199

Falsafat Karl Buber

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

Nau'ikan

فالفلسفة - وهي مهمتها التحديد - لم تحدد لنفسها مجالاتها، فأخذت تصول وتجول حيث تشاء، حتى ضاق بها الجيران، وأخذوا يطردونها من أراضيهم واحدا بعد الآخر، بادئين بالطبيعة منتهين بالاجتماع والنفس، ولم يبق أمامها إلا العلوم المعيارية والميتافيزيقا والمنطق.

أما العلوم المعيارية (= الأخلاق والجمال)، فما هي إلا عبارات وجدانية انفعالية، لا تزيد عن ضحكة الضاحك أو صرخة المتألم، فلا ترقى بالطبع إلى أن تكون علوما، أما الميتافيزيقا فما هي إلا جلبة أصوات بغير معنى، إذن لم يبق للفلسفة ميدان جدير بحق البقاء إلا المنطق، فعليها أن تتمسك به وتجعله شغلها الشاغل، والعقل البشري لم يعد ينشغل إلا بالبحوث العلمية، فإذا أرادت الفلسفة لنفسها البقاء، فما أمامها إلا سبيل واحد هو تطبيق منطقها على العلم، أي تجعل نفسها منطقا للعلم، أو فلسفة له، وبهذا تصبح الفلسفة علمية.

ثالثا: القضية إما تحليلية أو تركيبية (أ)

لقد كانت العلوم الرياضية - بما تنطوي عليه من ضرورة الصدق المطلق - تمثل عقبة كئودا في وجه التجريبيين، فمبدأ التجريبية الأساسي هو أية قضية مفهومة، ولها محتوى معرفي لا بد أن تكون قائمة على أساس الخبرة، لكن من الواضح أن العقل في الرياضة يستقل بنفسه عن التجربة، فتكون النتيجة قضايا يقينية الصدق. فبأي عقل، وبأي منطق نفضل عن هذا المنهج المستقل عن التجربة - أي منهج الرياضة الذي تقتفي خطاه الميتافيزيقا - منهجا آخر يعتمد على التجربة، فتجيء نتائجه وهي العلوم الطبيعية، في قضايا احتمالية الصدق، والواقع أن التجريبيين لم يكونوا جميعا بجرأة مل وصلابته التجريبية، حتى يزعموا معه أن قضايا الرياضة ما هي إلا تعميمات تجريبية،

5

وربما كانت هذه العقبة هي التي منعت التجريبيين طوال خمسة وعشرين قرنا - هي عمر الفلسفة - من اتخاذ موقف شديد التطرف، كموقف دائرة فيينا. (ب)

وكتاب برنكبياما تيماتيكا هو الذي أتاح للدائرة هذا الموقف، حين تمكن من تبيان الخاصة التكرارية للقضايا الرياضية، وكيف أن شق القضية الأول يشير إلى عين ما يشير إليه شقها الثاني تبعا لما اصطلحنا عليه من دلالات الرموز، أنها تحصيل حاصل، فارغة من المحتوى المعرفي، لا تدعي أدنى إخبار عن الواقع، وكانت هذه النتيجة هي الأساس الذي انطلقت منه رسالة فتجنشتين مقررة أن الصورة المنطقية للقضية الرياضية: «أ» هي «أ»؛ أي لا تقول شيئا أكثر من إثبات ذات الهوية، عكس قضايا العلوم الطبيعية، فهي إخبارية وتتخذ الصورة المنطقية: «أ» هي «ب». (ج)

ومن هذا المنطلق كان تقسيم الوضعية المنطقية الشهير للعبارات أو الجمل أو سائر ما يتمثل في الصور النحوية إلى قسمين: (1)

العبارات ذات المعنى

Meaningful ، وهي إما العبارات التحليلية، أي قضايا العلوم الصورية (= المنطق والرياضة)، وإما القضايا التركيبية القائمة على الخبرة (= قضايا العلوم الطبيعية والتجريبية). (2)

Shafi da ba'a sani ba