Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Nau'ikan
وإن المرء ليلمس هنا مقدار التحول الذي طرأ على مقولات دارون، ومدى الطابع الجديد المختلف تماما الذي انطبعت به النظرية التطورية، فالطريق الذي سلكه بطلر هو بالتأكيد ذلك الذي يؤدي من الآلية إلى الغائية، ومن الحتمية إلى حرية الإرادة، ومن «النزعة البيولوجية» إلى النزعة الحيوية، ومن الطبيعية إلى المثالية، ومن الانتقاء الطبيعي كما قال به دارون إلى «الدفعة الحيوية
élanvital » الخلاقة كما قال بها برجسون، وفكرة «الطفرة
emergence » عند ألكسندر، بل وإلى التحليل النفسي كما قال به فرويد آخر الأمر، ولم يكن ذلك كله إلا تعبيرا عن شخصيته المتألقة حيوية وذكاء.
31
ولقد كانت فلسفة بطلر إشارة إلى نقطة التحول في المذهب التطوري الطبيعي، وعلامة على حلول ساعة تقرير مصيره، ومع ذلك فإن أفكاره الرائعة، التي توصل إليها بلمحات حدسية أكثر مما استخلصها علميا، لم تثر الاستجابة التي كانت جديرة بها خلال حياته، ولم يكن لها إلا دور ضئيل في العملية الطويلة التي أعيدت بها صياغة فلسفة التطور ووضعت في قالب جديد ابتداء من مطلع القرن العشرين، وقد تضافرت في تحقيق هذه النتيجة قوى متعددة ومتنوعة، تنتمي إلى مدارس وجماعات متباينة، ولكن أقواها وأنجحها وأبعدها أثرا كانت تلك التي ترجع في أصلها إلى فلسفة برجسون، فقد كان كتابه «التطور الخلاق
L’Evolution Créatrice » هو الذي أحدث التحول الحاسم في اتجاه التفكير التطوري؛ إذ إنه رغم بقاء شكل فكرة التطور على ما هو عليه في ذلك الكتاب، فإن مضمونها ومحتواها قد تغير تماما. وأوضح مظهر للهوة الشاسعة التي تفصل بين النظرية القديمة والنظرية الجديدة هو اختبار برجسون النقدي الموجز لسبنسر، وهو الاختبار الذي ختم به كتابه الرئيسي (انظر التطور الخلاق، ص292-299، الترجمة الإنجليزية ص384-391)، فهو هنا يشرح كيف أن المعنى الحقيقي للتطور، بوصفه نموا متقدما
development
قد فات سبنسر تماما. ولقد كان من نتيجة عمل برجسون أن أصبح من المستحيل بعد ذلك قيام فلسفة تطورية بالأسلوب القديم، صحيح أن الأشكال القديمة ما زالت موجودة، ولكنها أشكال لا حياة فيها، ورغم أننا ما زلنا نصادف حتى يومنا هذا متعصبين للمذهب القديم، فإن كل مفكر لديه أي شيء حقيقي يقوله في هذه المشكلات أصبح منذ ذلك الحين يقف - وينبغي أن يقف - في دائرة نفوذ تفكير برجسون.
وهذا يصدق أولا وقبل كل شيء على فلسفة «الطفرة
Emergence » التي أصبحت اليوم جزءا من تراث المذهب التطوري، وهي تكون تيارا ضخما في الفكر الأنجلوسكسوني المعاصر، وترتبط على أنحاء شتى بالمذهب القديم، غير أن ما تتميز به هو أن البرجسونية متغلغلة فيها تماما، ولا يمكن تصورها بدونها. وعلى ذلك فلن نتحدث في هذا المقام عن هذه المرحلة القريبة العهد في النظرية التطورية، وإنما سنعود إلى ممثليها المتعددين في سياقات أخرى، وإذا استثنينا الفكرة الواحدة التي ساهم بها ليويس (انظر: [الباب الأول: المدارس الفكرية المتقدمة - الفصل الثالث: المدرسة التطورية الطبيعية])، فإن أهم ممثليها - أعني مؤسس النظرية - هما ألكسندر ولويد مورجان
Shafi da ba'a sani ba