Falsafar Ibn Sina
الناحية الاجتماعية والسياسية في فلسفة ابن سينا
Nau'ikan
70
العالم الأرضي وخليفة الله فيه.
71
تحليل
في الفصل الأول الذي عقده «ابن سينا» لإثبات النبوة وكيفية دعوة النبي لله والمعاد، نجده يذكر أن الإنسان يفارق سائر الحيوانات بأنه لا تحسن معيشته لو انفرد وحده؛ إذ لا بد من أن يكون الإنسان مكفيا بآخر من نوعه، كل منهم يخدم الآخر في ناحية من نواحي الحياة، ومن أجل هذا كان مضطرا إلى عقد المدن والاجتماعات، حتى يكون بعضهم لبعض وإن لم يشعروا خدم.
1
ويخلص من هذا بأن يستنتج بأنه لا بد إذن في وجود الإنسان وبقائه من مشاركة، وأنه لا تتم هذه المشاركة إلا بمعاملة الناس بعضهم لبعض، ولا بد في المعاملة من أن تكون على أساس من سنة وعدل، ولا بد للسنة من شارع يجيء بها وعادل يجريها كما يجب، وهذا لا بد أن يكون إنسانا. والنتيجة لهذا كله بيان أنه من الضروري أن يوجد نبي يرسله الله للناس بهذه السنة والعدل، وأن هذا النبي يجب أن يكون إنسانا لا ملكا من الملائكة.
وهذا النبي إذا وجد يجب أن يسن للناس من السنن والشرائع، بإذن الله ووحيه، ما تصلح أمورهم دنيا وأخرى، ومنها يعرفون أن لهم صانعا واحدا قادرا من حقه أن يطاع أمره، وأنه لا نظير له ولا شريك. كما يجب عليه أن يعرف الناس جلال الله وعظمته برموز وأمثلة مما يعرفون؛ إذ لا بأس من اشتمال خطابه على رموز وإشارات تدعو المستعدين بالفطرة للبحث والنظر. وأخيرا، يجب أن يقرر عندهم المعاد للحياة الأخرى على وجه تسكن إليه نفوسهم.
وفي الفصل الثاني الذي خصصه لبيان الهام من العبادات التي يجب أن يأتي بها هذا الرسول، وبيان منفعة هذه العبادات في هذه الدار الدنيا والدار الأخرى، نرى فيلسوفنا يذكر أنه يجب أن يعمل النبي لبقاء ما يسنه ويشرعه من تشريعات مختلفة تتناول المصالح الإنسانية عامة. على أن يكون الأصل في هذا العمل على استمرار الناس على معرفتهم بالصانع والمعاد في الدار الأخرى، وذلك يكون بما يفرضه عليهم من العبادات التي تتكرر، فيحصل لذلك تنبيه لهم إلى ما يريد، وذلك مثل الصلاة والصوم. وكذلك يجب أن يشرع لهم ما يذكرهم به دائما، وذلك يكون بالحج إلى مأواه ومقره حيا وميتا.
وكذلك يجب عليه أن يعمل لتأكيد سعادة الناس دنيا وأخرى، وذلك بما يكون من شأنه تنزيه النفس عن الخبيث من الطباع والقول والعمل، وهذا التنزيه يحصل بأخلاق وملكات تكتسب بأفعال من شأنها أن تصرف النفس عن البدن والحس، وتديم تذكرها للمعدن الطيب الشريف الذي لها.
Shafi da ba'a sani ba