157

Falsafar Kimiyya a Karni na Ashirin

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Nau'ikan

15

وأيضا الفيلسوف الكبير ألفرد نورث هوايتهد، أستاذ رسل ورفيقه في «برنكبيا ماتيماتيكا» وصاحب الرؤية العضوية العميقة للطبيعة في إطار فلسفة شاملة للعلم، كان هو الآخر أستاذ رياضيات بارزا في كمبردج ولندن، وانتقل من الرياضيات إلى أصولها إلى المنطق الرياضي والفلسفة المنطقية، ثم الفلسفة إجمالا حتى فلسفة الحضارة وفلسفة التربية، وسافر عام 1924م إلى جامعة هارفارد العريقة أستاذا للفلسفة بها ومكرسا لها بقية حياته، وهو لم يتلق دراسة نظامية في الفلسفة، ولا حصل على شهادة فيها.

تأثير المنطق كقوة جذب للعقول النابهة من رحاب الرياضيات إلى رحاب الفلسفة لا يقتصر على طبقة وايتهد ورسل وفتجنشتين، بل حدث كثيرا حتى كان مألوفا في ألمانيا - كما يخبرنا فون رايت - أن يهجر الطلبة النابهون أقسام الرياضة ذاهبين إلى الفلسفة بفعل سحر المنطق.

وفيما بعد خف هذا كثيرا، وكما أوضحت ثورة العلوم الرياضية في الفصل السابق، مثلت مبرهنة كورت جودل التي طرحت في أوائل الثلاثينيات منعطفا حادا في توجهات العقل الصوري. وبعدها فقد البحث في أصول الرياضيات كثيرا من سحره وجاذبيته، وفقدت الأحلام العظيمة للمنطقيين والصوريين والحدسيين بهاءها ورونقها، لكن بعد أن تخلف عنها هذا العلم المهيب: المنطق الرياضي الذي أجادت فلسفة القرن العشرين تشغيله واستثماره والاستفادة منه. ومن قبل ومن بعد، فإن المنطق الرياضي نهض على أكتافه عملاق القرن العشرين والقرون التالية - أي الكومبيوتر - في برمجياته أو جانبه المرن

Soft-Ware

وفي عتاده أو جانبه الصلب

hard-ware

على السواء.

وإذ يودعنا القرن العشرون، يبدو المنطق - كما يلاحظ فون رايت - وكأنه يلحق بمصير مباحث عديدة - بدءا من الفيزياء ووصولا إلى علم النفس - تنفصل عن الفلسفة وتصبح علوما مستقلة. فلم يعد المنطق الآن مرتبطا بالفلسفة كما كان طوال تاريخه، وبعد تطوراته المتتالية أصبح علما مستقلا ووثيق الصلة بالرياضيات وبعلوم أخرى استحدثت على مسرح القرن العشرين مثل علوم الكومبيوتر والدراسات المعرفية والسيبرناتيكا واللغويات العامة، وجميعها أصبحت مباحث تنحدر بشدة تجاه الرياضيات، إلا أن فون رايت يقول:

إن الفلسفة تزدهر في غسق الغموض، وستظل ثمة جوانب غامضة في المنطق في حاجة إلى جهود الفلاسفة، فلن ينفصل عن الفلسفة أبدا، وسيظل الفلاسفة يجدون في المنطق نسيجا لأثواب ميتافيزيقية قشيبة، ولكن لا أعتقد أن المنطق سوف يلعب مرة أخرى دورا جسيما وهائلا كهذا الذي لعبه في فلسفة القرن العشرين. فقد كان القرن العشرون العصر الذهبي للمنطق.

Shafi da ba'a sani ba