Falsafar Kimiyya a Karni na Ashirin
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Nau'ikan
وضع كوبرنيقوس نظريته في كتابه الشهير «دوران الكرات السماوية
Revolution Orbium Coelestium » وظل مترددا في إكماله ونشره، حتى جاءه وهو على فراش الموت عام 1543م، ودون أن يعلم كوبرنيقوس الذي كان يحتضر، حملت الطبعة الأولى للكتاب مقدمة كتبها اللاهوتي أندرو أوسياندر
A. Osiandre ، يحاول فيها المصالحة بين محتوياته وبين الدين، على أساس أنها مجرد فروض وليست حقيقة، ويظل اليقين من نصيب الدين فقط. ومع هذا كفر البابا كوبرنيقوس من أجل كتابه، الذي يناقض ما نصت عليه الكتب المقدسة من أن الأرض ثابتة وهي مركز الكون. ونشطت محاكم التفتيش في أعقاب حائزيه ومؤيديه، لكن بعد أن فجر ثورة عارمة أعلنت نهاية العلم القديم وبداية العلم الحديث، إنها الثورة الكوبرنيقية التي أزاحت الأرض من مركز الكون، ووضعت الشمس بدلا منها.
وعلى الرغم من كل هذه التضمنات الثورية، كانت نظرية كوبرنيقوس مجرد نظرية هندسية، تفتقر إلى الأدلة التجريبية، ولا تدعمها إلا حجة البساطة. لا شك أن البساطة قاعدة منهجية ومنشودة دوما، لكنها وحدها لا تكفي، فضلا عن اعتراضات أخرى أثيرت في وجه النظرية ولم يستطع العلم الفلكي والميكانيكي بحالته الكائنة أيام كوبرنيقوس أن يواجهها، منها مثلا أن الجسم الساقط عموديا في الهواء يجب أن يقع غرب نقطة سقوطه إذا كانت نظرية كوبرنيقوس صحيحة والأرض تتحرك، وهذه حجة ظلت غير قابلة للدحض حتى أرسى جاليليو أساس الديناميكا الحديثة. وأيضا لو صحت النظرية لوجب أن تكشف النجوم عن اختلاف في مستوى مرآها بالنسبة لمكان الناظر يرجع إلى 186 ألف ميل هي الاختلاف في وضع الأرض كل ستة أشهر، ولم تتم الإجابة على هذا التساؤل حتى اكتشف بيزيل
Bessel
هذا الاختلاف بالنسبة لمكان الناظر عام 1838م، وهذان المثالان نموذج لاستنباطات عديدة من نظرية كوبرنيقوس جعلت الأدلة التجريبية تعارضها؛ لذلك، فبصرف النظر عن أن الكتب المقدسة تعارضها، فقد رفضتها العقول النيرة عبر أوروبا بأسرها، خصوصا العقول ذات المنزع التجريبي، إنهم لم يجدوا مبررا لتقبل ثمرة من ثمرات الخيال الجامح.
19
وجاء الفلكي الدانمركي تيخو براهة
T. Brahe (1536-1601م) ليزود النظرية الكوبرنيقية ببعض الأدلة التجريبية، كان تيخو أيضا رياضيا متمكنا، لكنه لم يكن عبقرية خلاقة ولا حتى عقلية علمية جريئة، وحسبه ما تمتع به من موهبة وصبر نادر في إجراء الملاحظات والرصودات الفلكية، فتكمن قيمته العلمية في محاولاته لتحسين المشاهدات الفلكية، وفي أنه أول من رأى بوضوح وجوب الحصول على معلومات تجريبية وإجراء مشاهدات منتظمة على امتداد سنوات طويلة. وعلى مدار عشرين عاما من 1576م إلى 1596م، واظب تيخو بمعاونة هيئة من مساعديه على مراقبة أوضاع الشمس والقمر والكواكب. استخدم آلات متطورة صنعت بعناية تحت إرشاده، فنجح في تقليل التفاوت في دقة المقاييس. وهذا النجاح في البحوث التجريبية لم يحالف تيخو في بحوثه النظرية. كان منتبها بالطبع إلى نقائص نظام بطليموس، ومدركا للتقدم الذي أحرزه كوبرنيقوس وأخذ بنظرية هذا الأخير مبقيا على أن المدار دائري، لكنه رفض حركة الأرض لأسباب بعضها لاهوتية وبعضها فيزيقية، فحاول التوفيق بين النظامين البطلمي والكوبرنيقي باختراع «نظام تيخو» الذي حافظ على الوضع المركزي الساكن للأرض، بينما تصور الكواكب تدور حول الشمس.
20
Shafi da ba'a sani ba