11
كتابه «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق» بفصل ممتع في النفس الإنسانية وطبائعها وقواها المختلفة، وهكذا صنع الغزالي في كتابه «الإحياء». (5-2) الأخلاق والمنطق
لكل من العلمين صلة بالآخر تتجلى فيما يلي: (1)
كل منهما يبحث في ناحية معينة من نواحي قوى النفس، فيبحث المنطق في التفكير والأخلاق في الإرادة وما يصدر عنها من أعمال. (2)
كلاهما علم مقياسي، فكما يبحث المنطق عن مقياس للحقيقة يبحث علم الأخلاق عن مقياس لسلوك الإنسان. (3)
يعمل كل منهما على وجوب الاتفاق مع المقياس الذي ينتهي إليه، فيعمل المنطق لاتفاق الذهن في تفكيره مع مقياس الحقيقة، والأخلاق تقول بوجوب اتفاق السلوك ومقياس الخير. (5-3) الأخلاق والاجتماع والاقتصاد السياسي والسياسة
هذه العلوم، بإضافة علم القانون إليها، من الممكن أن نقول عنها إنها العلوم الاجتماعية؛ إذ إنها تعنى بدراسة الإنسان في المجتمع، وإن كان كل منها يدرسه من ناحية خاصة، فبينها إذن وشائج وثيقة العرى.
فعلم الاجتماع يدرس المجتمعات الإنسانية وتطورها، والقوانين التي تخضع لها في تطورها وتقدمها أو انحلالها، وبهذا يكشف لنا عن كثير من العوامل التي يتأثر بها المرء في تفكيره وعمله؛ كالأسرة، والأمة، والدين، والمبدأ السياسي، والنظم التشريعية والاقتصادية التي نعيش تحت ظلالها. ومن ذلك يتبين لنا مقدار ما بين العلمين من صلة متينة، حتى حاول كثير من المفكرين في هذا العصر الحديث بناء الأخلاق على دعائم من علم الاجتماع.
والاقتصاد السياسي يدرس حياة الإنسان في المجتمع من ناحية الثروات وتوزيعها والخدمات وتبادلها، وعلم السياسة يدرس كيف تحكم الشعوب حكما به خيرها وسعادتها، وواضح من ذلك أن هذين العلمين إذا لم يؤسسا على أساس متين من الأخلاق الفاضلة لم يكونا أداة لخير الإنسانية، بل عاملا لشر كبير يصيبها.
وما أحسن كلمة سانتهلير في مقدمة كتاب أرسطو في «الأخلاق» في بيان صلة السياسة بعلم الأخلاق، حين يقول:
Shafi da ba'a sani ba