لقد تعرض مفهوم الشكل حقا لابتذال كثير وسوء فهم فادح، والتصقت به دلالات سلبية ليست منه وليس منها، وتقول عليه المتقولون وكأنه نقيض المضمون لا جسده، أو كأنه ضد التجديد لا شرطه وحاديه وروحه الحارس، ليس لمفهوم الشكل الدال علاقة بالصراع الأزلي بين الجموح والعقل، بين التلقائية والنظام، بين الجانب الديونيزي والجانب الأبولوني في الفن؛ ففي ذلك خلط بين الشكل الخارجي الآلي والشكل الداخلي العضوي، فليتمرد من شاء على القوالب القديمة المستهلكة، وليجدد ما شاء له تدفقه واندفاعه؛ فكل تجديد يحمل في ثناياه شكله الخاص، ولن يتسنى لأحد أن يتمرد على الأشكال القديمة إلا بأشكال جديدة، ولن يكون له أن يجدد في الشكل إلا بالشكل.
الفن خير
يقدم كلايف بل في فصل «الفن والأخلاق» تحليلا لمفهوم «الخير» يسترشد فيه بحدسية جورج مور
G. Moore
في كتابه الذائع الصيت «مبادئ علم الأخلاق»
، ويخلص منه إلى نتيجة مفادها أن الحالات الذهنية الخيرة هي وحدها خير كغاية في ذاتها، ويترتب على ذلك أن علينا لكي نبرر أي نشاط إنساني تبريرا أخلاقيا أن نتساءل: هل هذا النشاط هو وسيلة إلى حالات ذهنية خيرة؟ أما في حالة الفن فإن جوابنا سيكون فوريا وقائما على خبرة وجدانية حقيقية؛ فالفن ليس فقط وسيلة إلى حالات ذهنية خيرة، بل ربما يكون أقوى الوسائل التي في حوزتنا وأكثرها مباشرة، إنه أكثرها مباشرة؛ لأنه لا شيء أسرع منه تأثيرا في الذهن، وأكثرها قوة لأنه لا توجد حالة ذهنية أكثر امتيازا وشدة من حالة التأمل الإستطيقي، وأنت حين تعد أي شيء عملا فنيا فإنك تقيم حكما أخلاقيا خطيرا؛ لأنك بذلك تعده وسيلة مباشرة وفعالة إلى الخير بحيث لا يعوزنا أن نكرث أنفسنا بأي شيء من نتائجه المحتملة.
الفن والمجتمع
للفن آثار اجتماعية هائلة، فهو يغير شخصيتنا وتجربتنا في المجالات غير الإستطيقية للحياة، ويجعلنا أكثر حكمة وسموا، ويعمق رؤيتنا لذواتنا وذات الآخرين، إن للفن وجها موضوعيا أساسيا وبعدا «بينذاتيا»
intersubjective
يدخل في صميم ماهيته؛ فالمبدع والمتلقي «متضايفان»
Shafi da ba'a sani ba