Falsafar Kimiyyar Halittu: Gabatarwa Mai Gajarta
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
على الرغم من ريادة داروين في تناولها في وقت مبكر، ظلت مسألة مستويات الانتخاب خاملة لسنوات عديدة قبل أن يعيد علماء الأحياء إيقاظها في ستينيات القرن الماضي. كان أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو كتاب نشره جورج إس ويليامز عام 1966 بعنوان «التكيف والانتخاب الطبيعي». كان هدف ويليامز المعلن هو أن يدخل شيئا من «الانضباط» على علم الأحياء التطوري. كان ما يثير قلقه هو وجود اتجاه منتشر بين علماء الأحياء في ذلك الوقت ينظر إلى التكيف من حيث منفعة الجماعة لا الفرد، غير مدركين على الأغلب أن الانتخاب الفردي لن يؤدي بالضرورة إلى نتائج مفيدة للمجموعة. أصبح هذا النهج الخاطئ للتفكير، الذي كشفه ويليامز بكفاءة، يعرف باسم «الانتخابية الجماعية اللاواعية» أو «مغالطة صالح الجماعة».
لتوضيح وجهة نظر ويليامز، لنتأمل حجة قدمها كونراد لورينز، عالم الأحياء النمساوي الحائز على جائزة نوبل عن أبحاثه الرائدة في سلوك الحيوان. أراد لورينز تفسير ظاهرة القتال الشكلي عند ذكور الغزال. يتواجه الذكران المتنافسان على الإناث مشابكين قرونهما الضخمة، ولكنهما نادرا ما يشتبكان في قتال فعلي. تساءل لورينز لماذا لا يقتل الغزال الأقوى منافسه؟ وكانت إجابته أنها ستكون خسارة للنوع إذا اشتبك الذكور في القتال مع رفقائها من نفس النوع على نحو متكرر. هل هذا تفسير جيد؟ ذهب ويليامز إلى أنه ليس كذلك. قد يكون في تقاتل الذكور خسارة للنوع فعلا، لكن هذا ليس سبب عدم اقتتالهم. أصر ويليامز على أن التفسير الصحيح يجب أن يوضح سبب كون هذا السلوك مفيدا للغزال الفرد، وليس لجماعة أكبر ينتمي إليها.
كي نفهم الخطأ في منطق لورينز أكثر، لنستعرض تشبيها. هب أن عالم أحياء يرغب في تفسير سبب امتلاك ديدان الأرض وظائف حيوية تمكنها من الحفر بكفاءة في التربة. تأمل الإجابة التالية: «يساعد الحفر في تهوية التربة، مما يحسن الصرف، مما يفيد النظام البيئي المحلي. ومن ثم، طور الانتخاب الطبيعي الوظائف الحيوية اللازمة للحفر لدى ديدان الأرض.» هل هذا تفسير جيد؟ يمكن القول إنه ليس كذلك. صحيح أن الحفر يؤدي إلى تهوية التربة، وهو ما يفيد النظام البيئي المحلي فعلا، إلا أن «هذا ليس سبب تطور سلوك الحفر لدى ديدان الأرض». كي يعد التفسير جيدا، يجب أن يوضح السبب الذي يجعل سلوك الحفر والوظائف الحيوية التي تسمح به مفيدا بالنسبة لدودة الأرض نفسها، لا لكيان أكبر كالنظام البيئي. كان هذا هو مقصد ويليامز الرئيسي.
عند طرحه لهذه الحجة، كان يفترض ويليامز أن الصفات محل البحث - مثل القتال الشكلي وفسيولوجيا دودة الأرض - تطورت عن طريق الانتخاب على مستوى الفرد. باعتبار هذا الافتراض، فمن الواضح أن وجهة نظر ويليامز صحيحة. إذ إن الانتخاب الفردي سيؤدي إلى تطور الصفات المفيدة على مستوى الفرد؛ مثل هذه الصفات قد تكون أو قد لا تكون، في المجمل، ذات فائدة للجماعة أو النوع الذي ينتمي إليه الفرد. وحتى إذا كانت هذه الصفات مفيدة للمجموعة، فهي ليست حالة تكيف جماعي حقيقية، بل هي ما أسماه ويليامز «الفائدة الجماعية العارضة». لملاحظة هذا الفارق، لنتأمل مجددا قدرة الفهد على العدو بسرعة. قد تحمل هذه الصفة بالفعل فائدة لصالح نوع الفهود ككل، إذ تساعدها على تجنب الانقراض، لكن ليس هذا هو السبب الذي أدى إلى تطور صفة العدو السريع لدى الفهود. العدو السريع هو صفة تكيفية لدى الفهود المنفردة، يصادف أنه مفيد للجماعة أيضا، لكنه ليس تكيفا على مستوى الجماعة. جادل ويليامز بأن عدم إدراك هذه النقطة المنطقية قد أدى إلى ارتباك كبير في علم الأحياء.
كان ويليامز يدرك أن الانتخاب على مستوى الجماعة ممكن الحدوث؛ وأنه إذا حدث، فسيؤدي إلى تكيف جماعي حقيقي، أي تطور الميزات المفيدة للجماعة لأنها مفيدة للجماعة. ولكنه جادل بأنه من غير المرجح أن يكون الانتخاب الجماعي عاملا مهما في التطور. هذا لأن المدة الزمنية لجيل من الأفراد عادة ما تكون أقصر من تلك التي للمجموعات، لذا فالانتخاب الفردي هو بطبيعته الأكثر تأثيرا. من ثم ذهب ويليامز إلى أنه يجب على علماء الأحياء عدم اللجوء إلى حجة انتخاب المجموعة ما لم يكن ذلك ضروريا للغاية. هذا الجانب من حجة ويليامز أكثر إثارة للجدل من حجته المنطقية المذكورة أعلاه (المقبولة على نطاق واسع). يوافق العديد من علماء الأحياء ويليامز في أن الانتخاب الجماعي له تأثير تطوري ضعيف، وأنه توجد نماذج رياضية تدعم هذا الاستنتاج؛ ومع ذلك توجد أقلية معتبرة تختلف مع هذا. فإجابة هذا السؤال لم تحسم بعد.
ماذا عن الإيثار؟ كما رأينا، فإن السبب التقليدي للانجذاب إلى الانتخاب الجماعي كان تفسيره لكيفية تطور الإيثار، باعتبار أنه غير مفيد على مستوى الفرد. لكن إذا لم يكن الانتخاب الجماعي هو الإجابة، فما هي إذن؟ هذا سؤال يقودنا مباشرة إلى فكرة انتخاب الأقارب، وهي من أشهر أفكار علم الأحياء التطوري في القرن العشرين.
انتخاب الأقارب
الفكرة الأساسية لانتخاب الأقارب واضحة ومباشرة. تأمل جماعة تضم نوعين من الكائنات الحية، الإيثارية والأنانية، يسلك كل منهما سلوكا مختلفا تماما. يأتي الأفراد الإيثاريون بأفعال مكلفة بالنسبة لهم لكنها تفيد الآخرين، مثل تنبيههم لوجود خطر. بينما لا يأتي الأفراد الأنانيون بمثل تلك الأفعال. دعنا نسأل: أي النوعين سيفضله الانتخاب الطبيعي؟ إذا استبعدنا احتمال الانتخاب الجماعي، فسيبدو أن الانتخاب سيفضل الفرد الأناني. فالأفراد الأنانيون يستفيدون من وجود أفراد آخرين إيثاريين في الجماعة دون تكبد أي تكلفة. فبالتالي يفترض أن ينحي الانتخاب الطبيعي الأفراد الإيثاريين.
هذه الحجة صحيحة، لكنها تستند إلى افتراض محوري. إذ تفترض أن الأفراد الإيثاريين يساعدون أفراد الجماعة الآخرين دون تمييز، أي إن أفعالهم الإيثارية تعود بالنفع على الأفراد الإيثاريين والأنانيين على حد سواء. وهو افتراض يحتمل الصحة والخطأ. لكن ماذا لو افترضنا أن الإيثاريين يميزون؛ أي إنهم يفضلون مساعدة الإيثاريين الآخرين بينما يمتنعون عن مساعدة الأفراد الأنانيين. عندئذ سيختلف الوضع تماما. فعلى الرغم من أن الإيثاريين في تلك الحالة يتكبدون تكلفة لا يتكبدها نظراؤهم الأنانيون، فإن منافع أفعالهم الإيثارية حينئذ ستعود على الإيثاريين الآخرين، لا على جميع أفراد المجموعة. نظريا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى موازنة التكلفة، مما يؤدي إلى تطور الإيثار.
الطريقة الأكثر بديهية لنشأة تلك المعاملة التفضيلية هي أن يساعد الإيثاريون أقاربهم البيولوجيين. لما كان الأقارب يتشابهون وراثيا، فإذا اخترنا أي جين في فرد إيثاري، فهناك احتمال يفوق العشوائي لامتلاك قريبه نسخة من هذا الجين أيضا. الآن بما أننا حددنا أن سلوك الإيثار متأصل في الفرد، فلا بد أن يكون له أساس وراثي، أي لا بد أن يكون هناك جين «مختص» بالإيثار. (هذا اختصار لمقولة تفصيلها «جين يهيئ الكائن الحي للتصرف بإيثار في ظروف معينة».) بالتالي، بوجود احتمال يفوق العشوائي، فإن أقارب الفرد الإيثاري سيكونون هم أيضا حاملين لجين الإيثار؛ وبهذا يكون التأثير المجمل لفعل الإيثار هو زيادة انتشار جين الإيثار بين أفراد الجماعة. باختصار، إذا كان الأفراد الإيثاريون يساعدون أقاربهم البيولوجيين بدلا من أفراد من المجتمع مختارين عشوائيا، وإذا كان للإيثار أساس وراثي، إذن فإن الانتخاب الطبيعي يمكن أن يؤدي إلى تطور الإيثار.
Shafi da ba'a sani ba