليه قال لا لأن تعظيم المشفوع له في الحقيقة هو تعظيم للشفيع ألا ترى أنك إذا شفع إليك والدك بتخليص محبوس للهيبة وكسوته ورفعت بمنزلته، فإن العقلاء يعلمون أن ذلك تعظيم لوالدك بلا ريب لا له والمشفوع له يعلم ذلك أيضا فاليوم أن المشفوع له يدخلها على وجه الإجلال والتعظيم كما ذكرنا.
Shafi 75