Falsafar Kimiyya a Karni na Ashirin
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Nau'ikan
أجل! يقال: إن التاريخ هو الأب الشرعي للعلوم الإنسانية جميعا، وواحد من أقدم المجالات التي انشغل بها العقل تعبيرا عن اهتمام إنساني خالص هو اهتمام بالماضي البشري، إلا أن التاريخ كان دائما - ولعله لا يزال إلى حد ما - متمحورا حول ما يمكن أن نسميه بالتاريخ السياسي، قيام الإمبراطوريات وسقوطها، الحروب ونواتجها، صراعات الدول والعائلات والأفراد على السلطة، والسيطرة على الحكم ... ولم تحظ بقية جوانب الحضارة الإنسانية بنفس القدر من الاهتمام، ولم يكن تاريخ العلم أفضل حالا، بل لعله الأسوأ حظا؛ نظرا لما صدرنا به الحديث من تضارب علاقة العلم بماضيه واتجاهه دوما نحو المستقبل.
وبالتالي كانت مباحث تاريخ العلم متروكة كنشاط هامشي للهواة من العلماء المحترفين الذين رأوا فيه ما يستهويهم ويجذبهم بصفة شخصية ويعينهم على اجتذاب طلبتهم بأحاديث شيقة، أو على توضيح أصول لمفاهيمهم. ولا يختلف الحال إذا كان هؤلاء العلماء ذوي إسهامات فلسفية، أي فلاسفة للعلم واهتموا بتاريخه، كما فعل إرنست ماخ
E. Mach (1828-1916م) وبيير دوهيم
(1861-1916م) مثلا؛ لأن فلسفة العلم - كما أشرنا - سادها آنذاك إهمال للبعد التاريخي، فكانت مباحثهم التاريخية أيضا نشاطا فرديا جانبيا على هامش نظرياتهم الفلسفية، مثلما كانت على هامش البحوث العلمية.
وهذه المحاولات الفردية كانت تقتصر على فرع واحد محدد من التخصصات، كتاريخ الرياضيات وتاريخ الكيمياء وتاريخ البصريات. وقد اهتم ماخ بتاريخ الميكانيكا، بينما اهتم دوهيم بتاريخ الإستاتيكا وتاريخ الفلك، ولم يكن هناك اهتمام بتاريخ العلم أو تاريخ المعرفة الوضعية ككل إلا من بعيد في إطار الاهتمام الفلسفي العام الذي تنامى منذ عصر التنوير بمراحل تطور العقل البشري.
وفي هذه المرحلة الكلاسيكية التي استمرت حتى نهايات القرن التاسع عشر، إذا بحثنا عن وعي بأهمية تاريخ العلم خارج إطار بحوث العلم وفلسفته - أو بالأحرى خارج هوامشها - فسوف يستوقفنا عالم الرياضيات النابغة وليم كنجدون كليفورد
W. k. Clifford (1845-1879م) الذي أصبح إبان حياته القصيرة أستاذ الرياضيات التطبيقية في جامعة كمبردج العريقة ذات القدح المعلى في الرياضيات، وهو أول من تكفل بعرض هندسة ريمان - هندسة السطح المحدب - في بريطانيا وبحث طوبولوجيا المساحات فيها، وله أيضا أبحاث متميزة في الجبر. وفي كتابه الصادر عام 1878م قبيل رحيله، أوضح كليفورد خطورة الاقتصار على تدريس العلوم الحديثة واعتبارها الثقافة الشاملة، مع الجهل بماضي العلم، ورأى كليفورد أن مباحث تاريخ العلم من شأنها أن تردم الهوة التي انشقت وتعمقت بين الدراسات العلمية الحديثة وبين الدراسات الإنسانية، كما تعبر عنها الفنون الحرة والآداب.
2
ويمكن اعتبار دعوى كليفورد هذه إرهاصا ومقدمة للقضية الهامة التي فجرها فيما بعد لورد سنو
C. P. Snow
Shafi da ba'a sani ba